في ذكرى ثورة 30 يونيو

حوار| المستشار عبد المجيد محمود يتحدث لـ«خالد ميري»: 30 يونيو أسعد أيام حياتي

عبد المجيد محمود
عبد المجيد محمود

-النائب العام الأسبق: قلت لمرسي لن أترك منصب النائب العام.. عملناكم بالقانون ولم تتعرضوا لأي تعذيب

-دور أسود للغرياني ومكي.. وهدداني بالاعتداء الجسدي إذا لم أترك منصبي

-السيسي حمل روحه على كفه لحماية مصر وشعبها

 

أجرى الحوار الكاتب الصحفي خالد ميري - رئيس تحرير جريدة "الأخبار"

 

في الذكرى السابعة لثورة يونيو المجيدة وافق المستشار عبدالمجيد محمود على أن يستعيد ذكريات الأيام المجيدة مع «الأخبار».. وهى المرة الأولى التي يتحدث فيها طوال مشواره الحافل ليدلى بشهادته عن أيام الثورة المجيدة.

بكل فخر يتذكر المستشار عبدالمجيد محمود أيام الثورة المجيدة.. يوم خرجت الملايين إلى الشوارع دفاعا عن وطنها.. يوم حمل الزعيم عبدالفتاح السيسى - وكان وقتها وزيرًا للدفاع - روحه على كفه، لم يخشَ الموت دفاعا عن مصر وشعبها.. وبإعزاز كبير ينظر المستشار عبدالمجيد محمود لما يحدث على أرض مصر الآن، الوطن الذى وهبه الله رئيسا لا يبحث عن مجد شخصى.. رئيسًا يواصل العمل ليل نهار في مشروعات قومية لبناء مصر الجديدة وبناء الإنسان المصري.. لتتوالى الإنجازات والنجاحات رغم كل التحديات.

مع المستشار عبدالمجيد محمود استعدنا ذكريات مخططات إخوان الإرهاب لأخونة القضاء والسيطرة على مفاصل الدولة.. مرسى وقيادات الجماعة دخلوا السجن مرات عديدة بالقانون لأنهم ثبت وبالأدلة استخدامهم للعنف والإرهاب لمحاولة السيطرة على الدولة والمجتمع، ولهذا لم يكن غريبا بعد أحداث يناير الملتهبة أن يضعوا مخططا كاملا لأخونة القضاء.. باستبعاد القضاة المحايدين واستبدالهم بقضاة يطيعون الجماعة وينفذون تكليفات مكتب الإرشاد، في تلك الأيام حالكة السواد لعب المستشاران أحمد مكي وزير عدلهم وحسام الغريانى رئيس لجنة إعداد دستورهم دورا أسود لن ينساه التاريخ لتنفيذ مخطط الأخونة.. بداية من قرار الرئيس الإخوانى بتعيين النائب العام سفيرا بالفاتيكان وهى أكذوبة صاغها مكتب الإرشاد وصولا إلى تهديد النائب العام بالاعتداء الجسدي من قوى الإخوان التي كانت تحاصر دار القضاء العالي، وحتى صدور الإعلان الدستوري الباطل بعزل النائب العام.

الرجل اختار رفض التهديدات مهما كان المصير.. لجأ للقضاء دفاعا عن استقلال القضاء وقيمة العدالة، حتى كانت كلمة العدل بعودته لمنصبه ليعود إليه مرفوع الرأس يوم ٣٠ يونيو ثم يتركه بإرادته الحرة ويبتعد عن الأضواء.

ورغم أنها كانت أياما سوداء لكن المستشار عبدالمجيد محمود يرى أنها الأسعد في حياته.. فهي جزء من معركة شعب ووطن وجيش وطني لا يمكن نسيانها.

التفاصيل كثيرة ومحاولات مرسى للتدخل في شئون القضاء وإملاء قراراته لم تتوقف منذ لحظة وصوله للحكم.. وإلى تفاصيل الشهادة..

