خبير آثار : بوتقة تعانق الأديان تتجسّد ب«مخطوطات» مكتبة دير سانت كاترين

بوتقة تعانق الأديان تتجسّد ب«مخطوطات» مكتبة دير سانت كاترين
بوتقة تعانق الأديان تتجسّد ب«مخطوطات» مكتبة دير سانت كاترين

أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بمناطق آثار جنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار أن مكتبة دير سانت كاترين تعد الثانية على مستوى العالم بعد مكتبة الفاتيكان

وأوضح أن مخطوطاتها والمكتبة وحدة معمارية داخل الدير، لها أهمية كبيرة لدى الرهبان من الناحية الروحية والعلمية حيث يقضون معظم أوقاتهم فى قراءة الكتب الدينية والكهنوتية، وتقع فى الدور الثالث من بناء قديم جنوبى كنيسة التجلى، مكونة من ثلاث غرف فى صف واحد وكانت الحجرة الوسطى من قبل مجلسًا للرهبان.

 ويشير الدكتور ريحان إلى أن المكتبة تضم 4500 مخطوط، منها 600 مخطوط عربى عدا اللفائف المخطوطة باللغة العربية وعددها ألف لفافة ومن المخطوطات 2319 مخطوط يونانى، 284 مخطوط لاتينى، 86 مخطوط جورجيانى، بالإضافة إلى المخطوطات السوريانية، القبطية، الحبشية، السلافية  الأمهرية، الأرمينية، الإنجليزية، الفرنسية والبولندية.

وهى مخطوطات دينية، تاريخية، جغرافية وفلسفية، وأقدم هذه المخطوطات يعود إلى القرن الرابع الميلادى ، وبعض هذه المخطوطات كتبت فى سيناء وبعضها من فلسطين  وسوريا واليونان وإيطاليا، وبعضها يحمل أسماء الناسخين دون الإشارة إلى مكان مثل سليمان الشماس وجورج ونيكولاس فى القرن الثانى عشر والثالث عشر الميلادى  وبالمكتبة ألف وثيقة فى شكل لفائف تحمل تطور الخط العربى الديوانى بين القرنين الثانى عشر والتاسع عشر الميلادىين .

وينوه الدكتور ريحان إلى أقدم مخطوط بالمكتبة وهى التوراة اليونانية المعروفة باسم كودكس سيناتيكوس codex Sinaiticus  وهى نسخة خطية غير تامة من التوراة اليونانية  كتبها أسبيوس أسقف قيصرية عام 331م تنفيذًا لأمر الإمبراطور قسطنطين، ثم أهداها جستنيان إلى الدير عام 560م .

اكتشفها بدير سانت كاترين قسطنطين تشيندروف عند زيارته للدير اعوام 1844 ، 1853 ، 1859 وبعد الزيارة الأولى عام 1944 اخذ أوراق عديدة من المخطوط إلى جامعة ليبزج leipzig والجزء الأكبر من الوثيقة حصل عليه تشيندروف فى رحلته الأخيرة عام 1859 وهى التى قدمها إلى الإسكندر الثانى قيصر روسيا وحفظت بمدينة سان بطرسبورج St. Peters-burg بأمر القيصر الروسى وأعيد نسخها وارسلت نسخة لدير سانت كاترين ، وفى عام 1933 باعتها الحكومة الروسية للمتحف البريطانى بمبلغ مائة ألف جنيه استرلينى .

واستعارها العالم الألمانى تشيندروف عام 1865 من أجل قيصر روسيا لغرض الدراسة وظلت فى مدينة بطرسبورج ولم تعد من وقتها، وفى عام 1933 اشتراها المتحف البريطانى بمبلغ مائة ألف جنيه استرلينى 

وقد تقدم الدكتور ريحان رسميًا بمذكرة علمية إلى المجلس الأعلى للآثار عام 2012 لعودة هذا المخطوط الهام من روسيا وألمانيا.

 ويشير الدكتور ريحان إلى الإنجيل السريانى بالمكتبة المعروف باسم (بالمبسست) وهى نسخة خطية غير تامة من الإنجيل باللغة السريانية مكتوبة على رق غزال، قيل هى أقدم نسخة معروفة للإنجيل باللغة السريانية، ويظن أنها مترجمة عن أصل يونانى فى القرن الثانى الميلادى ، وقد تمت قراءات جديدة بتقنيات حديثة لمخطوط بالمبسست أعلن عنها الدكتور خالد العنانى وزير الآثار فى يوم 4 يوليو 2017 فى احتفالية كبرى بقاعة أحمد كمال بمقر وزارة الآثار بالزمالك وقد أعلن عن اكتشاف جديد خاص بمخطوط بالمبسست المحفوظ بمكتبة دير سانت كاترين يتمثل فى قراءة لنصوص جديدة ويعد مخطوط بالمبسست أقدم نسخة معروفة للإنجيل باللغة السريانية تعود لآواخر القرن الخامس أو بداية القرن السادس الميلاديين ويظن أنها مترجمة عن أصل يونانى فى القرن الثانى الميلادى ويجذب أنظار العالم لأهمية مكتبة دير سانت كاترين. 

ويتابع الدكتور ريحان بأن مصطلح بالمبسست يقصد به المخطوط الذى يتكون من طبقتين بالكتابة أو أكثر الأولى هى الكتابة التى تم محوها وهى الأقدم وعادة ما تكون باهتة ومن الصعب قراءتها حيث أن هذه الطبقة الممحاة من الممكن أن تقدم معلومات هامة عن تاريخ الدير أثناء العصور الوسطى وكذلك من الممكن أن تضم هذه الطبقة نصوص قديمة لم تتم دراستها والطبقة الثانية تنتمى كتابتها إلى تاريخ أحدث، وتاريخ المخطوط أن النص الأحدث يعود إلى القرن الثامن أو التاسع الميلاديين.

ومادة المخطوط من  الرق  وهو عبارة عن جلد الماعز أو الغزال وموضوع المخطوط عبارة عن أناجيل للاستخدام فى الكنيسة .

ويشير الدكتور ريحان إلى المخطوط الثالث ذات الأهمية الكبرى بالمكتبة وهى العهدة النبوية وهو كتاب العهد الذى كُتب للدير فى عهد نبى الله محمد عليه الصلاة والسلام وكان الأصل محفوظًا فى الدير إلى أن دخل السلطان سليم الأول مصر سنة 1517م فأخذ الأصل وأعطاهم نسخ معتمدة منه مع ترجمتها بالتركية، وفى المكتبة الآن عدة نسخ منها بعضها على رق غزال وبعضها على  ورق متين وبعضها فى دفتر خاص، وهو العهد الذى يؤمّن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الكتاب على أموالهم وأنفسهم وممتلكاتهم ، وقد تقدم الدكتور ريحان رسميًا بمذكرة علمية إلى المجلس الأعلى للآثار عام 2012  لعودة هذه العهدة من تركيا.