إنها مصر

للصبر حدود !

كرم جبر
كرم جبر

مصر لم تكن طرفاً فى الحروب المشتعلة فى المنطقة ولم تتلوث أيديها بدماء الأشقاء العرب، لم تتآمر أو تتدخل فى شئون الغير، والتزم الخطاب الرئاسى بالقوة والحكمة والهدوء، فمن يجلس على كرسى الحكم يتسلح بأقصى درجات الصبر.. إلى حدود.
«الصبر إلى حدود « سياسة اتبعها الرئيس فى التعامل مع أزمات المنطقة المشعلة،صبر الواثق من قدرات جيشه واصطفاف شعبه، ووضع المصالح العليا للبلاد فوق أى اعتبار.
الرئيس هو الذى صرح أكثر من مرة بنفس المعنى «مخطئ من يعتقد أننا فى معزل عن المخاطر التى تهدد الدولة، ولن نظل صامتين أمام انزلاق البلاد فى مأزق يصعب السيطرة عليه».
وكانت عملية إنقاذ البلاد من الانزلاق هى سر القوة والعزيمة والإرادة التى تتمتع بها الآن، فى إدارة الملفات الصعبة، فبدون قوة الداخل، تكون الدولة غير قادرة على إنفاذ حماية مصالحها فى الخارج.
إنقاذ البلاد من المأزق كان البداية، وتلاه إعادة ضخ القوة والحيوية فى شرايين الدولة، لتعظيم مكانتها فى حماية مصالحها، وكان الدليل الأبرز هو تحديث وتطوير القوات المسلحة، واحتلالها ترتيبا متقدما بين الجيوش العالمية.
القوة ليست استعراض عضلات، ولا عروض كمال أجسام، وإنما بامتلاك أدواتها ومكوناتها، وشاهدنا على الطبيعة القواعد العسكرية المصرية فى قلب سيناء، وشمالاً وجنوباً محمد نجيب وسيدى برانى وبرنيس،بجانب النظم المتقدمة جداً فى التسليح والتدريب.
تتعاظم قدرة مصر فى حماية حدودها، بالسيطرة على كل شبر فى أراضيها، لتكون منظومة الدفاع متكاملة وواقعية، وتتضمن نطاق الخطر واستراتيجيات حمايتها.
مصر - مثلا - لم تكن ولن تكون طرفاً فى حروب الميليشيات الدينية الليبية، ولكن إذا مس الخطر مصالحها وأمنها القومي، تشتعل الخطوط الحمراء، المصحوبة بتهيئة القوة العاقلة التى توازن بين الردع، وعدم التورط إلا فى محددات إزالة الخطر.
تركيا جاءت إلى ليبيا جرياً وراء مشروعها البائس، الذى تحطم على صخور 30 يونيو، وإزاحة الإخوان من السلطة، وكانوا بالنسبة لها محور العبور الجديد للعودة إلى أوهام الخلافة.
أحلام المستعمر التركى البائس، والرجل المريض الذى يحاول العودة إلى مسرح مضطرب بالحروب والمؤامرات، فانتعشت الهلاوس فى عقل إردوغان بحثا عن دور فى النظام الدولى الذى يتبلور على نار الربيع العربي، ووضع نصب عينيه كسر شوكة مصر والاقتراب بالخطر من حدودها.
فكان الرد المصرى :سوف يحترق من يقترب من الخطوط الحمراء، ليس تهديداً ولا وعيداً ولا تصريحات، وإنما تحذيرات لها مدلول، وإنذار شديد اللهجة.
مصر لم تكن طرفاً فى الحروب المشتعلة فى المنطقة، ولم تتلوث أيديها بالدماء، ولكنها تمتلك القدرة الكاملة للدفاع عن أمنها واستقرارها وسلامة شعبها، وتعرف جيداً كيف تصل إلى أهدافها.
ليبيا بالذات الجار المهم لمصر، وما يحدث فيها يؤثر بالسلب والإيجاب على مصر.