حرب أهلية عنيفة تدق طبولها في أمريكا والعنصرية «كلمة السر»

المظاهرات الأمريكية تتصاعد
المظاهرات الأمريكية تتصاعد

مازالت الأوضاع في الولايات المتحدة الأمريكية على صفيح ساخن، ويبدو أن مقتل جورج فلويد لم يكن سوى الأيقونة التي سارعت باشتعال الأحداث، لكن على ما يبدو أن المجتمع الأمريكي كان يعاني بالأساس ولا تمثل حادثة فلويد سوى الفتيل انتشر كالنار في الهشيم، النداءات التي تطالب بمحاكمات لجهاز الشرطة لا تنقطع، والمنظمات الحقوقية لا تهدأ في المطالبة بتغييرات جذرية في قانون الوقف والاشتباه والإجراءات التي تتخذها الشرطة مع المشتبه فيهم.

ترامب أسوأ رئيس أمريكي

لكن المتابع للأحداث يرى بما لا يدع مجالًا للشك أن فترة حكم ترامب لم تكن هي الأفضل للمجتمع الأمريكي، الذي يلقي الكثيرون باللوم عليه فيما وصلت إليه الأمور وما تشهده أمريكا من انقسام مجتمعي يكاد يصل إلى حافة الحرب الأهلية، وفي التعامل العنيف للشرطة مع المتظاهرين، والفشل في إدارة أزمة كورونا، لكن الغضب المتصاعد في أمريكا له جذور أعمق من ذلك، خصوصًا أن حصيلة الاحتجاجات الأمريكية بلغت عشرات القتلى بالإضافة إلى الاف الموقوفين، كما انتشر الحرس الوطني في بعض المدن وتم فرض حظر تجوال في مدن أخرى لليلة أو ليلتين، كما تم استدعاء الحرس الوطني في واشنطن العاصمة بالكامل للمساعدة في السيطرة على الاحتجاجات.

 تاريخ عنصري مأساوي

 كانت المدة التي استغرقها الضابط ديريك تشوفين ليزهق روح المواطن الأمريكي من أصول إفريقية «جورج فلويد» هي ثماني دقائق وست ثوان، هذه الدقائق والثواني كانت كافية تماماً لتنقلب أمريكا رأساً على عقب، ويرى العالم مشاهد لم يكن يتصور أن يرى مثلها في أحد أكبر معاقل الديمقراطية، وقبل هذا الحادث المأساوي كان يوجد حادث آخر لا يقل بشاعة بعد مقتل المسعفة الأمريكية السمراء «بريانا تيلور» بثمان رصاصات في منزلها في شهر مارس إثر اقتحام أمني خاطئ لمنزلها، تلاه حادث مقتل الشاب الأسمر «أحمد اربيري» الذي قتله عنصري أبيض ووالده فيما كان أحمد يمارس رياضة الجري.

أمريكا على صفيح ساخن

 تؤكد الأحداث التي اشرنا إليها على أمر واحد فقط وهو وجود احتقان داخلي كبير تراكم على مدى عقود طويلة، يغذيه يمين متطرف ونظام عدالة لا يكفي لإحداث الردع الشامل عن ارتكاب جرائم العنصرية، والمتابع للمشهد يرى أن أعمال العنف المتأججة في شوارع أمريكا ليست مجرد «انتفاضة سود» فقط، وإنما هي اعتراض من قطاعات واسعة من الأمريكيين على الكثير من الأمور لعل أهمها الفشل الذريع للإدارة الحالية في التعامل مع جائحة كورونا التي نتج عنها قرابة 42 مليون حالة بطالة تقريبا ولا يزال الرقم في تصاعد، كما أظهرت الجائحة فشلاً ذريعًا لإدارة ترامب بمعدلات وفيات هي الأعلى في العالم نتيجة وباء كوفيد-19، إلى جانب نسب بطالة مرتفعة مع احتجاج بلغ اوجه من تعامل الشرطة الأمريكية العنيف، وحالات القتل التي تنتهي بفصل الضابط القاتل أو تغريمه وصولاً إلى الأحكام القضائية المخففة.

بركان قابل للانفجار

تحولت أمريكا بعد أن كانت هي بوتقة انصهار الثقافات والمعارف المختلفة للمهاجرين إلى فوهة بركان قابل للانفجار في أي وقت، تضاءلت اللحمة الاجتماعية وتعاظم الانقسام المجتمعي وأصبح العدو داخلياً مع تصاعد الخطاب العنصري والذي يُتهم ترامب بشكل أساسي أنه المتسبب فيه، إلى جانب عوامل متعددة ساهمت في تراجع تأثير الطبقة الوسطى المتعلمة التي كان يعول عليها أي مرشح للرئاسة في مقابل تنامي التطرف اليميني.

 تاريخ من التمييز العنصري

 تزامن ذلك مع تصاعد الاتهامات للشرطة الأمريكية برفع مستوى العنف في مواجهة الاحتجاجات إلى مستويات غير مسبوقة أصابت حتى كبار السن والأطفال، حيث سجل أحد الشباب فيديو يعكس العنصرية المتشددة بين أبناء الولايات المتحدة الأمريكية وبالتحديد في منطقة «إنديانا»، ويظهر بالفيديو عدد من البيض المدججين بالسلاح، وهم يتابعون في تربص المتظاهرون المساندين لـ«جورج فلويد»، خصوصًا بعد ترديد هتافات عنصرية من نوعية «احصل على وظيفة»، «أنت لا تنتمي إلى هنا» و«أنت سبب المشكلة».

ووفقًا لما قاله المتظاهرين من ذوي البشرة السمراء، أن رجال الشرطة أثناء مسيرة الاحتجاج، كانوا يقفون بجوار المتظاهرين البيض ليؤكدوا لهم دعم رجال البوليس الكامل وحمايتهم، كما أبلغت الشرطة الأشخاص الذين يعارضون المتظاهرين أن الشرطة تقف مع المظاهرة.

 يذكر أن البند الثاني من الدستور الأمريكي ينص على حق الأشخاص في حمل السلاح الناري، لكن ما حدث خلال فترة الاحتجاجات الحالية كان استخدامًا مفرطًا في حمل السلاح بمختلف أنواعه، وأضاف لكن ما شاهدناه من سلاح كان مفرطًا.

 

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي