خبير آثار يرصد دور الإعلام في مصر القديمة والعصر الإسلامي

الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية
الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية

أكد الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بمناطق آثار جنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار، أن مصر القديمة عرفت الإعلام الرسمي والمستقل، حيث كان الإعلام الرسمي إعلاما مركزيا تحكم فيه الملك وقليل ممن حوله من الأمراء والنبلاء، الذين نقلوا للمواطنين ما أرادوا نقله من أوامر وأخبار. 

وقال الدكتور ريحان في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم بمناسبة عيد الإعلاميين الـ ٨٦ اليوم الأحد إن الإعلام المستقل ظهر واضحا من خلال النقوش التي وجدت في المقابر الخاصة بكبار القوم، كما ظهر أيضا من خلال الرسائل والوصايا التي حملتها أوراق البردي لعدد من الوزراء والحكماء، وذلك وفقا لدراسة أثرية للدكتور حسين دقيل الباحث المتخصص فى الآثار اليونانية والرومانية. 

وأضاف أن بعض تلك النقوش دارت حول بعض الحكم والآداب والنصائح الدينية والدنيوية التي يجب أن يلتزم بها المواطنون كي يكونوا أسوياء، وقد جاءت في مجملها في صورة أدبية رائعة، موضحا أنه إلى جانب الإعلام المحلي في مصر القديمة، فقد وجد نوع من الإعلام الدولي تجاوز القطر المصري حتى وصل للعديد من دول الجوار جنوبا وشرقا وغربا، حيث وجدت في بلاد النوبة وإثيوبيا وفلسطين وسوريا وليبيا وغيرها من الدول؛ نقوش قديمة تحمل الكثير من أخبار مصر خلال تلك الفترات.

وأشار إلى الإعلام قبل الإسلام في الجزيرة العربية، والذى تجسد في القصيدة الشعرية والتي تطورت وبلغت لغة الخطابة ذروتها في العصر الإسلامي، وقد صنف علماء النفس والاجتماع السلوك الإعلامي (الاتصالي) إلى ثلاثة مستويات ، وانطبق المستوى الثاني على السيرة النبوية والذي يسمونه مستوى الاتصال الغرضي أو الهادف الذي يتميز بوجود غرض لدى البادئ بالاتصال في أن يؤثر في سلوك من يستقبل الرسالة. 

وتابع أن السيرة النبوية تحكي الجانب العملي للرسالة التي حملها الرسول - صلى الله عليه وسلم للبشرية بغرض الهداية إلى سبيل الله «عز وجل» والتبشير بالإسلام والدعوة إليه. 

ولفت إلى دور الدعوة أو الإصلاح الذي أطلق عليه في القرون الوسطى لفظ (بروباجاندا) أي النشاط الهادف إلى نشر الدعوة والتبشير بها وكسب المؤمنين بها، فقد كانت حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - من بدء البعثة إلى وفاته سلسلة متصلة من الدعوة والنشاط لنشر الدعوة، وإذا قلنا إن الإعلام يعني الدبلوماسية المفتوحة أو الدبلوماسية الشعبية والعمل السياسي الخارجي فإن سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد أصّلت لهذا المعنى وقامت به على أكمل وجه وأمثله سواء كان ذلك في البيعات التي بويعها الرسول من أصحابه، أو كان في المعاهدات والاتفاقات التي أبرمها مع غير المؤمنين به.

وأشار الدكتور ريحان إلى دور الإعلام فى موكب الحجيج من مصر إلى مكة المكرمة حيث خصص رجل إعلام يرافق الرحلة من بدايتها حتى عودتها يمثل " وكالة أنباء " تسجل كل تفاصيل الرحلة، وكان هذا الرجل يسير مسرعا للقاهرة بعد نهاية الرحلة ليبشر السلطان والرأى العام بأحداث الرحلة وما صادفهم من مشقة وعدد الوفيات وكيف سار وفد الحجاج فى رحلته.

وكشف عن دور الحمام الزاجل في الإعلام ، حيث أن أول من نظم حمام الزاجل لنقل رسائل الحكومة، هو السلطان نور الدين محمود، الذي ولى حكم الشام عام 1146م، وأنشأ محطات للحمام الزاجل في أهم طرق السلطنة، ونظم نقل البريد بواسطة الحمام الزاجل بين القاهرة ودمشق عن طريق غزة والقدس وكذلك بين القاهرة والإسكندرية. 

وأوضح أن الحمام الزاجل يتميز بقوة عضلاته وصدره العريض وعينيه الواسعتين ويستطيع أن يسير ألف كيلو متر دون توقف، لافتا إلى أنه تم استخدام الحمام الزاجل في الحرب العالمية الأولى والثانية واستخدمته وكالة رويتر في بداية عملها.

و تابع أن الإذاعة المصرية كانت قد افتتحت في تمام الساعة الخامسة والنصف مساء يوم 31‏ مايو عام 1934 بآيات من الذكر الحكيم بصوت الشيخ محمد رفعت، وتلاها انطلاق صوت أم كلثوم التي تقاضت ٢٥ جنيها نظير إحيائها للافتتاح، وغني أيضًا في ذلك اليوم المطرب صالح عبد الحي، ثم مطرب الملوك والأمراء محمد عبد الوهاب ومع أحمد سالم كان المذيع محمد فتحي الذي عرف بلقب "كروان الإذاعة".