صور| « سانت كاترين» عذّبها الرومان بالإسكندرية وعثر على رفاتها بسيناء

 « سانت كاترين» عذّبها الرومان بالإسكندرية
« سانت كاترين» عذّبها الرومان بالإسكندرية

بني الإمبراطور «جستنيان » دير طور سيناء وخصص للعذراء مريم  وفى القرن التاسع الميلادي أطلق على الدير "دير سانت كاترين" أشهر أديرة العالم حاليًا، فما هي حكاية سانت كاترين.

يوضح خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بمناطق آثار جنوب سيناء أن سانت كاترين هي ابنة كوستاس من عائلة نبيلة بالإسكندرية وعاشت بالإسكندرية أيام حكم الإمبراطور الروماني مكسيمانوس 305- 311م، وتحولت إلى المسيحية ، ومن أجل أن ينتزعها الإمبراطور من  المسيحية أصدر أوامره إلى خمسين حكيمًا من حكماء عصره أن يناقشوها ويجادلوها في سبيل دحض براهينها عن المسيحية، إلا أن جميع محاولاتهم باءت بالفشل وجاءت النتائج عكسية لدرجة أن هؤلاء الحكماء ما لبثوا أن انضموا إلى صفوف المسيحية وحذا كثيرون حذوهم وكان من بينهم أقرب المقربين للإمبراطور من رجال البلاط.

ويشير الدكتور ريحان إلى تعذيبها على يد الإمبراطور الروماني مكسيمانوس الذى أمر بصناعة عجلات يبرز منها مسامير ورؤوس سكاكين مدببة ليضعونها فيها، ولم يؤثر هذا على إيمانها مما دفع أحد الجنود لقطع رأسها ، وبعد مضى خمسة قرون على استشهادها رأى أحد رهبان سيناء رؤيا بأن الملائكة حملوا بقايا جسدها ووضعوها فوق قمة جبل قرب الدير، فصعد الرهبان إلى الجبل فوجدوا بقايا الجثامين فدفنوها في أعلى ذلك الجبل ثم نقل الرهبان تلك البقايا لكنيسة التجلي بالدير، ومن ذلك العهد أطلق على الدير اسم دير سانت كاترين وأطلق على الجبل جبل سانت كاترين ، ووضعت بقايا القديسة في صندوق ذهبي بمذبح الكنيسة.

وينوه الدكتور ريحان إلى أن الرفات شملت "اليد اليسرى والرأس" ثم حفظت في تابوت رخامي من القرن 12 إلى 18 ميلادية كما حفظت في صندوق من المرمر أعد عام 1231م بمذبح كنيسة التجلي والآن هناك تابوت تحت قبة المظلة التي تقع على يمين المذبح يحوى صندوقان من الفضة أحدهما يضم جمجمة القديسة كاترين يحوطها تاج ذهبي مرصع بالجواهر والآخر يضم يدها اليسرى وتزينها الخواتم الذهبية المرصعة بالأحجار الكريمة.

ويتابع الدكتور ريحان بأن علماء الحملة الفرنسية صعدوا إلى جبل سانت كاترين وصحبهم أحد رهبان ورأوا هناك صخرة من الجرانيت هي موضع تقديس من جانب المسيحيين، ولقد شرح لهم الرهبان قصة هذا التقديس، حيث وجد بعض المسيحيين على هذه الصخرة جثة لفتاة فأخبروا أحد الرهبان بالأمر، وذهب الجميع للتعرف على الجثمان وأقروا بأنه جثمان لشهيدة وأنه لا بد أن يكون جثمان القديسة كاترين التي نقلت حسب المعتقد الراسخ في الدير من الإسكندرية إلى هذه الصخرة بواسطة الملائكة الذين أنزلوا الجثمان عند سفح جبل حوريب ثم نقل الرهبان تلك البقايا إلى كنيسة التجلي بالدير ومن ذلك العهد سميت الكنيسة والدير باسم القديسة كاترين، وأطلق على الجبل جبل سانت كاترين ووضعت بقايا القديسة في صندوق ذهبي بمذبح الكنيسة .

ويروى علماء الحملة الفرنسية أن الجثمان كان في صندوق له نافذة من الرخام، وفى يوم عيد القديسة تعرض الرأس واليد اليمنى أمام النافذة وتنال تقديس الناس، ولقد رأى علماء الحملة الفرنسية أحد مراسم هذا الاحتفال فلقد زينت الكنيسة كما في أيام الأعياد الكبرى وأضيئت كافة الشموع والمصابيح، وبعد أن خر رئيس الدير والرهبان ساجدين ساروا في الكنيسة حتى بلغوا الشرقية ليقبلوا جبهة القديسة والخاتم بيد القديسة ، وعن جسد القديسة يذكر  De Geramb  أن الرهبان أخبروه عام 1775م أن جسد القديسة لا يزال هناك كاملًا ويشمل الرأس ويد واحدة لا يزال بها الخاتم الذي أعطاه لها السيد المسيح طبقًا لروايات الرهبان .

ويؤكد الدكتور ريحان أن شهرة سانت كاترين ذاعت في جميع أنحاء أوروبا خصوصًا بعد أن حمل سمعان المترجم – الذي يتحدث خمس لغات – رفات القديسة إلى منطقة الرون وترينس بفرنسا، وكتب في القرن العاشر الميلادي كتابه (استشهاد القديسة كاترينا المنتصرة شهيدة المسيح المعظمة)، وأصبح دير سيناء منذ ذلك الحين معروفًا للجميع كدير القديسة كاترينا، وإزاء ذلك تدفقت المعونات على دير سيناء من كل حدب وصوب، وانتشر تكريم القديسة ورسم صورها في الشرق والغرب والذين أظهروا في رسوماتهم أداة تعذيب القديسة وهى عجلة التعذيب . 

ويوضح أن دير سانت كاترين يضم حتى اليوم الكثير من أيقونات سانت كاترين يحيط بها مشاهد تمثل بعض أطوار حياتها واستشهادها ولقد أعد صندوق من المرمر عام 1231م لحفظ رفات القديسة يوجد حاليًا بمذبح الكنيسة الرئيسية، أما كف القديسة فقد وضع في صندوق من الفضة الخالصة أهداه قياصرة روسيا للدير عام 1688م، وهكذا وبعد العصر البيزنطى وحتى القرن العشرين أصبح لدير سيناء مقار سينائية متعددة تأسست في جميع أنحاء العالم وأعطوها اسم القديسة كاترين، منها المقر السينائي الهام في مدينة هراقليون بكريت الذي تخرج منه عددًا كبيرًا من شخصيات الكنيسة الهامة وزاره الدكتور ريحان بنفسه أثناء دراسته بجامعة أثينا.