تساؤلات

إذن هذه دولة

أحمد عباس
أحمد عباس

شوف.. ولما بدأ الكلام استيقظنا ذات صباح فكانت الدولة المصرية تلملم شتات أبنائها المغتربين فى الخارج، تعود بهم إلى أرضهم الأولى، طائرات تحمل شارة مصر للطيران مستعدة، محركاتها دائرة، متأهبة لبلوغ أى مطار فى أى بلد، وهبطت أولاها فى مطار ووهان المنكوب، والطيار محمد منار وزير الطيران المدنى يقول إنه جاهز لقيادة طائرة بنفسه ليأتى بأى مصرى إلى مطار القاهرة فورًا.. إذن هذه دولة، دولة بجد.
حينها كانت السفيرة نبيلة مكرم وزيرة الهجرة، تحل أزمة مصريين بالكويت، وبأنحاء أوروبا، وتعود بآخرين عالقين على حدود السودان الذى كان شقيقا، وتصل بهم إلى معبر أرقين الحدودى، وتعود بهم إلى بلداتهم فورًا. إذن هذه دولة.
وعلى شاشة تليفزيون الدولة "الأولى" كان وزير التموين والتجارة الداخلية الدكتور على المصيلحى، يتلو علينا بالتفصيل - للرجل ذاكرة أحسده عليها - مخزون الدولة المصرية الضخم من السلع الرئيسة، زيت، وسكر، وقمح، والخضر، واللحوم، والدواجن، ويحكى لنا عن علاقة سعر السكر بسعر برميل البترول فى العالم. إذن هذه دولة.
كان د.عمرو طلعت وزير الاتصالات يحضر اجتماعًا طارئًا لشركات الاتصالات الأربع، ويُعلن عقبه تحمل الدولة نحو ٢٠٠ مليون جنيه قيمة سرعات إضافية للمصريين، إتاحة مواقع الإنترنت التعليمية لطلبة المدارس مجانًا، ويفتح ألفى مكتب بريد لخدمة المصريين فورًا. إذن هذه دولة.
أما وزير الإعلام أسامة هيكل فيبدو أن عودته للحكومة كانت فى وقت مناسب جدا، فالرجل يدير منظومة الإعلام فى وقت شديد الحساسية، لكن الحق أنه أدارها بحنكة، فاستعاد المصريين الذين جنحوا فى أوقات لإعلام دولى، أو وقعوا فريسة أحيانًا لإعلام معادٍ، أعادهم جميعا بجدارة إلى تصديق الإعلام المصرى، وهذه معجزة. إذن هذه دولة.
كان لايزال طارق عامر محافظ البنك المركزى يعلن قرارات وإجراءات جريئة، جريئة للغاية، لكنها مدروسة بعناية، ومُعدة جيدًا، فيخفض عوائد، ويجدول ديونا، ويعفى فئات، ويضع حدودا قصوى للسحب النقدى، ويسير على درب أعتى وأقدم البنوك المركزية فى العالم. إذن هذه دولة.
بالمناسبة، وزير الخارجية وقتها كان يواصل جولاته الخارجية لتدويل قضية "سد النهضة" ويرسل مساعديه إلى جيبوتى، ودول إفريقيا لنفس السبب، وأعتقد أن نتائج هذا الجهد ستظهر عقب انقشاع الغُمة!
أما د.هالة زايد وزير الصحة والسكان، الحقيقة يا دكتورة فوالله أننى أشفق عليك من هذه المسئولية، لكن بعض الابتلاءات تأتى لتنصر صاحبها، وتظهر كفاءته.
باختصار.. والله أن حكومة د. مصطفى مدبولى دخلت تاريخ حكومات مصر الاستثنائية، وأعتقد أن هذه المرحلة تتطلب توثيقا من نوع خاص، وسردًا دقيقًا لإدارة الأزمة.
أخيرًا.. ما أجمع عليه نجيب ساويرس وحسين صبور ورؤوف غبور ورئيس جمعية رجال الأعمال، بضرورة العودة للعمل صحيح بلا جدال، وما قرره بعضهم بتخفيض رواتب العاملين خطوة متوقعة أيضًا ولا يجب على مجتمع "فيسبوك"، و"تويتر" لومهم، هم بالأساس يقيمون الأمور تقييمًا اقتصاديًا بحتًا، ولا فضل لعامل على صاحب رأس مال، ولا لرجل أعمال على عامليه، فالمنفعة متبادلة، لكن يجدر بنا الآن أن نتذكر أن أحد المصانع العملاقة بمحافظة بنى سويف، اضطر لإغلاق كلى بعد ظهور حالات وبائية هناك، إذن العودة ليست فى صالح الجميع، أما ما فعلته مجموعة "العربى" فذلك أسلوب إدارة يخلق حالة إنسانية خاصة من التكاتف والموالاة لدى العاملين.