باحثة أثرية: الماء هو الحياة والتطهر بالنسبة للمصري القديم

باحثة أثرية : الماء هو الحياة والتطهر بالنسبة للمصري القديم
باحثة أثرية : الماء هو الحياة والتطهر بالنسبة للمصري القديم

دراسة للباحثة مريم عاطف باحث دكتوراه في الآثار المصرية القديمة عن استخدم المصري القديم الماء في الطقوس الدينية حيث كان الماء في الفكر الديني هو العنصر الذي خرجت منه الحياة وقد صورت النقوش منظر التطهير بأن المصريين كثيرًا ما يستبدلون لون صورة الماء الذي ينساب من إناء بسلسلة تتكون حلقاتها من الرمز الذي يُصور الحياة عند المصريين .

وتشير الباحثة مريم عاطف إلى أن طقسة الميلاد الجديد كانت من الشعائر الهامة التي تُمارس في مصر القديمة قبل تتويج الملك، فقد كانت تُقام الصلوات بطقوس معينة علي حوض يُملأ بالماء ثم ينزل الملك الجديد إلي الماء وبخروجه من الماء يُصبح ملكًا ساميًا فلابد له من ميلاد غير عادي ثم يُدعي الملك "إبن الإله" بالميلاد الجديد ويدخل في طائفة أبناء الآلهة المصرية القديمة كأسلافه.

ويلقى خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بمناطق آثار جنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار الضوء على هذه الدراسة موضحًا أن التعميد البسيط كان من الطقوس الهامة لنيل درجة وظيفة الكهنوت، وذلك بعد أن يتطهر الكاهن الجديد ينزل إلي ماء البحيرة المقدسة بالمعبد ويغطس فيها ثم يخرج ويُرش بالماء، ويقوم كبير الكهنة بدهن يد الكاهن الجديد بزيت طاهر ليكون أهلاً لخدمة المعبود وبعد الخروج من البحيرة المقدسة تتم شعيرة الرش بالماء ويُرمز لها بـ "النون"، وإن رش الكاهن بالماء يعني رسامة الكاهن وأهليته للقيام بالطقوس الدينية حسب شعائرها ومراسمها السرية، كما تُستخدم شعيرة الرش بالماء في مناسبات شعائرية وطقسية أخري لها دلالاتها ورموزها المحددة، مثل رش تمثال المعبود بالماء ورش أرضية المعابد بالماء ورش القبور وأرضيتها بالماء كذلك رش القرابين المقدمة للمعبود وأيضًا المقدمة للمتوفي بالماء.

ويوضح الدكتور ريحان أن كبير الكهنة أو الكاهن في مصر القديمة يقوم بطقوس معينة تبدأ بتطهيره بالماء ثم يتدرج إلي أن يصل إلي قدس الأقداس، كذلك أي فرد من الشعب لكي يدخل المعبد يجب عليه أن يتطهر بالماء حتي يستحق الدخول إلي بيت الإله، وتوجد تلك العبارة علي كل بوابات المعابد "ليكن من يدخل المعبد طاهرًا، فكانت الطهارة تتم بالماء الطاهرعلي أن التطهير ليس هو التغطيس أو المعمودية بل هو عملية إغتسال بالماء لتأدية طقوس معينة.

ويُعد قربان (سكب الماء) من أهم أنواع القرابين الطقسية عند المصري القديم والتى تجرى فى المعابد، فبقربان الماء ينتعش جسد المتوفى ثانية، وذلك باستعادة السوائل الحيوية التى نضبت منه، كما أن سكب الماء يساعد على التعجيل بميلاد المتوفى من جديد كما يُعجل الماء المستخدم فى عملية الولادة بميلاد الطفل فضلاً عن أن سكب الماء يُنعش المعبودات، ولذلك فقد استخدم الماء بكثرة فى شعائر التقدمة والتطهير فى المعابد، ويُلاحظ أن قرابين التطهير كانت كثيرة التصوير فى المعابد الإلهية والجنائزية، بينما يندر تصويرها فى المقابر، وربما يرجع ذلك إلى إرتباط الطهارة بالمعبد، كما أن المقابر لم تكن مكان التطهير .

ويتابع الدكتور ريحان من خلال الدراسة أن أي إحتفال معبدي أو جنائزي يبدأ بصب المياه فوق أيدي الكهنة وحرق البخور وهذان الطقسان يسبقان أي وجبة طعام مصرية، فالإغتسال اليومي والنظافة المادية كانا ضروريًا عند المصري القديم فقد كان هناك العديد من العادات التي إعتاد المصري القديم القيام بها ومنها غسل وطهارة الفم فقد كان من عادة المصريين القدماء غسل وتطهير الفم كل صباح، وكان الماء المستخدم في مضمضة الفم يُذاب فيه قليل من ملح النطرون وكان غسل الفم بالماء بهذه الطريقة يتم قبل تلاوة أي صلاة أو أقوال مقدسة وغسل القدم وإن كلمة "wab" في أحد صورها تمثل الإناء المسكوب منه الماء علي الساق ، وفي هذا ما يوضح أهمية غسل وطهارة القدم، وعلي صلاية الملك نعرمر نري الكاهن الأكبر والذي يقف خلف الملك يحمل إناء ماء التطهير في يده اليمني بينما يحمل صندلي الملك في يده اليسري، وهذا يدل علي أهمية غسل وطهارة القدم أثناء أداء الشعائر الهامة بالإضافة إلى طهارة الذراعين كذلك يراعي قص الأظافر وغسل الوجه والرأس: وفي صورة أخري تمثل علامة وعب نجدها وردت علي شكل رجل جالس متعبد وفوق رأسه إناء مسكوب ماؤه من الناحيتين .

ويوضح هذا أهمية أن يُطهر الماء الشخص كله وليس ساقيه وذراعيه فقط، فكان علي الشخص أن يغسل وجهه وعينيه وأنفه وفمه وأذنيه وشعر رأسه ورقبته، وربما كرر عملية الغسيل عدة مرات حتي يضمن النظافة والطهارة، وربما كان عليه أثناء تأدية هذه الشعائر أن يقوم بتلاوة عبارات الرجاء لتقبل هذه الشعائر وإكسابه الطهارة المرجوة.