أسرة طبيب الأقصر تكريم الرئيس السيسى «لوالدنا نقطة فارقة في حياتنا»

طبيب الأقصر
طبيب الأقصر

طبيب بدرجة مقاتل  بهذه الكلمات وصف مرضى قسم الباطنة بمستشفى الأقصر الدولى الدكتور كارم محمود رئيس أقسام الباطنة  بالمستشفى  فقد إعتاد أن يكون أول من يدخل المستشفى قبل بداية ساعات العمل يواصل الليل بالنهار من اجل راحة المرضى  داخل القسم يستمع للشكاوى ويكافئ المخلصين ورغم انه إستشارى ورئيس الأقسام إلا أن يحرص على توقيع الكشف الطبى داخل العيادات الخارجية ليس فى يوم معين وإنما فى سائر الأيام  وهذا امر غير معتاد كما وصفه محمد عبد النبى أحد المسولين  بالمستشفى  الذى سألته هل هناك جوانب مضيئة فى حياة الدكتور كارم  قال بل قل كل حياته جوانب مضيئة من إلتزام وعشق لعمله ومعاملة طيبة وإنسانية للمريض فبالرغم من ان لم يمض على عمله عام واحد إلا انه ترك سيرة طيبة ورائعة فى نفوس كل من دخل مستشفى الأقصر الدولى

 أما إبنه الدكتور محمود كارم فيقول نحن كأسرة عشقنا رسالة الطب من تفانى والدى لمهنته وحبه لها  وبذله الغالى والثمين من أجل راحة المريض حتى انه دفع حياته بسبب إخلاصه فى عمله، لاأقول ذلك لأنه أبى ولكن أقولها لأنها شهادة حق من يكتمها فإنه آثم قلبه وأقولها لأنه سيظل نبراسا يضئ لى حياتى فى عالم الطب

ولعل الله قد عوضه بتكريم الرئيس الإنسان عبد الفتاح السيسى له ويكفى أن أرسل لنا بباقة ورد تحمل ترحمات الرئيس على أبى وهذا عندى أفضل من أى شئ فى الدنيا  فهى لحظة فارقة بالنسبة لنا أسعدت أسرتنا التى فقدت عائلها النبيل  فعوضها الله بتكريم الرئيس الذى يحس بأبناء شعبه الذى أحسسنا بأنه يعيش فينا وبيننا وشرفنا برسالة مع الدكتور السيد عبد الجواد وكيل وزارة الصحة بالأقصر أحيت نفوسنا وأسعدت قلوبنا  وأتمنى أن أقول  له شكرا لكم معالى الرئيس فما أجمل أن تعيش بقلب لا يحمل سوى الحب للشعب المصرى

وبين شهادة الإبن وشهادة المسئول نكشف تفاصيل حياة الدكتور كارم محمود الذى راح ضحية تفانيه وإخلاصه فى العمل بعد أن سقط وهو مارس عملة بقسم الباطنة بمستشفى القصر الدول ليكتشفوا انه أصيب بفيروس «كورونا» وتم نقلة إلى مستشفى العزل فى أسوان ليلقى ربه شهيدا بعد أن دخل المستشفى لعمله تاركا سيارته أمام قسم الاستقبال حتى الخميس الماضي.

فى البداية التقينا بالطبيب محمود إبن الدكتور كارم الذى بادرنا بقوله  بالتأكيد حزين على وفاة والدى والمستشفى كلها حزنت عليه فالحقيقة إنه كان لايتوانى أبدا عن إغاثة كل من يلجأ إليه خاصة وأن الفترة الماضية كان بها نقص كبير فى الأطباء نظرا لفتح الأجازات ومنهم من كان يخشى النزول إلا أنه بالأمانة كان ينزل العيادة يوميا وكان يعود للمنزل بعد الثالثة يوميا وكثيرا ما كان يعود للمستشفى مساء رغم انه ليس هو الطبيب المسئول أو المناوب وغير موضوع فى جدول الأطباء.

