مصر الجديدة :

هبة السويدى.. فخر مصر والمصريين

إبراهيم عبد المجيد
إبراهيم عبد المجيد

كانت أول مرة أسمع اسم هذه السيدة العظيمة أيام ثورة يناير وما بعدها من أيام جمع غاضبة حين عرفت أنها شاركت بشكل كبير فى علاج كثير من المصابين فى مصر وخارجها حتى لقبها الشباب بأم الثوار وامتد الأمر إلى بعض ضحايا الثورة الليبية ولم تكن تهدف من هذا كله إلا العمل الإنسانى. خفتت الأمور ولم أعد أسمع صوتا من أى جهة حتى رأيتها أمامى على الفيسبوك وقد فقدت ابنها الصغير فلذة كبدها إسماعيل فى أغسطس عام 2015 وهو مقبل على السنة الأولى بالدراسة الجامعية. كان الأمر مؤلما جدا فلقد خطفه الموت فجأة بلا مقدمات إذ استيقظت لتجده قد فارقته الروح وهو نائم على فراشه. أى صدمة جبارة يمكن أن تتخيلها لأى أم؟ لم يمر وقت طويل وعرفت أنها قد بدأت مشروعها الكبير لتأسيس مستشفى أهل مصر لعلاج الحروق بالمجان صدقة عظيمة على روح ابنها. فكرة أن يقوم رجال أعمال ببناء مستشفيات فكرة أصيلة فى المجتمعات غير المركزية ولقد بُنيت النهضة المصرية كلها قبل 1952 على جهود العمل الأهلى. مستشفيات ومدارس وملاجئ وغيرها. كان رجل الأعمال من الباشوات يبنى المدرسة ويقدمها هدية لوزارة المعارف أو يبنى المستشفى ويقدمه هدية لوزارة الصحة. لكن هذا لم يعد يحدث وصارت المستشفيات الخاصة مصدر ربح ومشروعات استثمارية. مشى الأمر عاديا فهبة السويدى تفعل ما تحبه وتراه واجبا إنسانيا. وهذا أمر يختلف عن الجمعيات التى نسمع بها لأننا هنا أمام مشروع واضح وكبير هو مؤسسة أهل مصر لبناء مستشفى أهل مصر للحروق. والأهم وما يجب ألا ينسى أن النسبة الأعظم فيه من مالها الخاص ومال العائلة. هبة السويدى هكذا نموذج عظيم على ما يجب أن يفعله الأثرياء. يتقدم المشروع كل يوم حتى أتى زمن الكورونا فإذا بهبة السويدى تحول جهدها إلى مكافحة هذا الوباء. هكذا رأينا كيف اشترت كثيرا جدا من الأدوات المطلوبة ومنحتها إلى مستشفى حميات إمبابة وغيره ثم كيف خصصت مؤسسة أهل مصر فى خلال شهر ثلاثة مبانٍ تابعة لها تم التبرع بها من مؤسسة هلال السويدى لتنمية المجتمع إلى مستشفيات للحجر الصحى بطاقة استيعابية خمسمائة وأربعين سريرا، ضمن بروتوكول التعاون بين مؤسسة أهل مصر ووزارة الصحة ووزارة التضامن الاجتماعى. فى وقت ترفع المستشفيات الخاصة أسعار العلاج أكثر من الحكومة بمراحل. أعرف أن كثيرا من رجال الأعمال تبرعوا للدولة نفسها بالمال لكن لن يعيب أحد أن أقول إن التبرع للمستشفيات نفسها مباشرة كان أفضل ولا أظن أن الدولة ستمنع ذلك. لكن دعنا نكون مع العظمة والجمال. أعنى مع هذ السيدة العظيمة التى ستدخل تاريخ مصر والمصريين من أفضل مكان وستظل تاجا على الرءوس. لا أسمع صوتا للجمعيات الأهلية التى تصدع رأسنا طول العام بالتبرعات فيما يخص الكورونا وما تفعله فى العباد إلا جمعية «مرسال» التى تقوم بدور كبير فى نقل وعلاج المرضى على نفقتها ولها كل الشكر والتقدير وإلا شباب مستشفى 25 يناير الذى لم يكتمل بعد بقرية الشبراوين بالشرقية الذين يقومون بدور كبير فى كشف المرض عند من يحيطون بهم من القرى ومساعدتهم فى الانتقال إلى المستشفيات العامة وهذا جهد طيب لمن لا يملك شيئا ومنتظر منهم. سيظل مكان هذه السيدة، هبة السويدى، عظيما عبر التاريخ. وأعود إليها لأقول لها إنه رغم أنك لا تنتظرين شكرا أو ثناء من أحد فلقد جعلتِ لهذا البلد معنى حتى لو كنتِ وحدك وستظلين عبر التاريخ فخرا لهذه الأمة مهما ضاقت سبل الحياة حول الناس.