«حلمنا ليس ضعف.. ولا صبرنا تردد».. مصر بعد 7 سنوات من 30 يونيو

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

أيام قليلة وتحل علينا؛ الذكرى السابعة لثورة تصحيح مسار الدولة المصرية على كافة المستويات سواء داخليا أم إقليميا أم دوليا، وذلك بعد التركة سيئة السمعة التي تركتها جماعة الإخوان الإرهابية إبان حكم المعزول محمد مرسي.

السياسة الخارجية
وبالفعل تكاتفت الأيادي، وعقدت القلوب العزم مصحوبة بإرادة سياسية وشعبية، لتصحيح المسار الذي أنحرف خلال حكم جماعة الإرهاب، وتم وضع خارطة طريق كانت بمثابة طوق النجاة للدولة بعد عام من التخبط على كافة المستويات، وكانت الخطوة الأولى إعادة بناء السياسة الخارجية المصرية، والتي كان إطارها العام الاعتماد على مبادئ الندية والالتزام والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لها، وتحقيق مصالح الشعب المصري من خلال إدارة علاقات مصر الدولية في إطار الشراكة ودعم إرادة الشعوب ودعم الحلول السياسية السلمية في القضايا محل الصراع.

«تحسين صورة مصر وتوضيح طبيعة التحديات الخاصة التي تواجهها الدولة، والتعامل مع الإرهاب والفكر المتطرف كقضية ذات أولوية قصوى، وعلاقتها المباشرة بالأزمات التي تمر بها بعض دول المنطقة»؛ كانوا من أبرز سمات السياسة المصرية في هذه الحقبة الانتقالية، بالإضافة إلى استعادة ثقل مصر الإقليمي والدولي والعودة إلى للعب دور مهم وحيوي في الملفات التي طالما عكفت مصر عليها خاصة القضايا الدولية متعددة الأطراف، وقضايا الاقتصاد والتعاون الدولي ، وعلاقات مصر الخارجية على المستويين الثنائي والجماعي، خاصة بعد أن نجحت الجماعة الإرهابية في قطع العلاقات الإستراتيجية مع سائر دول الخليج والارتماء في أحضان قطر كأبرز داعم للإرهاب.

جني الثمار

ولصدق النوايا بجانب العمل الدءوب من قبل الإدارة المصرية تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، بدأت مرحلة جني الثمار جنبا إلى جنب مع جهود تقوية مؤسسات الدولة الداخلية وتطويرها وزيادة تماسكها مع الشعب، بل إن الشعب أصبح شريك أساسي في كل خطوة للأمام، وبدأت مصر تحصد ثمار سياساتها الخارجية وكانت أولى تلك الثمار، حصول مصر على مقعدٍ غير دائم في مجلس الأمن خلال دورة 2016- 2017، طبقًا لنظام التناوب على المقعد العربي بين الدول العربية من غرب أسيا وشمال إفريقيا، كما ترأست مصر لجنة مكافحة الإرهاب بالمجلس، وترأست القمة العربية، كما جمعت بين عضوية مجلس السلم والأمن الإفريقي ورئاسة لجنة رؤساء الدول والحكومات الإفريقية المعنية بتغير المناخ.

وجاء ذلك بعد أن فترة عزلة عانتها مصر بسبب قرار مجلس الأمن والسلم التابع للاتحاد الإفريقي، عقب ثورة 30 يونيو، بتجميد عضوية مصر في أنشطة الاتحاد، ولكن مصر قامت بشرح الظروف التي تمر بها البلاد من خلال سفرائها لدى الدول الإفريقية، الذين نقلوا رسائل من الرئيس الأسبق عدلي منصور إلى نظرائهم في الدول الإفريقية، شرح لهم خلالها الخطوات التي اتخذتها مصر نحو تنفيذ خارطة الطريق، حتى انتهى الأمر بتسلم مصر قيادة القارة السمراء لمدة عامٍ، حين تسلم الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة الاتحاد الإفريقي من الرئيس الغيني ألفا كوندي.