 فهو بصفته رئيس قسم مرفوع من الجدول ورغم ذلك كان يصر على النزول للعيادة الخارجية دونا عن رؤساء الأقسام وليس يوم او يومان وإنما طوال أيام الأسبوع حتى يوم أجازته كان يصر على النزول للمستشفى ومتابعة المرض، وهذا ما شهدت به المستشفى من ناحية والمرضى من ناحية أخرى وأنا لا أقول ذلك لأنه أبى فهو كأب له الكثير من الفضائل على  ولكن أنا كطبيب أتمنى أن أكون مثله باعتباره قدوة لى وأرى أنه من الواجب على أن أعطيه حقه الذى شهد به مرضاه.

والذى يسعدنى وأفخر به أن والدى كان لا يبخل بنفسه على أى مريض حتى مرضى قسم النفسية والعصبية وهو احد أقسام الباطنة كان المرضى يلجأوون للدكتور كارم لوجود نقص فى الأطباء وهو يلبى طلباتهم ويقوم بالفحص الطبى لهم  من خلال خبرته حتى لو أدى الأمر إلى استشارة زملائه فى الأشياء الدقيقة التى تحتاج إلى تخصص فائق ولعله من الأطباء الذين يبقى تليفونهم مفتوح طوال الـ 24 ساعة وأنه يرد على أى رقم وكان دائما ما يقول لنا أن إغلاق تليفون الطبيب أو عدم رده خيانة لمهنة الطب فقد تنقذ مكالمة حياة مريض.  

شهادة حق

 ويستطرد الطبيب الشاب أن سعادة والدى كانت فى الرد على التليفون ولا أبالغ إن قلت إنه هو الذى كان يعاود الاتصال بالمريض أو أهله بعد ساعة من الاتصال للتأكد من سلامته واستجابته للعلاج وإذا كان من يكتم الشهادة أثم قلبه فإننى أقول أن ما قلته عن والدى هى شهادة حق عايشتها معه ولا أعتقد أن أحدا عاشها أو عرفها مثلما عرفناها فنحن كأسرة عشقنا رسالة الطب من تفانى والدى لمهنته وحبه لها وسيظل نبراسا يضئ لى حياتى فى عالم الطب وأن أخطو خطواتى الأولى فيه وعموما هذه حكايات عرفتها أيضا من المرضى الذين جاءوا يواسوني في وفاة والدى وكل منهم يحمل ذكريات سعيدة معه حول وقوفه معهم فى فترات علاجهم ومن يؤكد انه كان يصرف لهم الدواء أو يفعل قرار العلاج على نفقة الدولة ومنهم من يؤكد أن كان يكشف عليهم مجانا، ويكفى أن والدى كان يحمل هم المستشفى حتى وهو في مستشفى العزل في أسوان فكان يسأل عن أحوال القسم ووضعه ويناقش المسئولين بالمستشفى الدولى وهو على سرير المرض بمستشفى العزل  وكلها أشياء تجعلنى أشعر بأن والدى أعطى ما عليه بكل أمانة فاستحق أن يموت شهيدا ولعل الله قد عوضه بتكريم الرئيس الإنسان عبد الفتاح السيسى له ويكفى أن أرسل لنا وكيل وزارة الصحة بباقة ورد تحمل ترحمات الرئيس على أبى وهذا عندى أفضل من أى شئ فى الدنيا  وهى لحظة فارقة بالنسبة لنا أسعدتنا وأنا اتمنى أن أقول  له شكرا لكم يا معالى الرئيس فأنت تعيش بقلب لا يحمل سوى الحب للشعب المصري.  