 البداية كانت مع جماعة الإخوان الإرهابية ولماذا كانت تستهدف القضاء بشكل واضح خلال عام حكمهم لمصر؟ وما الأسباب الحقيقية لذلك؟

- يتذكر المستشار عبدالمجيد محمود ما حدث.. ويقول: هذه الجماعة تتخذ من الإرهاب ووسائل القوة غير الشرعية سبيلا لتحقيق أهدافها في السيطرة على البلاد وعلى مقومات الحكم ولو ادّعت على مر تاريخها أنها جماعة دعوية إلا أن تاريخها في جميع مراحله وممارساتها منذ تكوينها يثبت غير ذلك، وأن هذه الممارسات تتضمن خرقا لنصوص القوانين العقابية، وأن القضاء كان هو ملاذ المجتمع لمواجهة الجماعة بالقانون فكانت جهات التحقيق مع قيادتها وكوادرها واتخاذ إجراءات محاكمتهم ومن خلاله كان يتم فضح مخططاتهم في السعي نحو السيطرة على مفاصل المجتمع ولو أدى ذلك إلى تنفيذ أي عمليات إرهابية تنشر من خلالها الرعب والخوف، فكان لابد وفق مخططاتهم تغيير شكل القضاء المحايد واستبداله بعناصر قضائية تابعة لهم فكريا وواقعيا وعقائديا بدلا من العناصر القضائية والمنظومة العدلية القائمة في البلاد والتي تتصدى لهم من خلال تطبيق موجبات القانون على الوجه الصحيح.. فكان لابد أن تكون بين أولوياتهم لدى وصولهم إلى حكم البلاد أن تكون منظومة القضاء إخوانية.

إصرار على الاستبعاد

 وهل هذا يفسر لماذا كان لدى مرسى وجماعته هذا الإصرار على استبعادك من منصب النائب العام؟

يتحدث بصراحة.. لا شك أن منصب النائب العام وفقا لسلطاته واختصاصاته على ضوء نصوص الدستور والقانون، يشكل أهمية كبيرة في المجتمع فالنائب العام هو ممثل المجتمع ومن العناصر القائمة على تطبيق موجبات القانون بالإضافة إلى ما له من سلطات في اتخاذ قراراته أثناء التحقيق أو بعد الانتهاء منه، النيابة هي التي تقدر مدى توافر مبررات الحبس الاحتياطي ومدته، ومدى الأهمية في اتخاذ قرارات التحفظ على أموال المتهمين وأسرهم ومنعهم من إدارتها أو التصرف فيها، وكذا الحق في اتخاذ قرارات المنع من مغادرة البلاد - وكلها اختصاصات مقررة للنيابة العامة - التي يمثلها النائب العام وفقا للقانون.

ويضيف: ولذلك كان لا يمكن أن تترك كل هذه الاختصاصات والسلطات لنائب عام لا يتوافق ولا يتفق مع هذه الجماعة وقيادتها وكان لابد وفقا لمنطقهم أن يكون النائب العام من ضمن عناصر الجماعة ومتحدا معها اتحادا عضويا، فضلا عن أنه بالنسبة لشخصي فإن تاريخ عملي لعشرات السنين قبل وصولهم للحكم تقطع بعدم التوافق مع الجماعة أو أهدافها أو أسلوبها فلا يمكن أن تنسى قيادات الجماعة أن التعامل معها كان وفقا لأحكام القانون المجردة بتصنيفهم متهمين بمحاولة قلب النظم الاجتماعية والسياسية في البلادـ وذلك خلال عملي لسنوات في نيابة أمن الدولة العليا والتصدي لهذه الجماعة بمختلف الفصائل التابعة لها أو التي كانت تستظل بها أو الخارجة من تحت عباءتها، ولذلك رأوا أنه لابد من استبعاد هذا العنصر الذي هو عبدالمجيد محمود.

إقصاء من المنصب

 ولماذا رفضت قرار تعيينك سفيرا بالفاتيكان رغم ان البعض اعتبره فرصة للابتعاد عن مشهد ملتهب؟

- يقول: لا شك أن أحداث ثورة يناير خلقت مشهدا ملتهبا فى مصر وقتذاك وكان من الطبيعى أن تكون هناك تيارات متباينة المواقف بشأن النائب العام أو القضاء فى مجمله، وذلك لأسباب عديدة ليس هذا مجال البحث فيها. إنما الثابت أيضا خلال تلك الفترة أن جماعة الإخوان من خلال عناصرها التي ظهرت على السطح وتمكنت من السيطرة على ثورة يناير والتحكم بدور كبير في توجيه حركتها ـ لأسباب عديدة أيضا تستوجب الدراسة المستقلة ـ فكانت عناصر الإخوان المسلمين هي التي خلقت ـ مع عناصر أخرى ـ مشهدا ملتهبا ضد النائب العام والقضاء المصري الشامخ وأطلقت العبارات الكاذبة بأن (الشعب يريد تطهير القضاء) وللأسف أخذت عناصر قضائية في محاولة تعميق هذا النداء الكاذب.

