حكايات| جلابية «العمار» الفلاحي.. أنوثة ريفية تبرزها «الكسرات والكرانيش»

جلابية «العمار» الفلاحي
جلابية «العمار» الفلاحي

ألوان زاهية من زهور وأوراق الشجر، تمثل انعكاسا واقعيا للريف المصري على زي الفلاحات المصريات في قرية العمار الشهيرة بالجلاليب الفلاحي.  

قرية العمار الكبرى والتي تتبع مركز طوخ في محافظة القليوبية، تشتهر بصناعة الجلابية الفلاحي «العماري» عن باقي  قرى مصر، والتي تتعدد ألوانها مع الكسرات الكثيرة والمميزة بمنطقة الصدر والطبقة مموجة من الأسفل، لتبدو فضفاضة ولا تبرز الجسد.

كثير من القرى المصرية تخلت نوعا ما عن هذا الزي، إلا أن سيدات العمار رأين في تلك الجلاليب أنوثتهن الريفية المميزة، ولحياكتها تاريخ.

 

في دكان صغير بقرية العمار الكبرى يجلس الحاج عبدالسلام نصر وشقيقه عزت، واللذين تخطيا الستين عاما، يعاينان قطع القماش المزركشة أمامهما والموجودة أسفل إبرة ماكينة الخياطة.

«تعلمت المهنة أنا وشقيقي منذ الصغر بالقاهرة، وشربنا أصول وفن التفصيل والخياطة ثم عدنا إلى قريتنا لنمارس تلك المهنة التي لا نعرف غيرها لتصبح مصدر رزقنا الوحيد»، الترزي عبدالسلام النصر بادئا حديثه.

 

ويضيف: «الجلابية العماري توارثتها الأجيال من مئات السنين وتتميز بأقمشتها القطيفة (السادة والمشغولة) ويفضل نساء القرية القطيفة الخليجي بألوانها الزاهية وتنتشر الجلابية بين سيدات العمار الكبرى ومنشية وكفر العمار وهناك أنواع أخرى عادية من القماش مثل المرمر والستان والكريشة، والإقبال عليها حسب الأذواق والكثير منهن يفضل القطيفة وهو المنتشر حاليا بين سيدات القرية وتتفاوت أسعار الجلابيات حسب جودة الخامة».

 

وعن تفاصيل الجلابية، يقول إن الجلابية القطيفة السادة تحتاج إلى 3 أمتار ونص عرض و120 سم، وسعر المتر الواحد يتراوح بين 70 و80 جنيها  والجلابية الواحدة تستغرق في القص والخياطة والسرفلة وعمل البطانة الداخلية والكرانيش بأسفل الجلباب الحريمي والكُلف لتزينها يومان أما القطيفة «المشغولة» فسعر المتر منها يصل إلى 150 جنيه أي أن سعر الجلابية  525 جنيها قماش فقط.

وأضاف أنه يتم تفصيلها بالنظر بعد أخذ مقاسي طولي للجسم والكُم فقط لأن الجلباب بطبعه يفصل واسع ليخفي ملامح أجسادهن  ولتشعر السيدة بالراحة عند سيرها، مضيفا ان بنات القرية جميعهن يرتدون تلك الجلابية.

 

وأشار إلى أن العرائس تأتين بألوان متعددة من القماش لتفصيل تشكيلة تضعها في جهازها، موضحا أن ابنته مهندسة وترتدي الجلابية الفلاحي «العماري» وأيضا بنات الكليات والبنات الصغيرة فهي متوارثة منذ أجيال مضت.

ويقول عزت نصر شقيق وشريك عبد السلام، إن الجلابية الحريمي المشهورة بالقرية تكلفتها شاملة القماش والتفصيل تبدأ من 450  حتى ألف جنيه شاملة أجرة الخياطة التي تبدأ من 50 حتى 120 جنيها حسب نوع وسعر القماش إضافة لعمل كرانيش وتركيب كلف وبطانة.

 

ويوشح أنه لم يتم رفع أجرة الخياطة منذ أكثر من عام  وبالرغم من الصيانة الدورية لـ 3 ماكينات (2 خياطة وأخرى سرفلة)، التي أصبحت مكلفة علاوة على زيادة فاتورة الكهرباء إلا أن أعداد الجلاليب التي يتم تفصيلها معقولة تغطي مجهودنا ومصاريفنا وندعوا الله أن تدوم على هذا المعدل .

ويكمل: «يوجد أنواع قماش عادية وألوانها زاهية يتم تفصيلها للفتيات تقل تكلفتها الإجمالية عن 250 جنيها، وتحدد حسب نوع وخامة القماش وتحب الكثير من فتيات القرية الأقل من 16 عاما تفصيل هذا النوع من الجلاليب، مشيرا إلى أن مميزاتها مريحة ولا تبرز جسمهن  بخلاف العبايات المجسمة .

وتقول فاطمة عفيفي، وهي إحدى فتيات القرية عمرها 20 سنة، أنها اعتادت على «الجلابية» منذ صغرها.

وتضيف أنها تشتري في السنة ما يقرب من  12 مترا من قماش القطيفة السادة  مختلفة الألوان  بسعر 70 جنيه للمتر لتفصيل 4 جلاليب منها وتكلفة تفصيل الواحدة منها 60 جنيه

ويقول محمود علام موظف الجلابية الحريمي «العماري»، تعد من تراثنا مثل المشمش التي تشتهر به القرية والعمار الكبرى هي الوحيدة التي تتميز بها  بيها واصبحت عادة متوارثة.