آمنية

مرادف الحياة

محمد سعد
محمد سعد

دخلت الجائحة أسبوعها السادس عشر ونحن ننتظر ذروتها دون جدوى، فلا حديث الآن غير حديث "فيروس كورونا" الذى سيطر على جميع الأجواء، لقد احتل الفيروس الطرقات وسكن الأسطح وجدران البنايات، محاصرا "ابن آدم" الذى وقف أمامه مذعورا، قليل الحيلة ومعدوم الصلاحية حتى إشعار آخر، فقد أصبح بقاء البشر فى منازلهم ضرورةً حتمية للحد من الانتشار السريع لهذا الوباء.
لكن هناك من لا يبصر الخطر بينما يسكن تحت أقدامه الموت، يستهزئ به من يتعاملون مع واقعه فى الشوارع وكأنه سحابة صيف سرعان ما تزول دون أن تترك خلفها أثرا، الخطر قائم بقوة يمتد هنا وهناك ويشتد فتكا بالبشر فى شتى أنحاء المعمورة، ودول كبرى تتهاوى أمام الفيروس الهلامى ويجعلها تقف عاجزة فلا تقوى على وقف حصده للأرواح، والناس لا تضع فى أذهانها تلك الصورة القاتمة رغبة فى الإبصار بواقع آخر بينما الحقيقة أبشع مما يتصور كثيرون.
الأمر ليس بالهزل الذى يتعامل به الناس فى شوارع مزدحمة وسلوكيات تنذر باشتداد الخطر وقسوته وكأنهم لا يؤمنون بما يبصرون أرواحا تحصد كل ثانية، والعلماء عاجزون عن دواء يؤمن حياة البشر والطب خارت قواه فى ان يشفى داءً أودى بحياة أطباء.
عجز العلماء والأطباء حتى اللحظة-يجربون الأمل فى دواء- يقف جميع البشر فى دول ظنت أنها قادرة على درء كل المخاطر بينما ضربها فى مقتل فيروس لا حول له ولا قوة، إنها رسالة السماء وفوق كل ذى علم عليم والله يعلم وأنتم لا تعلمون.
ووسط كل ذلك يسلك المصريون سلوكا ينفصل عن الواقع لا يؤمنون بالخطر الساكن فى الشوارع المزدحمة وأماكن تجمعات البشر إنه الخطر الذى لا يؤمن به الناس ودرء الخطر يفرض واقعه.
إن المجتمع بحاجة ليراجع سلوكيات حياته وإلغاء الكثير من سلبياته، فالناس اليوم أحوج ما يكونون لتغيير ثقافتهم خاصة فى المدن الأكثر اكتظاظا بالسكان، لأنَ الموت أقرب إليهم من حبل الوريد، وهذا الفيروس يكتب حاليا نهايات جديدة ليست معتادة كالنهايات التى عاشها البعض فى زمن الحروب والصراعات.
الزموا البيوت واهجروا أماكن الزحام وكونوا على يقين بأن هناك خطرا محدقا مازال قائما، الدولة أدت ما عليها من مسئوليات والمصريون يقفون فى الشوارع ويزدحمون فى أماكن التجمعات لا يبصرون حقيقة الخطر.
قد يكون استهتار المصريين بالخطر دافعا للدولة بمزيد من إجراءات السلامة والحفاظ على الأرواح، فالخطر يزداد حقا، فاستهتار الناس قد يؤدى بنا إلى مناطق أشد خطرا، ابصروا الواقع فإن فى إبصاره طوق النجاة.
> مسك الختام
ينبغى ألاَ ندع الخوف يتغلب علينا فى معركتنا مع الفيروس، كما يجب أن نتعلم من تجارب الدول التى انتشر بها المرض ونساعد فى تقليل انتشاره، وأتمنى أن أرى اليوم الذى نشهد فيه فتح البلاد ويسمح لنا بالخروج والذهاب إلى الأشغال والتسوق والمتنزهات والأماكن العامة، نعم اشتقت لهذا الضجيج، وأعرف أن البعض لا يحب كل هذا الصخب لكن بعد كل هذا المنع من التجول والحجر الصحى وفترات العزل الطويلة فإننى وصلت لقناعة ان الضجيج مرادف للحياة.