متى بدأت إصابته

إصابته كانت عادية دور برد أصيب به ورفض ان يجلس فى البيت وأصر على النزول وحالته تحسنت تماما وكان يأخذ كل الإحترازات الطبية ويوم أن أصيب بالمرض كان  بعد شفائه تماما من دور البرد الذى لم يقعده أصلا فى المنزل  وأثناء قيامة بعمله شعر بالإعياء نتيجة العمل خاصة وأنه كان صائما وهو فى الأصل مريض ضغط وبعد إجراء التحاليل وأخذ مسحة تبين إصابته بالمرض وكانت مفاجأة فوالدى كان يعمل لآخر ثانية قبل إصابته ولم يشتك ودخل المستشفى بسيارته التى بقيت حتى يوم الخميس الماضى أمام باب مدخل المستشفى  وتم نقله إلى مستشفى العزل بأسوان

مشاكل المعاش المبكر

وعن عائلته يقول الدكتور محمود  إن والدى كرس حياته لنا  أنا وشقيقى الأصغر محمد الذى كانت له ظروف صحية خاصة منذ طفولته وقد حصل على الثانوية العامة بعمان وألتحق بكلية الآثار وهو الذى أخر عودة والدى إلى مصر إلى العام الماضى أما والدتى فى مدرسة لغة عربية تقدمت منذ أكثر من عام لتسوية المعاش لعدم قدرتها على العمل حيث انه تعالج بعلاج هرمونى بمستشفى شفا الأورام بالأقصر لإصابتها بورم وكانت تعالج قبلها بسلطنة عمان  وللأسف حتى الآن نعانى الأمرين فى تسوية المعاش  أما أنا فقد كنت مرشحا طبيب مقيم أطفال بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا وهى الجامعة التى تخرجت فيه وبسبب ظروف الوفاة لم أتسلم عملى وأرى إننى لا أستطيع أن أترك أسرتى فى هذه الظروف وأتمنى أن يتم نقل تكليفى بمستشفى الأقصر الدولي.

الدكتور النابغة

 ويقول محمد عبدالنبى عبادى المحقق بقسم الشئون القانونية بمستشفى الأقصر الدولي عرفت الدكتور كارم عن قرب  وعرفت انه من أكفأ وأفضل الناس فقد تعرفت عليه منذ أول يوم يدخل فيه المستشفى عندما تم تعينه فى أواخر العام الماضى رئيسا لأقسام الباطنة ورغم أنه كان إستشارى  ورئيس قسم إلا أن كان يحضر العيادة الخارجية بنفسه ويقوم بتوقيع الكشف على المرضى بالرغم أن العيادات الخارجية غالبا ما يعمل فيها النواب وإذا صادفت أخصائى فيها يبقى هذا من سن حظك أما أن يكون رئيس القسم هو المتواجد بنفسه فهذا لا تراه إلا عند الدكتور النابغة كارم محمود رحمه الله والذى سقط  داخل القسم وهو يؤدى عمله بالكشف عن المرضى  والغريب لو حدث إن إتصلت به من أجل مريض يأتى إليك لو أنت فى أى مكان بالمستشفى

هيئته عنوان إلإلتزام

ولو حادثته فى أى وقت لاستشارته  يرد عليك ولو  منعته ظروف عمله يعاود الاتصال بك بمجرد أن يفرغ مما يشغله لا ترى على وجهه سوى الإبتسامة سواء تعرفه أو لا تعرفه حياته كلها وهباه لمرضاه الذين بادلوه حب بحب،  وكان عنوان للالتزام هيئته هيئة الطبيب الذى تدرسه كلية الطب البالطو الأبيض الشفاف والسماعة حول رقبته والماسك دائما يغطى وجهه خوفا من انتقال العدوى وعنوان للإلتزام فى عمله والدليل ان سيارته كانت "مركونة" أمام الاستقبال جاء بها ووقع فى القسم وهو يؤدى عمله فحملوه لإجراء الفحص الشامل عليه ولما تبين ان مصاب بفيروس كورونا نقلوه إلى مستشفى العزل فى أسوان

كل جوانبه مضيئة !