وسعت مصر أيضا إلى تطوير التعاون مع الأشقاء الأفارقة واستعادة الدور المصري الرائد في أفريقيا في إطار الإستراتيجية التي تتبناها الحكومة نحو الانخراط الكامل والتعاون مع الدول الأفريقية، وذلك لما تمثله العلاقات المصرية الأفريقية من أهمية للأمن القومي المصري، مع التركيز على تعزيز العلاقات الثنائية بين مصر وكافة الدول الأفريقية، خاصة دول حوض النيل ومنطقة القرن الأفريقي.

الدور العربي
ولأنها مهمومة بقضايا المنطقة، حرصت مصر على عودة العمل العربي المشترك كأساس لحل الصراعات التي تعاني منها المنطقة، مع التأكيد على أن أمن الخليج جزء لا يتجزأ من أمنها القومي، وشرعت في تنفيذ ذلك على الأرض من خلال ضلوعها في إيجاد حلول لتلك الصراعات، وكان أبرزها الصراع المستعر في ليبيا، بالإضافة إلى سوريا واليمن والعراق وفلسطين والسودان؛ وغيرهم..

كما شاركت مصر في إطار عضويتها في جامعة الدول العربية في العديد من القمم والاجتماعات الوزارية والفعاليات سواء في الإطار العربي، أو في أطر عربية مع أطراف إقليمية ودولية، وذلك بهدف تعزيز مكانة مصر، وتفعيل اتصالاتها الإقليمية والدولية وبما يحقق المصالح المصرية والعربية.

وسعت إلى دعم المنظومة الأمنية العربية عبر تحديث التشريعات العربية لمكافحة الإرهاب واستصدار قرار مصري من قمة الظهران بشأن تحديث المنظومة العربية لمكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى المشاركة في منتديات التعاون العربي الوزارية مع كل من الصين، واليابان، والهند، وأذربيجان ودول آسيا الوسطى، والاتحاد الأوروبي.

ثقل دولي وإقليمي
وعلى المستوى الدولي، بدأت مصر في فتح خطوط مع جميع القوى الدولية بما يحقق مصالحها، ونجحت في تعزيز العلاقات مع دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا ودول آسيا وخاصة الصين، وبالفعل شرعت الدبلوماسية المصرية بعد ثورة 30 يونيو في تعزيز التعاون والتنسيق بين مصر ودول القارة العجوز التي تعد الشريك الأول لمصر في المجالات السياسية والاقتصادية، فضلا عن تعزيز التعاون المشترك مع تلك الدول في الحرب على الإرهاب ومكافحة الهجرة غير الشرعية وبحث أزمات اللاجئين الفارين من ويلات الحروب التي عصفت بليبيا وسوريا والعراق واليمن.

ما دفع الاتحاد الأوروبي للإعلان في أكثر من مناسبة عن أنه يدعم الدولة المصرية وسياستها الإصلاحية التي تقوم بها الحكومة المصرية، وأنه يدعم الاقتصاد الوطني وفتح مجالات أخرى للتعاون المشترك وتعزيز الشراكة الإستراتيجية بين القاهرة وعدد من الدول التي تلعب دورا بارزا في الاتحاد الأوروبي وفى مقدمتها ألمانيا وفرنسا.

أما فيما يتعلق بالعلاقات المصرية - الأمريكية، كانت من أبرز التحديات التي نجحت السياسية الخارجية في تعزيزها ما دفع واشنطن للإعلان على لسان وزير خارجيتها في حينها ريكس تيلرسون على عقد آلية للتشاور السياسي بين البلدين، وذلك لتعزيز التنسيق والتشاور بين القاهرة وواشنطن في الملفات ذات الاهتمام المشترك وفى مقدمتها الحرب على الإرهاب والصراعات الراهنة في الشرق الأوسط وسبل دفع عملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

كما سعت الدبلوماسية بالدولتين لإيجاد إطار مؤسسي يتسم بصفة الاستمرارية وهو ما يُطلق عليه الحوار الإستراتيجي، لتحقيق التفاهم بين البلدين بمعزل عن التفاصيل اليومية لإدارة العلاقات المصرية – الأمريكية، وحددا ثلاثة أهداف كبرى لتعاونهما وهي: السلام والاستقرار الإقليمي، والتصدي للإرهاب، والإصلاح الاقتصادي.

