فواصل

زمن المبادرات الإنسانية

أسامة عجاج
أسامة عجاج

هذا حديث فى الإنسانية، بعيداً عن السياسة، مأساة فيروس كورونا وحالة الرعب التى اجتاحت العالم، وأشارك الكثيرين بأن عالم كورونا سيختلف جذريا عما قبله، حيث كشفت الأزمة «عورات النظام العالمي»، الذى يقف عاجزا فى تلك المواجهة، يتعامل مع السيناريو الاسوأ، مستسلمًا له، متوقعا وفاة الملايين من البشر، عالم ما بعد كورونا سيصبح اكثر إنسانية، الكلمة الأولى لرفاهية الإنسان، لضمانات وجوده، صحته،احتياجاته الأساسية، وليس لسباق التسلح، والمليارات التى صرفت عليه وصلت إلى ١،٣٧ تريليون دولار، الصدارة ستكون للطبيب، وليس رائد الفضاء، عام ما بعد كورونا سيكون المجال واسعا أمام المبادرات الإنسانية، والعمل على تفعيل العمل بها.
تذكرت ذلك كله، والعالم احتفل امس بذكرى «يوم الضمير العالمي»، التى تصادف مرور عام على إقراره من الأمم المتحدة، بمبادرة من رئيس الوزراء فى مملكة البحرين الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، والتى تهدف إلى تحفيز المجتمع الدولى على نشر قيم السلام والمحبة والتعاون، لتحقيق عالم آمن ومستقر، وحل النزاعات بطريقة سلمية، والبداية كانت فى المبادرة التى تم اطلاقها فى فيينا، والتى تم اعتمادها من الأمم المتحدة بقرار فى نهاية يوليو من العام الماضى، يومها قال رئيس الوزراء البحرينى ان الهدف من المبادرة، التركيز على ارساء أسس السلام، الذى يوفر للدول الأجواء التى تمكنها من استكمال مسيرتها على صعيد التنمية، وأهمية التمسك بالطرق السلمية فى حل المشكلات والنزاعات الدولية، بما يضمن ازالة أسباب التوتر الذى يعوق التنمية فى العالم، ويمنع إنهاء معاناة ملايين البشر فى العديد من مناطق العالم، وقال رئيس الوزراء البحرينى الأمير خليفة بن سلمان فى رسالته للأمم المتحدة، ان الضمير العالمى يجب ان يكون اكثر إيجابيًا وتحركًا فى مواجهة كل الأسباب، التى تؤدى إلى زعزعة الأمن والاستقرار العالمي، وقد أكدت الأمم المتحدة فى ديباجة قرار الاعتماد، ان يوم الضمير يعد وسيلة لتعبئة جهود المجتمع الدولى بانتظام لتعزيز السلام والتسامح والإدماج والتفاهم والتضامن من اجل بناء عالم مستدام، قوامه السلام والتضامن والوئام، واضافت ان ثقافة السلام تمثل مجموعة من القيم والمواقف والتقاليد والعادات وأنماط السلوك وأساليب الحياة، بحيث تجسد فى مجموعها احترام الحياة والبشر وحقوقهم، مع رفض العنف بكل اشكاله، والاعتراف بالحقوق المتساوية للجميع، والتضامن والتعددية وقبول الاختلافات بين الأمم جميعا، أهمية تلك المبادرة انها سبقت أزمة كورونا، ولكنها طرحت آليات التعامل معها.
عالم مابعد كورونا يحتاج إلى العديد من مثل هذه المبادرات، التى اطلقتها مملكة البحرين، وتبينها بعيدا عن رمزيتها، مع توفير الإرادة السياسية لتفعيلها، ووضعها موضع التنفيذ، عالم يختفى فيه تلك الصراعات الجديدة والمستحدثة،على ضوء أزمة كورونا، ومنها ما تم تداوله عبر الإعلام، حول صفقة كمامات صينية لصالح فرنسا، ودخلت امريكا طرفًا فيها لإفسادها، ودفع أضعاف ثمنها، نحن فى حاجة إلى تجاوز شريعة «الغاب» وصراعات القرون الوسطي، ومنها سرقة شحنات طبية كانت فى طريقها إلى إيطاليا، احد اهم البؤر المنكوبة فى أوروبا، نحتاج إلى ترسيخ ذلك التوجه الإنسانى الجديد، والذى ظهر من بعض الدول باتجاه تقديم يد العون لإيطاليا، التى كفرت بانتمائها الأوربى، بعد ان خذلتها دول الاتحاد، ولم تجد المعونة سوى من دول مثل الصين ومصر، وحتى الصومال المستعمرة القديمة لها، التى أرسلت عددا من أطبائها للمساعدة فى علاج الكارثة، نحتاج اكثر إلى زيادة الموازنات الخاصة بالرعاية الصحية، على حساب التسلح، وإلى وقف الصراعات والحروب، إلى البحث عن مبادرات للتعامل مع ارتفاع نسب البطالة، والتى ستقدر بالملايين فى العالم العربى والعالم.

 

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي