فى الصميم

مصر الإفريقية والأكاذيب الأثيوبية!

جـلال عـارف
جـلال عـارف

الأكاذيب الأثيوبية لا تنتهى وهى تحاول الإضرار بمصر والسودان والمساس بحقوقهما فى مياه النيل. والأسلحة الفاسدة التى تستخدمها «أديس أبابا» فى هذه المعركة كثيرة، ولعل واحدة من أخطر هذه الأسلحة هى محاولة زرع الشقاق بين مصر وأشقائها فى القارة الإفريقية، والزعم البائس بأن مصر لها مطامعها وأنها تتمسك بميراث العهود الاستعمارية فى تعاملها مع قضية مياه النيل!
وتعرف إثيوبيا جيداً أن إمبراطور الحبشة وليس المستعمر هو من وقع اتفاق ١٩٠٢ الذى يضمن حقوق مصر المائية، وأن رئيس وزرائها الأسبق «زيناوى» هو الذى وقع اتفاق ١٩٩٣ الذى يؤكد هذه الحقوق ويرسم صورة للتعاون بين البلدين دون الإضرار بمصالح أى منهما.. وهو ما تتهرب منه إثيوبيا الآن متوهمة أنها تستطيع فرض الأمر الواقع على الشركاء وفى مياه النيل الأزرق، دون حساب للعواقب!
تستخدم إثيوبيا كل الأسلحة الفاسدة فى معركتها، وتحاول تصوير محاولتها الاعتداء على حقوق مصر فى مياه النيل على أنه إنهاء لإرث عهود استعمارية(!!) تتصور إثيوبيا أن شعوب القارة الإفريقية بلا ذاكرة. وأنها ستنسى أن مصر كانت العون والسند لشعوب إفريقيا كلها وهى تخوض معركة التحرر من الاستقلال، وأن القاهرة كانت العاصمة التى يتجمع فيها قادة وحركات التحرر الإفريقى، وأن مصر بقيادة عبدالناصر هى التى وقفت مع شعوب القارة وهى تبنى دولها المستقلة فى أصعب الظروف.
شعوب إفريقيا تذكر ذلك، وتعرف أين كانت تقف مصر، وتعرف أيضا أين كان يقف الآخرون ومنهم إثيوبيا (!!) ولو نظر شركاؤنا فى إثيوبيا على مدى النظر لرأوا فى عاصمتهم تمثال عبدالناصر بين المؤسسين لمنظمة الوحدة الإفريقية، ولو أنصفوا لأنفسهم وللتاريخ لأقروا بأن عبدالناصر هو الذى أقنع ثوار إفريقيا الذين قادوا بلادهم للاستقلال أن تكون «أديس أبابا» هى مقر المنظمة، لأنه كان يدرك أن الحماقات ستستمر، وأن محاولة الوقيعة بين شمال إفريقيا العربى وباقى الأشقاء فى القارة لن تتوقف.. وقد صحت رؤيته!
سوف تسقط الأكاذيب حتماً، لكن سيبقى الدرس الأهم: إن علينا مضاعفة الجهد من أجل توثيق علاقاتنا مع الأشقاء فى إفريقيا فى كل المجالات، وأن يكون واضحاً للجميع أننا حتى فى قضية السد الإثيوبى ننطلق من الشراكة والتعاون لمصلحة الجميع.. بينما ينطلق الطرف الآخر من توهم أن مصلحته تتحقق بالإضرار بالآخرين، وأن قوته تزداد بجعل العداء هو البديل لعلاقات الود والتعاون بين الشركاء فى مياه النيل.