وفى إطار هذا المشهد الملتهب جاء قرار مرسى بتعيني سفيرا لمصر لدى الفاتيكان ولو أن الخوف أو القلق أو الرهبة كانت قد تمكنت منى لوافقت على ذلك، إلا أن هناك معانى ومبادئ أكثر عمقا وأهمية من ذلك حملها ودافع عنها أعضاء النيابة وقضاة مصر وهى مبادئ الدفاع عن استقلال القضاء وحمايته من أية محاولة للنيل منه أو المساس به ولو كانت هذه المحاولة من جانب رأس الدولة ومن قبل أن أرفض هذا القرار بالتعيين سفيرا رفضه قضاة مصر ورجال النيابة العامة لأن القرار في حقيقته هو إقصائي من منصبي حتى لو اتخذ شكل تعيينه في أي منصب آخر.

تهديد الحياة

ويتواصل الحديث.. وهل تلقيت تهديدات أنت أو أسرتك من جماعة الاخوان؟ وماذا كان رد فعلك؟ وهل لم تخشَ على حياتك خاصة أن للجماعة شهرة في عمليات الاغتيالات؟

- ويرد بهدوء: منذ عملي في نيابة أمن الدولة لفترة تزيد على عشرين سنة متواصلة واشتراكي في تحقيقات عديدة في قضايا تتصل بجماعة الإخوان وعناصرها سواء مباشرة، أو مع جماعات وعناصر تابعة لهذه الجماعة بطريقة غير مباشرة فسبق أن تعددت التهديدات سواء كنت أعرفها وقتها من خلال جهات الأمن أو لا أعرفها. ومن هنا على المستوى الشخصي كان هذا الأمر لا يشغل تفكيري خاصة أن الأمر في النهاية هو الإيمان بأن الحياة والموت أمر مقدر ومحدد من الله سبحانه وتعالى، أما التفكير الصريح في القضاء على النائب العام من جانب الجماعة فقد كانت تدل عليه بعض المؤشرات كانت جهات الأمن ترصدها وتنبهني إلى اتخاذ إجراءات احترازية معينة بالإضافة إلى الإجراءات التي كانت تتخذها جهات الأمن بشأن العمل على تأمين تحركات النائب العام أو تأمين مقر العمل أو الأماكن التي يتم التردد عليها إنما لا أتذكر أن الخوف أو القلق قد تسرب إلى نفسي أو أفراد أسرتي.

النضال

 ولماذا بعد قرار استبعادك من منصبك قررت النضال واللجوء إلى القضاء؟

- يسترجع المستشار عبدالمجيد محمود الذكريات.. ويقول: أود أن أسترجع الاستبعاد من المنصب الذي بدأ أولا بمحاولة التعيين سفيرا في الفاتيكان وقد لعب في هذا المجال كل من المستشار أحمد مكى وزير العدل وقتذاك والمستشار حسام الغريانى الذي كان قد ترك القضاء بالإحالة إلى المعاش من منصب رئيس محكمة النقض ورئيس مجلس القضاء الأعلى

إلا أنه ظل عضوا فاعلا في منظومة حكم الإخوان وتردد في فترة بأنه سيكون مرشح الإخوان المسلمين لرئاسة الجمهورية ثم تم اختياره رئيسا للجنة وضع الدستور الإخواني، وكان لكل من احمد مكى وحسام الغريانى دورٌ أسودٌ لن ينساه التاريخ لهما حين اشتركا في وضع سيناريو إقصائي من منصبي بدعوى تعييني سفيرا، إلا أن قضاة مصر وأعضاء النيابة العامة الشرفاء أفشلوا هذا المخطط واضطر مرسى إلى إلغاء قرار التعيين سفيرا ثم كانت الخطوة التالية لذلك بأسابيع وهى صدور الإعلان الدستوري المنعدم الذي أصدره مرسى وكانت أول ضربة موجهة إلى الإخوان بصفتهم حكام البلاد وأول مسمار في نعشهم، جاء الإعلان الدستوري ليقرر استبعادي من منصبي وتعيين آخر ـ لن نتحدث عنه لأنه ليس موضوع حديثي ـ فكان ذلك بمثابة معركة ثانية بين مرسى وجماعته وبين قضاء مصر الشامخ فتجمع قضاة مصر وأعضاء النيابة وأظهروا بكل وضوح وصراحة رفضهم هذا الإعلان الدستوري وهبت طوائف الشعب كلها رافضة ذلك العبث بمقدرات البلاد وظهرت بوضوح إرهاصات ثورة يونيو التي احتضنها جيش مصر الباسل وعلى رأسه قائده الرئيس عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع وقتها والذي لا يعرف إلا الشجاعة ولم يخشَ الموت في سبيل حماية مصر وشعبها وأمنها.

