في ذكرى وفاته.. تعرف على حكاية علاقة الشيخ رفاعة الطهطاوي بالآثار المصرية؟

الشيخ رفاعة الطهطاوي
الشيخ رفاعة الطهطاوي

تسلط اليوم «بوابة أخبار اليوم» الضوء علي الذكري الـ 27 من مايو، وبعد مرور 147 عاما على وفاته، نتعرف معا على علاقة الشيخ رفاعة الطهطاوي بالآثار المصرية من خلال السطور التالية.

نشأته: 

يذكر د. حسين دقيل الباحث المتخصص فى الآثار اليونانية الرومانية، أن الشيخ رفاعة رافع الطهطاوي ولد في مركز طهطا بمحافظة سوهاج، يوم الـ 15 من أكتوبر عام 1801م، ونشأ لأسرة متوسطة الحال، تلقى تعليمه الأولي في الكتاب، ثم التحق بالأزهر وانتظم في دراسته وتخرج فيه.

 

وفي الأزهر تعرف على أستاذه الكبير الشيخ حسن العطار، فكان من أبرز الشيوخ الذين تلقى العلم عنهم، وكان له دور كبير في توجيهه نحو طريق التجديد، ومن خلال الشيخ العطار أُتيح لرفاعة أن يسافر إلى فرنسا سنة 1826م ضمن بعثة كان قد أرسلها محمد علي، لدراسة اللغات والعلوم الأوروبية الحديثة، وكان دوره فيها إماما وواعظ لطلابها. 

 

كان رفاعة الذي يبلغ من العمر حينها 24 عاما، طموحا؛ فلم يظل حبيس مهمته كونه إمامًا للبعثة؛ فقد سعى إلى جانب ذلك إلى دراسة اللغة الفرنسية، وبعد خمس سنوات حافلة بالعلم قدم مخطوطة كتابه الذي نال بعد ذلك شهرة واسعة "تخليص الإبريز في تلخيص باريز".

 

ولما عاد رفاعة لمصر عام 1831م اشتغل بالترجمة في مدرسة الطب، ثم عمل على تطوير مناهج الدراسة في العلوم الطبيعية، وأفتتح سنة 1835م مدرسة الترجمة، التي صارت فيما بعد مدرسة الألسن وعيـن مديرًا لها إلى جانب عمله مدرسًا بها.

 

ومع تولِّى الخديوي عباس حكم مصر، أغلق مدرسة الألسن وأوقف أعمال الترجمة، ونفى رفاعة إلى السودان سنة 1850م. ولكن وبعد أربعة أعوام من النفي، عاد رفاعة بأنشط مما كان، فأنشأ مكاتب محو الأمية لنشر العلم بين الناس وعاود عمله في الترجمة "المعاصرة" ودفع مطبعة بولاق لنشر أمهات كتب التراث العربي "الأصالة".

 

ثم قام الخديوي سعيد بإغلاق المدارس وفصل رفاعة عن عمله سنة 1861م، غير أن رفاعة لم يتوقف عن نشاطه. غير أن هذا النشاط الدؤوب تعرض للتوقف مرة أخرى سنة 1861م، وخرج رفاعة من الخدمة، وألغيت مدرسة أركان الحرب، وظل متوقفا عن العمل حتى تولى الخديوي إسماعيل الحكم سنة 1863م، فعاد رفاعة إلى ما كان عليه من عمل ونشاط على الرغم من تقدمه في السن، لكنه وفي مثل هذا اليوم الـ 27 من مايو لعام 1873، توفي الشيخ رفاعة.

 

ويشير الدكتور حسين دقيل الي أن علاقة الشيخ رفاعة الطهطاوي

بالآثار المصرية : فهي علاقة وثيقة، نؤكدها هنا من خلال السطور التالية :

الأول: فهو أنه وبالرغم من أن تهريب الآثار المصرية للخارج موضوع قديم، إلا أن التشريعات المرتبطة به جاءت مع وجود رفاعة الطهطاوي، فمع تولي محمد علي حكم مصر؛ بدأ في وضع تشريعات وقوانين من أجل حمايتها ومنع تهريبها؛ ففي 15 أغسطس من عام 1835، قام بإصدار مرسوم يحظر تماماً تصدير جميع الآثار المصرية أو الاتجار بها، وشمل المرسوم إنشاء مبنى بحديقة الأزبكية بالقاهرة واستخدامه كدار لحفظ الآثار القيمة. 

 

ثم أصدر مرسوما آخر في نفس العام لإنشاء متحف للآثار، وسماه «متحف الأزبكية» ، وأسند مهمة الإشراف عليه إلى الشيخ رفاعة الطهطاوي، الذي نجح في إصدار قرار بمنع تجارة الآثار وتهريبها إلى خارج مصر، لكن بوفاة محمد على عام 1849 عادت الأمور مرة أخرى إلى عهدها الأول.

 

و الثاني؛ هو أنه توجد وثيقة هامة تعود لعصر محمد على أيضا، متعلقة بصيانة الآثار وحفظها، وهي مؤرخة فى الـ 10 من شهر رجب لعام 1251 هجرية الموافق الأول من نوفمبر لعام 1835 ميلادية، وهى بخصوص تقرير مقدم من (يوسف ضيا أفندي) المأمور بتفتيش (الأنتيقة) مكتوبة بالقاف هكذا، ويتضح من مسمى (الأنتيقة) أنها هي وظيفة مفتش الاثار حاليا.!

 

أهمية الوثيقة؛ أنها تكشف دور مسئولي الآثار ومجهودات الدولة حينها لمنع التنقيب عن الآثار وهدم المباني القديمة، وعدم السماح ببيع الأشياء الأثرية التي وجدت فى حفائر البيوت والمناطق الأثرية، حيث كان من المعتاد بيع تلك الآثار لقناصل الدول الأجنبية كما هو مذكور بالوثيقة. !

 

والشيخ (رفاعة الطهطاوي)، كان وقتها من مسؤولي الآثار بمصر مع يوسف ضيا افندي، شملت الوثيقة التنبيه على جمارك القصير والسويس ودمياط وإسكندرية وبولاق ومصر القديمة، بظبط أى (أنتيقات) تهرب وتسليمها إلى الديوان الخديوي، حتى تسلم إلى (الشيخ رفاعة) ويوسف ضيا، وهكذا كشفت الوثيقة أن الشيخ رفاعة الطهطاوي كان (مفتش آثار)!.