كما نجحت مصر في تعزيز العلاقات المشتركة مع الدب الروسي بعد 30 يونيو، وذلك بعد سنوات من التهميش لدور موسكو في المنطقة، وشهدت العلاقات طفرة هائلة، حيث تم إبرام عدد من الصفقات العسكرية التي بموجبها لم يقتصر الاعتماد المصري على المساعدات العسكرية الأمريكية أو غيرها.

ومع بداية حكم الرئيس السيسي، بدأ تفعيل صيغة 2+2 من أجل تحقيق تنسيق عسكري وسياسي كامل والتشاور المشترك في التعامل مع السياسة الإستراتيجية للبلدين، لتصبح مصر الدولة السادسة التي ترتبط معها روسيا بمثل هذا الإطار الهام من المباحثات الإستراتيجية على مستوي وزيريّ الخارجية والدفاع، وهو ما يعكس العلاقة الإستراتيجية الخاصة بين البلدين.

وربما كان من أبرز التحولات العالمية الإيجابية تجاه مصر، بعد سنوات من ثورة 30 يونيو، هو الحضور الواضح لقادة العالم في القمة العربية - الأوروبية التي نظمتها مصر في مدينة شرم الشيخ فبراير من عام 2019، والتي حضرها رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك، ورئيس المفوضية الأوروبية جون كلود يونكر، وممثلة السياسة الخارجية الأوروبية فيدريكا موجريني، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ومستشار النمسا سيباستيان كورتز، ورئيس رومانيا كلاوس يوهانس، ورئيس وزراء بريطانيا تيريزا ماي، وغيرهم من القادة.

مصر على أرض صلبة
ولعل أبرز ما يعكس كيف أصبحت مصر تقف على أرض صلبة بثقلها السياسي والشعبي، بعد 7 سنوات من ثورة 30 يونيو، ما خرج به الرئيس عبد الفتاح السيسي من تصريحات خلال تفقده وحدات القوات المقاتلة التابعة للقوات المسلحة بالمنطقة الغربية العسكرية، حيث أكد أن تجاوز مدينة سرت وقاعدة الجفرة الجوية الليبية تعتبر بمثابة خط أحمر لمصر وأمنها القومي.

وقال السيسي إن أي تدخل مصري مباشر في ليبيا بات شرعيا، مشددا على ضرورة سحب كافة القوى الأجنبية إلى خارج ليبيا بشكل فوري، وذلك في إشارة إلى الانتهاكات التركية على الأراضي الليبية، لافتا إلى أنه يخطئ من يعتقد أن حلمنا ضعف، وأن الصبر تردد، صبرنا صبر لاستجلاء الموقف وإيضاح الحقائق لكن ليس ضعفا وتردد.

هذا فيما يتعلق بالأوضاع في ليبيا، أما أزمة سد النهضة التي تشهد عرقة من قبل الجانب الأثيوبي، فقد لفت السيسي إلى أن مصر تحركت إلى مجلس الأمن بملف سد النهضة لإعطاء السلوك السياسي والتفاوضي حتى نهايته. وأضاف: "نحتاج إلى أن نتحرك بقوة، من أجل إنهاء المفاوضات والوصول إلى اتفاق.. وإلى حلول تحقق المصلحة للجميع".

كما قال وزير الخارجية سامح شكري، في حوار أدلى به لوكالة أنباء «أسوشيتد برس"» إنه إذا لم ينجح مجلس الأمن في إيقاف مساعي إثيوبيا لبدء ملء سد النهضة قبل التفاوض والتوصل لقواعد للملء والتشغيل، فسوف نجد أنفسنا في موقف يتعين التعامل معه، وسوف تكون مصر صريحة وواضحة للغاية في الإجراء الذي ستتخذه».