دور الزند

ويضيف أن الاستبعاد من المنصب بمقتضى الإعلان الدستوري المتقدم كان إيذانا بمعركة جديدة مع الإخوان اتخذت صورا متعددة من المؤتمرات أو الجمعيات العمومية للمحاكم ووقفات أعضاء النيابة العامة الشرفاء في وجه النائب العام البديل ومنها اللجوء إلى القضاء للتأكيد بأحكام نهائية وباتة على انعدام قرارات مرسى وأعوانه ومستشاريه وكل تلك الإجراءات كانت بإرادة قوية من قضاة مصر عبرت عنها مجالس إدارة أندية قضاة مصر والمستشار أحمد الزند ونقابة المحامين وقياداتها الوطنية غير الإخوانية وكانت تستهدف رفض كل اعتداء على القضاء واستقلاله وفضح مرسى وإخوانه بأن هدفهم هو إقصاء النائب العام والنيل من قضاء مصر وأن ما يروجون له ما هو إلا أكاذيب فقد أخبرني وقتها الأستاذ على حسن رئيس مجلس إدارة وتحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط، وكان وقتها أحد العاملين فيها أنه تواصل مع وزارة الخارجية فتبين أنه ليست هناك أية إجراءات تتصل بتعيين سفير جديد لمصر لدى الفاتيكان وأن الأمر كله هو أكذوبة اشترك فيها مكتب الغريانى مع مرسى وقيادات مكتب الإرشاد وانتهى الأمر إلى استجابة جيش مصر بقيادة الرئيس السيسي إلى قرار الشعب بالإطاحة بالإخوان وإقامة حكم وطني ديمقراطي يرعى مصالح الشعب ومقدراته.

محاولات التدخل

 خلال كل هذه الأحداث الساخنة من المؤكد أنك تتذكر محاولات مرسى للتدخل في القضاء واختصاصات النيابة العامة؟

- يجيب: نعم لقد حاول مرسى التدخل في اختصاصات النيابة العامة دون اعتبار لما يفرضه الدستور والقانون من عدم جواز ذلك بل وعدم الموافقة على مسايرته في هذا الاتجاه

إذ إن مبدأ الفصل بين السلطات كانوا يضربون به عرض الحائط لأن قناعتهم أن السيطرة على مفاصل الدولة كلها من أهم مبادئ الجماعة وسلوكها، ولعل من المناسب أن نعيد ونضع أمام الرأي العام الوقائع المتعددة لمحاولات هذا التدخل السافر فى شئون القضاء وليذكر الرأي العام واقعة غير مسبوقة في تاريخ القضاء المصري، فأثناء حكم مرسى وكان هو الجالس على حكم مصر وفى فترة رئاسته السوداء وهى فترة حكم الإخوان، وكنت وقتها أشغل منصب النائب العام نشر الأستاذ مصطفى بكرى مقالًا في جريدة الوطن هاجم فيه مرسى وحكم الإخوان بعبارات واضحة وصريحة وكنت أنا في ألمانيا لإجراء جراحة واتصل بي تليفونيا النائب العام المساعد وقتها المستشار عدنان فنجرى وأخبرنى بأن الرئيس مرسى استدعاه هو والمستشار عادل السعيد والذي كان يشغل منصب رئيس المكتب الفني للنائب العام والمستشار تامر فرجانى القائم بأعمال المحامى العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا واجتمع بهم ومعهم أحد قيادات مباحث الأمن الوطني وآخرون من قيادات الشرطة وتحدث إليهم بعنف وبعبارات خارجة عن حدود اللياقة وفيها تدخل سافر في اختصاصات النيابة وألقى أمامهم بنسخة من جريدة الوطن المنشور فيها مقال الأستاذ مصطفى بكرى ووجه إليهم الحديث بأن هذا الهجوم لو كان قد تم في فترة سابقة فإن النيابة العامة كانت ستتخذ فيه إجراءً، وقال إنه يأمر بأن تصدر النيابة أمرا بالقبض على مصطفى بكرى وحبسه وتقديمه للمحاكمة.

