إنها مصر

لغز اسمه الشباب !

كرم جبر
كرم جبر

لا نعرف عنهم شيئاً، رغم أنهم نصف الحاضر وكل المستقبل، وفى كل بيت لغز كبير اسمه الشباب، وترويضهم أصبح صعباً وأحياناً مستحيلاً، والترويض ليس معناه القمع ولكن مد جسور الحوار والتفاهم.
الدنيا تكون مقلوبة أحياناً، عندما نفاجأ بظواهر شبابية شاذة وغريبة ويصعب تفسيرها، وآخرها فتيات تيك توك، فلم تعد بعض البنات تخجل من ملابسها القصيرة مثلاً، بل تتباهى بالعرى وإغراء الآخرين.
فتيات تيك توك لسن بنات شوارع، كما قرأت فى القضايا المنشورة، ولا يمارسن الأعمال الشاذة بالطرق المعتادة للدعارة - آسف لاستخدام اللفظ - شقة وقواد وزبون، ولكن فتيات متعلمات ويستخدمن سوشيال ميديا بطرق مبتكرة.
وأغرب شيء فى قضايا تيك توك أن الأسرة والعائلة والأب والأخ والأخت لا يرون ذلك عيباً، بل يحتشدون مع المتهمات فى النيابات والمحاكم، ويعتبرهن أبرياء ولم يفعلن شيئاً.
إما العائلة واثقة فعلاً من براءة البنت وتدافع عن اتهامها ظلماً.
أو.. تغيرت المفاهيم، وسقطت مقولة «لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى، حتى يراق على جوانبه الدم».
أو.. ثقافة أجيال تتغير بتغير الظروف، فلم يعد ما كنا نراه عيباً بالأمس، هو بنفس الدرجة اليوم.
أو.. رد فعل من البنات على ظلم المجتمع ومشاكل الزواج والطلاق والعنوسة والبطالة.
أو.. التطلع إلى حياة مادية أفضل على حساب الشرف والأخلاق والعفة.
أو.. ظواهر جديدة تحتاج إلى الدراسة دون أن ندفن رؤوسنا فى الرمال، فأكيد كثير من الشباب والشابات فى حالة تعاطف مع فتيات تيك توك ويدافعون عنهن.
لا نعرف شيئاً عنهم، ويخيم الصمت على البيوت والأسر وأصبح كل يبكى على ليلاه، وتراجع الأب القدوة والأم المدرسة والبيت الكبير الدافئ، الذى يحتوى الجميع، ويضفى على أخلاقهم وسلوكياتهم قيماً نبيلة.
شئنا أم أبينا فهؤلاء هم المستقبل، بعد خمسة أعوام أو عشرة، سوف تختفى وجوه وتظهر وجوه، وهذا الشاب الذى نستنكر بعض أفعاله اليوم، هو الوزير والمسئول والأستاذ والعامل والمهندس وغيره فى المستقبل، وإذا لم يتم تجهيزه بشكل مناسب، سيكون المجتمع مثل القطار الذى يمضى بسرعة كبيرة.. إلى المجهول.
>>>
أجمل شيء كانت تفعله مؤتمرات الشباب السنوية هو التقارب والتفاهم والحوار، وإشعار الشباب بأهميتهم وتأثيرهم فى المجتمع، واشتراكهم فى صنع القرار.
لعن الله كورونا التى عطلت مثل هذه اللقاءات الشبابية، وأتمنى من الله أن نشهد فى نهاية العام المؤتمر الدولى للشباب فى شرم الشيخ، الذى تحول إلى منتدى سنوى رائع يحلم به الشباب، وينتظرون قدومه بفارغ الصبر.
واجبنا أن ندير حواراً مجتمعياً هادفاً، حول هموم الشباب ومشاغلهم وقضاياهم الصغيرة والكبيرة، وأن نجهز للمؤتمر القادم مع مراعاة الإجراءات الاحترازية.. الشباب مشتاقون.