قلت هناك جوانب مضيئة فى حياة الدكتور كارم قال كل جوانبه مضيئة من إلتزام وعشق لعمله ومعاملة طيبة وإنسانية للمريض ودأب فى الخدمات المقدمة وإنكار ذات وحسن إداراة أقسام الباطنة التى طالما عانينا منها فى المستشفى يكفى أن أقول أننى فوجئت أثناء الإنصراف من العمل فى أحد أيام قبل شهر رمضان بوصول حالة لسيدة من إحدى القرى  فى حالة إعياء إقتربت منها وعرفت انها معها تحاليل وقصدت المستشفى للكشف فى العيادة الخارجية فوجدتها مغلقة ولم تكن حالة من حالات الطوارئ خاصة وأن قسم الطوارئ كان مغلقا حيث المستشفى فى حالة تطوير وبالطبع لم يكن أمامنا إلا الاتصال بالدكتور كارم الذى هرع إلينا وقام بفحص الحالة فى المكان المخصص وتشخيصها  قلت ربما لتدخلكم أنتم وزملائك الذين تصادف ورأيتم المريضة قال أبدا هذا طبعه ومنتهى سعادته وهو يقدم خدماته  قلت وهل هناك  أطباء مثله فى المستشفى قال بصراحة مثل يمثل عمله نادرة فلم أرى مثيلا له سوى طبيب جراح يدعى محمد عبد الرحمن كامل وللصدفة أصيب أيضا ب"كورونا"  ولكن تم شفائه بحمد الله  

نبوغ مبكر

  بقى أن نقول ان تاريخ الدكتور كارم محمود مليء بالنجاحات منذ تخرجه فى كلية طب أسيوط عام 1989 وتم تعيينه كـ "طبيب مقيم " بالمستشفى باعتباره أنه كان من اوائل دفعته وأستمر فى عمله لمدة 5 سنوات فى الفترة من 1991 حتى 1995 فى قسم العناية المركزة وقسم الكلى الصناعية والغدد الصماء،  وجاءته فرصة السفر إلى السعودية للعمل هناك حيث إلتحق بمستشفى الملك فهد فى قسم الباطنة والكلى الصناعية  بعد حصوله على الماجستير بتقدير جيد جدا وبعد أن حقق نجاح شهد له فيه رؤسائه هناك  عاد للوطن بعد 5 سنوات ليعمل رئيسا لقسم الكلى الصناعية بمستشفى الألومنيوم بنجع حمادى ثم إنتقل بعدها إلى مستشفى أسوان للتامين الصحى مساعدا للمدير العام للمستشفى ثم ترقى لمنصب المدير لفترة وجيزة قبل أن يسافر إلى عمان فى نهاية عام 2004 والتى إستمر فيها حتى عام 2019 حيث كان رئيسا لمركز علاج السكرى بولاية عبرى كما شغل منصب المنسق الإقليمى للأمراض غير المعدية بالسلطنة فى الخطة خمسية من 2005 إلى 2010 ومن 2010 حتى 2015

 كما شغل منصب الطبيب الإقليمى لمرض السكرى بسلطنة عمان حيث كان هناك برنامج قومى لعلاج لسكرى بسلطنة عمان ورأى المسئولين هناك أن يختاروه كأحد المشرفين على ذلك البرنامج وذلك لحصوله على شهادة "إيساب" فى الغدد الصماء وخلال عمله حصل على شهادة إستشارى فى الطب الباطنى ومن يومها كانت أمنيته العودة للوطن مرة ثانية ليضع كل خبراته فى خدمة وطنه ولكنه إصطدم ببعض العوائق والتى كان من أهمها إننى وشقيقى محمد مرتبطين بالدراسة ظروف التعليم هناك وما ان أنهى شقيقى دراسته الثانوية  حتى عاد والدى إلى الأقصر والعمل رئيسا لقسم الباطنة والعناية المركزة بمستشفى الأقصر الدولى