وبعد انتهاء الاجتماع اتصل بي عدنان فنجرى ليتلقى توجيهات النائب العام، فقلت له بألا تصدر النيابة العامة أي قرار وكأن المقال غير منشور ويمتنع أي عضو من أعضاء النيابة اتخاذ أي قرار والتنبيه بعدم استدعاء مصطفى بكرى أو سؤاله، ومن جانبي اتصلت بالمستشار أحمد مكي وكان وزيرا للعدل وتحدثت معه بأسلوب واضح وعنيف بأن ما فعله مرسى من استدعاء أعضاء من النيابة العامة وتوجيه اللوم لهم والتنبيه بإصدار أمر بالقبض والحبس والإحالة للمحاكمة في حق مصطفى بكرى أو غيره هو أمر غير مقبول. ويشير إلى تدخل سافر في أعمال النيابة العامة وجهل وعدم دراية وعدم استيعاب لما يفعله وقلت لأحمد مكي أن يبلغ مرسى بأن النيابة العامة لا تتلقى في ممارسة اختصاصاتها أية توجيهات من رئيس الجمهورية ولن تلتفت لأية محاولة في هذا الاتجاه من قيادات الإخوان أيا كانت مرتبة هذه القيادة أو درجتها.

 من المؤكد أن هناك وقائع أخرى؟

- أذكر أيضا واقعة أخرى أنه أثناء حكم مرسى وهو رئيس الجمهورية اتصل بي وأخبرني بأنه قرر أن يكون كل من سليم العوا، ومحمد طوسون المحاميبن والمقربين وقتها من رئيس الجمهورية - العوا مؤيد للإخوان وطوسون من القيادات - حلقة الاتصال بيني كنائب عام وبينه كرئيس جمهورية وإن كان هناك أمر أريد إبلاغه لرئيس الجمهورية أو أحيطه علما به فيكون اتصالي بسليم العوا أو محمد طوسون، فرفضت ذلك صراحة وقلت له مباشرة أنا أرفض هذا الأسلوب الغريب في إدارة دفة الأمور فكيف تكون الصلة برئيس الجمهورية من خلال اثنين من المحامين وهما ليست لهما أية صفة وكيف أتحدث مع محامين في أمور تتصل بعمل النائب العام ولا يكفى أن يكونا من قيادات الجماعة ومؤيديها ليكونا على دراية بأمور تتصل بعمل النائب العام، فتراجع مرسى وأخبرني أن يكون حلقة الوصل المستشار محمود مكي وكان وقتها نائب رئيس الجمهورية، ولم أتصل بالأخير ولا بغيره إلى أن قضى الشعب بمساندة جيشه وقائده الرئيس السيسى على هذه العناصر جميعها ورفع عن البلاد هذه الفترة السوداء برموزها المختلفة الأكثر قتامة وسوادا.

أساليب الإرهاب

 ولماذا كانت الجماعة الإرهابية تلجأ للمظاهرات ومحاصرة دار القضاء العالى؟

- كان ذلك من أساليب الإرهاب والتخويف وبث الرعب من خلال مظاهرات وحصار يومي لدار القضاء العالي وإطلاق الهتافات التي تنال من قضاء مصر وقضاته والنائب العام وأعضاء النيابة العامة وكان أحمد مكي يحدثني بأن ذلك الذي يحدث هو ممن أسماه وقتها (القوى الثورية) التي تعبر عن رغبتها في تطهير القضاء وإقصائي من منصبي وكنت أرد عليه بأنها ليست قوى ثورية وإنما هي قوى وعناصر إخوانية تنفذ مخطط مكتب الإرشاد وأذكر هنا أن الغرياني صرح لى وقتها بضرورة قبول منصب السفير لأن من الناس ومنهم المستشار على النمر وأنه يرتكب جرائم وإنني إذا صدر حكم من القضاء فسأعود إلى منصبي رغما عنه.

