لحظة صدق

سد النهضة ثانى وثالث وعاشر.. لن نستسلم

إلهام أبوالفتح
إلهام أبوالفتح

إلهام أبوالفتح

بدأت أمس الجولة الثالثة فى المرحلة الحاسمة من مفاوضات سد النهضة، بعد تصعيد مصر للقضية أمام مجلس الأمن، والتى تنعقد تحت سمع وبصر 11 مراقبا دوليا بينها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى والاتحاد الأفريقى، هدف التفاوض هو حياة مصر والمصريين،فنحن نتفاوض على حقنا فى الحياة، وإن كان هذا الحق ليس مجالا للتفاوض فى الأساس.. ولكنه حقيقة مؤكدة والشعب المصرى له حق الحياة ولن يستسلم أبدا أو يسلم أو ييأس فحق الحياة لايمكن التراجع عنه أو اليأس دون تحقيقه، ولن يقبل الشعب أبدا أن يقطع شريان حياته وهو حق يكفله القانون الدولى كما تكفله كل الشرائع والأعراف.
والصراع على مياه النيل يمتد عبر آلاف السنين، منذ أيام حتشبسوت وبلاد بونت، كما أنه لن ينتهى، وفى المرات السابقة من مفاوضات سد النهضة كان التفاوض يتم وسط صمت عالمى وضعف مجلس الأمن وتواطؤ بعض الأطراف، لكن الموقف هذه المرة مختلف فالماء هو حياة مصر منذ فجر التاريخ والحق فى الحياة لا يقبل التفاوض، ولا يمكن السماح لكائن من كان بتعطيش مصر والمصريين وقد قالها الرئيس السيسى واضحة وحاسمة: النيل مسألة حياة أو موت!
 لن نستسلم.. وسنتفاوض لأن مصر تعيش خطرا وجوديا تلعب به دولة عضو فى الأمم المتحدة، والخطر يهدد المصدر الوحيد لحياة أكثر من 100 مليون مصرى.. سد النهضة الأثيوبي، هذا المشروع الضخم الذى شيدته إثيوبيا على النيل الأزرق، منتهزة لحظة ضعف تاريخية أثناء الحكم الإخوانى البغيض لمصر مما عرض أمن وبقاء أمة بأسرها للخطر، بتهديده مجرى النيل وهو المصدر الوحيد للحياة، ومع تقديرنا لأهمية هذا المشروع ـ ـ فى تحقيق الأهداف التنموية للشعب الإثيوبي، وهو الهدف الذى نسانده وندعمه، فإنه من الضرورى إدراك أن مشروعاً بهذا الحجم، يهدد مقدرات ووجود ملايين المصريين والسودانيين. ولذلك، فإن ملء وتشغيل السد بشكل أحادى، ودون التوصل لاتفاق ينص صراحة على الإجراءات الضرورية لحماية المجتمعات فى دولتى المصب، وخاصة فى أيام القحط ويمنع إلحاق ضرر جسيم بحقوقهم، سيزيد من التوتر ويمكن أن يثير الأزمات والصراعات التى تهدد الاستقرار فى منطقة مضطربة بالفعل.
ورغم أن مصر لم تصل إلى أى اتفاق مرضٍ بخصوص التعامل وقت الجفاف أثناء ملء السد، ولم ألمح نبرة تفاؤل فى كلمات الدكتور محمد عبد العاطي، وزير الرى والموارد المائية، عقب اجتماع مفاوضات سد النهضة الذى عقد الجمعة الماضى، واستمر لمدة 5 ساعات، إلا أننى لم أفقد تفاؤلى لا ثقة فى جولات الغد أو بعد الغد فقط ولكن ثقة فى الحق وخطوات مصر الواثقة والتصعيد المحسوب، بعد مفاوضات استمرت 9 سنوات على المستوى الثنائى والثلاثى ثم على مستوى دول الحوض ثم جولة مفاوضات واشنطن التى شارك فيها البنك الدولى وانسحبت منها أثيوبيا فى اللحظة الأخيرة لكن الثقة تتعزز بحجم التواجد الدولى بجلسة الأمس التى حضرها 11 مراقبا!
سر تفاؤلى أننا نخوض معركتنا بشرف ونراهن على عدالة وإنسانية مطلبنا وهو ما يتسق مع وصف الرئيس عبد الفتاح السيسى فى خطابه أمام الجلسة المشتركة للبرلمان الأثيوبي، حين راهن على مستقبل: «تُضاء فيه كل فصول المدارس فى إثيوبيا، ويشرب فيه كل أطفال مصر من نهر النيل كعهد آبائهم وأجدادهم».
قديما قالوا ماضاع حق وراءه مطالب، عن تجربة خضنا معارك كثيرة ثقة فى أنفسنا وحبا فى السلام، بالتفاوض كسبنا أرضنا من بين أنياب عدو بنى وجوده على كسب حق الغير، بالسلم كسبنا هويتنا الوطنية من فكى عدو تخصص فى طمس الهويات واسألوا 30 يونيو و3 يوليو التى نعيش أفراحها هذه الأيام!
أقولها.. لن نستسلم.. لو فشلت المفاوضات سنفاوض..ونفاوض.. ونفاوض..
أرواحنا دائما فداء لمصر وحياة شعب مصر.