تعرف على عادات وتقاليد أهل النوبة في «سبوع المولود»

 عادات وتقاليد أهل النوبة «سبوع المولود »
عادات وتقاليد أهل النوبة «سبوع المولود »

دراسة فى التراث الشعبى للباحث الأكاديمى في مجال الدراسات الشعبية محمد أبو شنب تتناول "سبوع المولود فى ثقافة أهل النوبة"، خاصًة لدى أبناء النوبة الذين يقيمون في منطقة النوبة المصرية أو النوبة السفلي كما عرفت بذلك في بعض مؤلفات الآثاريين والجغرافيين.

ويشير الباحث محمد أبو شنب إلى أن عادة سبوع المولود ففى اليوم الثالث من الولادة، كانت تقوم أم الواضعة أو إحدى قريباتها بإعداد طبق كبير من الخوص مملوء بكمية من الفشار والبلح وأقماع السكر يوضع عليه المولود الرضيع يعرف بـ "كونتيه"، ثم تحمله الداية لتقف به على عتبة باب الغرفة (غرفة الوالدة) أو في حوش البيت مع بعض السيدات الجالسات كحلقة دائرية على الأرض تشبة رقم (5)، إلا أن المولود في كلتا الحالتين لابد وأن يكون في مواجهة الشمس.

ويلقى خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بمناطق آثار جنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار الضوء على هذه الدراسة موضحًا أن المصري القديم كان لديه اعتقادًا سائدًا في اتجاهات شروق وغروب الشمس، على أساس أن الجهة التى تشرق منها الشمس، تعد بمثابة يوم الميلاد أو بداية لمرحلة جديدة من مراحل الحياة، وذلك على خلاف جهة الغروب التى كانت تعتبر بالنسبة له على حسب اعتقاده بمثابة يوم الوفاة أو مرحلة الانفصال عن الحياة الدنيوية، لذا نجد معظم المقابر والمدافن الآثرية المصرية القديمة في الجهة الغربية أو في غرب النيل أكثر منها في الجهة الشرقية التى يتنشر فيها مظاهر التمدن والعمران.

ويتابع الدكتور ريحان بأن الداية تقوم بعد ذلك سواءً بمفردها أو بصحبة مجموعة من السيدات برفع المولود بواسطة الـ "كونتيه" الذى يوضع فيه إلي أعلى في مواجهة الشمس ثم تخفضه على مدار خمس أو سبع مرات، وهى تقول في كل مرة (مشان كتيتو.. مشان كتيتو)، وتكرر هذه العبارة أكثر من مرة طبقًا لعدد المرات التى يحمل فيها المولود في اتجاه أشعة الشمس، والمقصود بكلمة (مَشَا) هنا باللغة النوبية "الشمس"، والنون للإسناد أو الإتباع، ولعل المقصود بها في هذا القول هو شعاع الشمس نفسه، ولعل المقصود من السياق الثقافي المصاحب لعملية رفع الطفل إلي أعلى، هو تقديمه للشمس كجزء من طقوس دينية قديمة جدًا.

وينوه الدكتور ريحان من خلال الدراسة أن اليوم الذى كانت تتم فيه هذه الممارسة هو اليوم الثالث من ميلاد المولود، والأرقام التى تصاحب هذا السياق الثقافي أثناء عملية حمل المولود هو الرقم خمسة أو سبعة، وكلها أعداد فردية ذات دلالة خاصة لدى أبناء هذا المجتمع وفي اطار هذا السياق تشير إحدى السيدات "أن الأم (ام الواضعة) وبعض قريباتها كانت تقوم في اليوم الثاني أو الثالث من ميلاد المولود، بعمل كميات كبيرة من (البليلة)، ليتم توزيعها على الأقارب والجيران، وخاصًة الأطفال، فإذا كان هذا اليوم مصادفًا ليوم الجمعة، يتم توزيعها أيضًا على المُصَلِّين في المساجد".


ولا يقتصر الأمر على ذلك فقط، بل في بعض الأحيان كانت تجرى عملية التشريط للمولود في هذا اليوم، كما كانت تتم معالجة الجروح الناتجة عن هذه العملية على مدار ثلاثة أيام متتالية أيضًا، وهى عملية كانت تمارس بصفة دائمة للمولود في النوبة القديمة، وخاصًة إذا لاحظت الأم (أم المولود) أو الداية أن حركة المولود قليلة أو ضعيفة، حيث كان يعتقد أن قلة حركة المولود ربما تعود إلي وجود دم فاسد في بعض المناطق من الجسم (كالقورة أو الخد أو الصدر)، لذا كانت تتم له هذه العملية في هذه المناطق، كما إنها كانت تمارس من ناحية أخرى بالوراثة، أي إنها إذا إجريت لوالد المولود من قبل، فإنها تجرى كذلك على ابنه الصغير، وبعد إجراء عملية الختان يستمر الاحتفال بهذه المناسبة على مدار ثلاثة أيام متتالية، ثم يعود من قام بهذه العملية (الداية للأنثى أو الحلاق للذكر) بمعالجة الجروح الناتجة عن هذه العملية على مدار سبعة أيام متتالية.

ويوضح أن من ضمن الأشياء المرتبطة بعلم النجوم في اطار هذا السياق، حجاب يعرف بالنوبية بـ "نداران هجاب"، وهو حجاب كان يرتديه الأطفال الصغار بهدف الوقاية من الحسد والعين الحاسدة، والشخص الذى كان يقوم بعمل هذا الحجاب لابد أن يكون على دراية تامة بطوالع النجوم، حيث يغلف هذا الحجاب بالجلد المدبوغ، كما يخاط على شكل مثلث، ثم يعلق للمولود بسير من الجلد المجدول".