المريض هو البطل..إنسانية «جلال» تقهر خوف كوفيد-١٩

الفريق الطبى بمستشفى ١٥ مايو المخصصة للعزل
الفريق الطبى بمستشفى ١٥ مايو المخصصة للعزل

تغلبت إنسانيته وواجبه على قلقه وخوفه، رغم ما يقابله من مخاطر لانتقال عدوى كورونا، ومن مشاعر كره قد يحملها إليه المرضى فور وصولهم لمستشفى العزل سرعان ما تتبدل بحب وألفة بين طبيب ومريضه.
« المريض يدخل كارهنا نبدأ نطمئنه وانه مش هو المقصود من العزل بل حماية الاخرين، ورغم انتهاء فترة عملنا ال14 يومًا، لم اغادر المستشفى حابب الموضوع والمكان هو موضوع إنساني، فكملنا المرضى مش عايزنا نمشى ولا احنا من غير ما نطمن عليهم» كلمات تحمل مشاعر رضا وصف بها الطبيب عبدالله جلال استشارى الرعاية الحرجة قصة محاربته فيروس كورونا فى مستشفى 15 مايو المخصصة لعزل الحالات المصابة بفيروس كورونا.
يبدأ جلال يومه بمتابعة الحالات المصابة مع تركيز أشد على الحالات الصعبة: نقيس الضغط والسكر ومعدل النفس للمريض. لكن هناك دور آخر أكثر صعوبة يقوم به الطبيب هو العلاج النفسي: نلعب على العامل النفسى لازم يحس المريض بانسيابية فى التعامل بالهزار والضحك مع المريض، نحاول ان نطمئنه.
يرصد الطبيب مع كل حالة جديدة تدخل المستشفى، حالة من القلق لديهم وعدم حب للمكان ولا من فيه: « نبدأ نطمنهم أن الدنيا كويسة وانهم هنا عشان خايفين على الناس اللى بره من أهلهم حتى لا يتفشى المرض والناس تقتنع بذلك، خاصة انهم اول يوم بيكونوا مخنوقين وناس رافضة الاكل.
يتذكر الطبيب تاريخ استقباله للحالات قائلًا: حالات رفض العلاج والأكل، وحالة لسيدة أضربت عن الطعام، كنا نطلع لها ونقول لها عشان خاطر اولادك كلى بدلا من التدهور الصحى بره، والقعدة هنا فى مصلحتها بدلا من الكشف بره بـ 5 آلاف والخدمة هنا عالية ومش هيتكلف المريض حاجة وتطلعى مطمنة على نفسك.
يرى جلال أن العامل النفسى أهم من العلاج «الفيروس ليس له أى علاج فالعامل النفسى يمثل 70% من علاج المريض خاصة أن الفيروس أعراضه مثل البرد، لا يؤثر الا على أصحاب الامراض المزمنة ومرضى القلب والناس اللى مناعتهم قليلة والمصابين بفيروس سى والسرطانات وكبار السن.
ويضيف: الناس فى ظهرنا والمريض يلتزم بالتعليمات نمر على المرضى لاخذ التاريخ المرضى ومن يريد أى شئ من المرضى نلبيه له الموضوع شيق
يتذكر لحظة وصوله للمستشفى قادمًا من كفر الشيخ: أول ما جينا كنا خايفين وحاسس ان المريض هينفجر فى وشى واعتبرنا اننا نعمل مهمة انسانية وحبينا شغلنا، وقعدنا هنا للمرضى ولاسرنا ومن غيرنا لن يعالج المرضى.
يتخذ جلال العديد من الإجراءات الوقائية للسيطرة على خوفه: لا نستهتر أو نخاف من المريض، نأخذ حذرنا ونحافظ على نفسنا بدون خوف، ونحتسب علمنا عند الله هو عمل خيرى بطولى أكثر منه مادى المرضى هم الابطال واللى واقفين على الأكمنة.
يقضى جلال وقت فراغه أمام التلفزيون ومناقشة بروتوكولات العلاج للفيروس، وتطور الحالات الصعبة للنقاش فى علاجها، مع زملائه لكنهم يحرصون على الجلوس فى استقبال كبير جيد التهوية،مع وجود مساحات فيما بينهم، وباقى اليوم يقضيه فى متابعة الأحداث فى وسائل التواصل الاجتماعى والمواقع الاخبارية.


يمر الطبيب كل يوم مرتين على 30 مريضا: ابدأ المرور من 10 الصبح إلى 2.30 الظهر، احاول الدردشة معاهم لطمئنتهم، واتواصل معاهم على الواتس لو ناقصهم أى شئ أو تعرضوا لطوارئ، فمن يومين إلى 4 ايام يحدث تدهور لبعض الحالات ولو غفلت عن الحالة ممكن تتدهور من غير ما تحس.
قابل الطبيب خلال عمله حالات غريبة فى علاجها فيتذكر: مريض جالنا الساعة 2 بالليل، شاب 34 سنة مصاب بالفيروس كان يعمل مرشد سياحى بمرسى علم ومخالط لسياح ايطاليين وحالته خطيرة يعانى من ضيق فى التنفس والتهاب رئوى بدون تدخين ولا يعانى من سوابق مرضية او امراض مزمنة، وبفضل اتباع الاجراءات اللازمة من وقاية وعلاج والامر تحسن والمريض خف.
يرى جلال ثمار مجهوده عند خروج الحالات بعد شفائها: بنشوف مجهود 14 يوما والناس تخرج تتصور معانا وبنكون عايزين نشوف ثمرة نجاحنا، وكل ما ندخل على الحالة تدعى لنا ويعرضوا طلباتهم وخدماتهم لنا، 30 حالة خفت من اصل 105 فى مستشفى بها 200 سرير منهم 20 سرير رعاية.


يترك الطبيب فى بلده بكفر الشيخ والده و3 أطفال اصغرهم 3 سنوات وأكبرهم 5 سنوات وزوجته قلقين عليه: أهلى قلقانين جدا ووالدى زعل منى قالى سايب عيالك وماشى اقنعته انه عمل انسانى وبطولى للبلد وكل الناس بتقدره، رغم انهم وحشونى حتى لو حصل له حاجة هاكون ميت مبسوط.
يزيد من تحمل بعد الطبيب عن أسرته، ومواجهة الفيروس، شعوره بقيمة عمله كطبيب: أول مرة احس انى طبيب والكل يخدم عليك ويدعمك حتى بالكلمة الحلوة ومش فارق قلق اهلى نقوم بعمل بطولى نسيطر ونحجم الفيروس الذى يوثر على البلد والناس والاقتصاد، فلو مصر اصبحت موبوءة بالفيروس سيؤثر على صحتنا واولادنا وحياتنا وشغلنا واقتصادنا وبلدنا.
وقطع استشارى الرعاية الحرجة باستكمال معركة مواجهة الفيروس: مش هنمشى من هنا الا ما تعدى الازمة ونتمنى الا تطول والوباء يخلص.

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي