إنها مصر

30 يونيو.. دموع وأفراح

كرم جبر
كرم جبر

لم تكن لهم خطة ولا برنامج للتعامل مع التحديات التى تواجه البلاد، حتى فى الفترات التى كان لهم فيها عدد كبير من النواب فى البرلمان، واعتمدوا فقط على عنصرين.. الأول استغلال المشاكل والأزمات لتأليب المصريين على حكامهم.. والثانى إطلاق مضخة الشائعات بكامل قوتها، والتركيز على الأمور المعيشية، والقضايا التى تمس أكبر عدد من المواطنين.
وبعد 25 يناير كان المصريون جميعاً شهود عيان، على أكبر مؤامرة تتعرض لها البلاد فى تاريخها، لنزع هويتها وتاريخها وحضارتها وثقافتها، واستبدالها بدولة المرشد وقوانينه وميليشياته، وغير كل المرات السابقة، كان المصريون جميعاً شركاء فى انتزاع وطنهم من أنياب الشيطان، واسترداد وطن عظيم، قوامه التسامح والمحبة والتعايش السلمي، واحتواء جميع الثقافات والديانات والحضارات، وليس العنف والقتل والإقصاء والإبعاد.
ولم تستوعب الجماعة الإرهابية دروس التاريخ، التى تؤكد فضح الكذابين ونهايتهم السوداء مثلما حدث مع هتلر ووزير دعايته جوبلز، ولم يستفيدوا من مشوارهم الدامى مع كل أنظمة الحكم فى مصر، منذ ظهورهم المشئوم سنة 1928، ومن عاداتهم الانتهازية أن يتحالفوا مع كل رئيس ثم يتآمروا عليه، فعلوا ذلك مع فؤاد وفاروق قبل ثورة 1952، وقتلوا الخازندار والنحاس، وصدرت التعليمات بحل جماعتهم، وتصفية كوادرهم.
الوجوه البشعة لا تنفع معها عمليات التجميل، والألسنة المتسخة لا يجدى معها التنظيف، ولن يتركوا أسلحتهم الفاسدة.. اليقظة مطلوبة، والوعى سلاح فعال، ومصارحة الناس أقصر طريق، لإفشال مخططات بث الفوضى وزرع الشكوك فى نفوس المصريين.
>>>
بعد الإطاحة بحكم محمد مرسي، أصدر يوسف القرضاوى عدة فتاوي، تحرض على القتال ضد الجيش المصري، وجواز قتل الجنود والضباط، وخاطب الإرهابيين قائلاً «اقتلوهم أينما وجدتموهم»‬، مؤكداً أن من يفجر نفسه فى الجيوش الظالمة، شهيد فى سبيل الله!
مضى زمن استباحة مصر، ولن يعود إليها القرضاوي، ويا ليت قبره يكون فى نفس التراب الذى خدم من أجله، ولن تفتح البلاد ذراعيها من جديد - أيضاً - لألاعيب العريفى وأمثاله، الذى امتطى هو الآخر منبر الأزهر، غازياً إخوانياً جاء من كهوف التطرف، مرتدياً ثياب الثعالب، متباكياً على مصر بدموع الذئاب، وكانوا جميعاً يفضلون مصر الضعيفة المهانة، للمتاجرة بأوجاعها، أما مصر القوية المتعافية مرفوعة الرأس، فهم ضدها على طول الخط ولا يحبونها كذلك.
ماذا فعلتم غير غسل مخاخ الشباب، ودفعهم إلى ارتداء أحزمة الديناميت، بدلاً من أن تملأوا عقولهم بالعلم النافع، ليكونوا مهندسين ومدرسين وأطباء وأساتذة، يخدمون أوطانهم وينفعون أهاليهم، ويطرحون الخير فى كل شبر يسيرون فيه، وفى الوقت الذى ترسلون فيه الشباب إلى القبور، تبعثون أولادكم إلى الغرب، ليتعلموا فى أكبر جامعاته ويتزوجون أجنبيات، ويعملون فى البنوك ويمتلكون الشركات، أما أولاد الفقراء فهم حطب الجهاد، والدماء التى تضخ ملايين فى حساباتهم بالبنوك.