فيض الخاطر

الأستاذ مكرم..

حمدى رزق
حمدى رزق

ذكرتنى «أمنية» كريمة شيخى ومعلمى، الأستاذ «مكرم محمد أحمد» فيسبوكيا، بعيد ميلاده الـ٨٥، وهل تعز السطور عن هذه القامة المعتبرة؟! وما فائدة السطور إذا لم تسطر فى حب مَن علمنى الحروف كلها؟!
«الأستاذ مكرم» لم يطلب من تلاميذه العهد، ولا تفضل عليهم يومًا بفضل، ولا رسم نفسه يومًا معلمًا، ولا اعتبرنا يومًا تلاميذ، بل ظل، وإلى الآن، يعامل الجميع -الصغير منهم قبل الكبير- باعتبارهم زملاء مهنة ودرب.
نذر نفسه وعمره للصحافة وأعطاها من روحه، الأستاذ يكتب بجوارحه، وحبر قلمه من محبرة قلبه، تحمل سطوره قبسًا من روحه، سطور تستبطن الحق الذى يعتقده، رافضة ما تأنفه نفسه، زاهدًا بالكلية عما تهفو إليه نفوس ضعيفة فى مكسب رخيص دونه الكبرياء التى يتمتع بها الكبير قامة وقيمة.
لا هان يوما، ولا استكان، ولا طلب يوما أن يكون، الأستاذ مكرم كائن باسمه الذى صنعه بحفر الأظافر، لم يوسد له، بل كافح وناضل من أجل أن يبقى اسمه ثلاثيا هكذا اسمه «مكرم محمد أحمد»..
من لم يقترب من الأستاذ لم يلمس قلبه الطيب، أجيال لم ترَ منه ضحكته المجلجلة ساعة صفا، ولم يشاطروه أحزانه، الأستاذ كتوم، لا يشكو وهو يتألم، ولا يضجر فى أقسى حالات الضيق، ولا يترخص أبدا وهذا سر معاناة الأبى الكريم، والكريم لا يضام، مثل الفرس العربى الأصيل منخاره الكبير شامخ، تكاد تسمع دقات قلبه فى تردد أنفاسه فى رئة واسعة، يزفر كثيرًا من قساوة الأيام التى مرت بالكبير فى كبد.
بعدد شعر رأسه الأبيض معارك صحفية ومهنية لو سجلها ما وسعها مجلد ذكريات، حتى فى هذه المكرمة المهنية هو ضنين بها، لم يكتب مذكراته أو ذكرياته بعد وهى جديرة بالتسجيل لأجيال لم تعرف مسيرة الأستاذ، وما تيسر من سيرته.