حكايات| أخطر «دادة» في التاريخ المصري.. قادت الأمير الصغير لكرسي الحكم

أخطر «دادة» في التاريخ المصري.. قادت الأمير الصغير لكرسي الحكم
أخطر «دادة» في التاريخ المصري.. قادت الأمير الصغير لكرسي الحكم

عند زواج السلطان جلست فتاة حسناء اسمها «جلشانة» بين الكثيرات، لكنها ظلت الأقرب لصاحبة الحفل.

 

كانت العروس تُدعى أشلون، وهي ابنة أمير مغولي فر من الاضطهاد في بلاده مع أفراد عائلته، ومن بينهم جلشانة القريبة من سن ابنته.

 

وبعد فترة قرر السلطان المنصور قلاوون أن يتزوج الأميرة الهاربة أشلون، وأنجبت ابنه محمد، الذي سيصبح في سنوات تالية السلطان الناصر محمد بن قلاوون، الأكثر شهرة في ذلك العصر. 

 

وبمجرد مولده أصبحت جلشانة هي المسئولة عن تربيته، وتمضي السنوات وتصبح «الدادة» أكثر حضورا من الأميرة الأم نفسها، ويعرفها المصريون باسم الست مسكة.

 

يستضيف حي السيدة زينب جامع « الست مسكة».. المحيطون به يعتزون بوجودهم حوله، رغم أن معظمهم لا يدركون أية تفاصيل عن صاحبته، خاصة بعد توارى بين عمارات خرسانية ترتفع، لتدارى جمالياته بقبح تكوينها.

 

كان حضور الست مسكة قويا، لا على مستوى أعمال الخير فقط، بل حتى في تحريك الأحداث، فيُقال إنها لعبت دورا كبيرا في حشد تأييد الأمراء للناصر محمد، كي يصبح سلطانا على مصر عام 1293.

 

 غير أن أمه «خوند أشلون» كانت فاعلة في أحد الأحداث المحورية بعد أقل من عام، فقد ثار المماليك في فترة السلطنة الأولى لابنها الذي لا يزال طفلا، وخرجت الأم للتفاوض معهم في محيط القلعة، وانتهى الأمر بعزل السلطان ليتولى بعده اثنان حكم مصر.

 

ويُقال إن الست مسكة لعبت دورا مهما في إعادته إلى الحكم مرة ثانية، ثم خلع نفسه لكنه استرد سلطنته بعد نحو عام ليضرب رقما قياسيا، حيث بقي على العرش أكثر من ثلاثين عاما في المرة الأخيرة فقط، وقد بنت الست مسكة مسجدها عام 1339 أي قبل وفاة الناصر بعامين، ويؤكد البعض أنه هو الذي قام بتشييده باسمها اعترافا بفضلها عليه.

 

 

 

على مدار سنوات حكم الناصر بن قلاوون احتلت الست مسكة مكانة كبيرة، وأصبحت المسئولة عن حريمه، وعندما تقدمت في العمر أصبحت قهرمانة القصر، أي مدبرته التي يؤخذ رأيها في أمور عديدة، وجمعت ثروة كبيرة من الأموال والهدايا التي قدمها لها السلطان وحاشيته، فضلا عمن كانوا يرغبون في التقرب من الحاكم، وكانت سخية في أعمال الخير، وظلت وفية للناصر حتى بعد رحيله.

 

ويُروى أنه عند انقلاب المماليك على ابنه السلطان حسن، أصرت على ملازمته في سجنه وماتت محبوسة، بينما عاد السلطان حسن للحكم بعد نحو ثلاث سنوات.

 

خلّدت المنشأة الدينية ذكر «دادة السلطان»، بينما اختفت الأم خوند أشلون التي لم تنشئ مسجدا باسمها، فالأحجار تقاوم عوامل تعرية الزمن، بينما يختفي الإنسان في ركن ناءٍ من الذاكرة غالبا.