وقد شاء الله سبحانه وتعالى أن يصدر حكم محكمة النقض بتاريخ 30 يونيو 2013 وكان مرسى ما زال رئيس للجمهورية لأنه لم يسقط إلا في 3 يوليو 2013، فعدت إلى مكتبي بعد أن هرب منه طلعت عبدالله ورجاله وعدت إلى المكتب وقبلها عاد إليه قيادات النيابة العامة والقضاء الشرفاء وعلى رأسهم أحمد الزند، والعديد من المحامين الشرفاء الذين وقفوا مع قضاء مصر، ورغم أن العودة إلى المنصب المغتصب كانت قبل بلوغي سن الإحالة للمعاش سنة 2016 فى شهر سبتمبر، إلا أنني آثرت ترك المنصب والعودة إلى أقدميتي العادية بين زملائي ورؤساء محاكم الاستئناف حتى يتجنب القضاء أي دعاوى باطلة ومهاترات كانت بالقطع ستثور لأن مرسى والإخوان سيعودون مرة أخرى إلى التحقيقات والمحاكمات فلا داعٍ لأن ينشغل القضاء بالرد على أن النائب العام كان على خلاف وثأر مع الجماعة وصل إلى حد نظر القضايا، خاصة وقد قمت فور العودة بإزاحة الكثير من العناصر بقدر المستطاع التي استعان بها طلعت عبدالله والتي انتهى الكثير منهم إلى عدم صلاحيتهم وتركهم مناصب القضاء بأحكام من المجالس والمحاكم المختصة بالنظر في أمر عدم صلاحيتهم وكذلك لإيماني بأن القضاء يضم العديد والعديد من القضاة الذين يصلح أىي واحد منهم لتولى أعلى المناصب ويؤدى دوره بدرجة تفوق أداء عبدالمجيد محمود خاصة أن الهدف من مواصلة مواجهة مرسى من جانبي أو التصدي للتعدي على استقلال القضاء وإرسال رسالة قوية لكل من تسول له نفسه أن ينال من القضاء أو يتعدى على استقلاله سيكون الخزي والهزيمة هي نهايته.. فالاستمرار في المنصب ليس هو الهدف إنما الهدف الأسمى هو الانتصار لقضائنا ولنيابة مصر.

مصر الآن

 وكيف ترى مصر الآن فى الذكرى السابعة للثورة المجيدة؟

- أقول وبحق إن ما تشهده مصر في الفترة الحالية هو أنه يجرى بناء مصر الحديثة على أيدي أبناء مخلصين يقودهم الرئيس السيسي والذي لا يشغله إلا إعادة بناء الإنسان المصري وإعادة بناء مصر لا ينظر إلى شعبية أو مجد شخصي، تشغله منظومة تعليم حديثة، وصحة وإسكان وبنية تحتية في كل جوانب الحياة، ما يشغله أن يكون لمصر مكان ومكانة في العالم العربي، وأفريقيا.. وبين العالم كله، مكان ومكانة تليق بتاريخها..

 وماذا عن رجال القضاء الآن؟

- أفخر بأن القائمين على أمر قضاء مصر من أبنائه الشرفاء ففي مكان الصدارة المستشار عمر مروان وزير العدل، والنائب العام المستشار حمادة الصاوي اللذان أعتز بفترات العمل معهما وهما يبذلان الجهد المشكور من أجل رفعة القضاء والقضاة وفقهم الله، وعملي بدائرة القضاء في دولة الإمارات العربية المتحدة هو لأني أشعر بإمكانية العطاء إلى أن ينقضى ما يقدره الله سبحانه وتعالى فوجودي على أرض الإمارات الشقيقة هو للعمل الذي أعتز به وليس ابتعادا عن مصر وأهلها فهي بلدي الأول والأخير وموطني وأهلي وإخوتي سواء المؤيدين أو المختلفين معي في الرأي أو الرؤى.

 وكيف ترى العلاقة بين مصر والإمارات؟

- أوجه تحية خالصة لقيادة الشقيقة الإمارات العربية المتحدة ولكل قياداتها، وتحية خاصة  لسمو الشيخ محمد بن زايد ولى عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ولسمو الشيخ منصور بن زايد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شئون الرئاسة رئيس دائرة القضاء لما يقدمونه لي من كل دعم وتعاون لأداء رسالة العدالة على أرض أبوظبي ولتقديرهم غير المحدود ومحبتهم الصادقة لمصر وقيادتها ورئيسها حتى إني أشعر أنى مازلت على أرض بلدي.