يوميات الأخبار

الثبات على المنهج.. مرفوض!

محمد الشماع
محمد الشماع

بقلم/ محمد الشماع

سوف نعبر معاً هذه المحنة وسوف نخرج بدرس هام هو أننا نبحر معا ولابد أن ننجو من الكوارث معاً
 

يجمع خبراء الاقتصاد على أن العالم سوف يتعرض لأزمة كساد شبيهة بأزمة الثلاثينيات التى هزت أركان المجتمع الأمريكى، ولم ينقذها من ذلك إلا قيام الحرب العالمية الثانية التى تحولت فيها المصانع فى الولايات المتحدة الأمريكية إلى الانتاج الحربى، كانت الولايات المتحدة الأمريكية دائماً تشارك فى الحروب من بعيد فلم تتعرض لغزو ولا لاستنزاف عسكرى.


لكن الحرب البيولوجية التى نخوضها ضد فيروس «كورونا» قد اشركت الولايات المتحدة الأمريكية رغماً عنها وجاءت النتائج لكى تثبت تفوق الصين مرة أخرى، فقد استطاعت الصين إدارة المعركة إدارة مركزية حاسمة، فى بداية الأزمة بنت الصين أضخم مستشفى فى العالم خلال اسبوع واحد، وقامت بعزل كامل لمقاطعة ووهان وشكلت فرقا للتطهير وفرقا لتوصيل الطعام للمواطنين وفرقا للاستجابة الطبية السريعة، فلما انتقل الفيروس إلى إيطاليا خارت القوة الإيطالية ولم تستطع إيطاليا رغم تقدمها التكنولوجى أن تسيطر بنفس القوة والحزم على انتشار الفيروس كما فعلت الصين، ومع انتشار الفيروس فى أوروبا وأمريكا فإن مؤسسات اقتصادية تعطلت، أما التجارة الخارجية فقد تقلصت إلى الحد الأدنى وانكمش الاقتصاد العالمى انكماشاً حاداً وغير مسبوق، والمؤسسات الرأسمالية كراكب الدراجة الهوائية إذا توقف فإنه يقع وقد تهاوت اقتصاديات كانت قوية فى اوروبا وأمريكا وانكشف العالم أمام ضعف الميزانيات التى يتم رصدها للبحث العلمى أو الرعاية الصحية!


لكن الأهم أنه قد تكشف للعالم أن الخدمة الطبية من الخطأ تحويلها إلى محلات خاصة أو فندقية، لأنه حينما يتعرض المجتمع للمخاطر فإن الفيروس أو الميكروب لا يراعى الطبقات الاجتماعية، ولا المقامات السياسية مما يجعل المجتمع وحدة واحدة، وذلك هو سر النجاح النسبى لالمانيا التى تفوقت على جميع دول أوروبا فى مواجهة هذا الوباء، لأن الخدمة الصحية فى المانيا متاحة للجميع وتحت إشراف حكومى فقد احتفظت ألمانيا بالتعليم والصحة دون خصخصة، لذلك اتوقع أن الخروج من هذه الأزمة سوف تصاحبه تعديلات فى السلوك الرأسمالى لكى يراعى الأبعاد الاجتماعية، ويأخذ فى اعتباره أهمية الإنفاق الحكومى على البحث العلمى وعلى الرعاية الصحية، هذا بالإضافة إلى أن تقلص التجارة الخارجية وانخفاض أسعار البترول سوف يؤدى إلى انهيار كثير من المؤسسات التجارية العملاقة، وسوف يقود إلى حراك فيما بدا أنه استقرار سياسى على مستوى العالم.


هذا يؤكد أهمية مشروع التأمين الصحى فى مصر على جميع المواطنين، الذى تعثرت فيه الدولة منذ أكثر من ١٥ عاماً، وبدأ تنفيذه العام الماضى، ولابد من مشروع تعاونى لتحقيق الرعاية الصحية للغنى والفقير باعتبار أن المجتمع أمام الاجتياح الوبائى يتصرف كوحدة واحدة، لذلك فإننا سوف نعبر معاً هذه  المحنة، لكننا سوف نخرج بدرس هام، وهو أننا نبحر معاً ولابد أن ننجو من الكوارث معاً.


الصحفيون يواجهون التحدى
تعانى الصحافة المطبوعة فى العالم كله من أزمة أوجدتها الفضائيات التى انتشرت وأصبحت تنقل الخبر بالصوت والصورة، ثم جاء انتشار الإنترنت لكى يخصم قدراً من حضور الصحيفة فى حياة الانسان. ذلك كان التحدى الذى يواجهه الصحفيون أصبح مضاعفاً، لأن عليهم أن يبحثوا عن التميز. وعلى أناقة اللفظ وبراعة التحليل بحيث يواجهون هذا الزخم الاعلامى الذى يضغط عليهم.


كل ذلك هو أمر نفهمه لأنه ظاهرة عالمية، لكن مالا نستطيع ان نفهمه هو لماذا تراجعت الصحافة تحديداً. ولماذا فقدت بريقها مع اعتبار ان مصر لا تزال هى الأكثر ابداعاً. وهى الأكثر انتاجاً للمواهب والقدرات، لاشك ان شيئاً ما يحدث فى طريق إدارة المنصات الاعلامية.
لقد كان لنا فى يوم من الايام صحفيون وأدباء وكتاب عظماء، ونحن نستطيع أن نحافظ على الريادة وأن نبقى على مشاعل مضيئة مشتعلة. كانت الصحافة فى سبعينيات وستينيات وخمسينيات القرن الماضى مرآة للمجتمع تحمل إليه وجبة ثقافية وإعلامية وتنفيذية. ثم تضاءلت تلك الوجبات!


صالونات الأدب والثقافة
وقد لاحظت فى الأعوام الماضية ظاهرة محمودة وهى ظهور الصالونات والندوات الأدبية والثقافية التى يقيمها المثقفون والمبدعون، لكنى لم أجد لها أى صدى فى الإعلام المصرى وفى الصحافة، فلو قام التليفزيون بنقل فاعليات تلك الصالونات والندوات أو حتى أجزاء منها، ولو قامت الصحافة بنشر تغطية خبرية فإنها ستكون قد ربطت نفسها بالمجتمع. وتكون قد قدمت مادة ثرية لا يجارينا فيها أحد على مستوى الوطن العربى، لذلك فالصحافة حينما تنكفئ على ذاتها تنشأ فجوة بينها وبين الحراك الثقافى والإبداعى فى المجتمع، لذلك فأنى اتوجه إلى الاجيال الجديدة من الصحفيين بضرورة الاهتمام بالنواحى الاجتماعية، والثقافية والفنية حتى ولو كانت سلبية أو ضارة بالمجتمع لرصدها وتنبيه المجتمع لمخاطرها، فالصحفى ليس مجرد كاتب موهوب، بل أنه ضمير المجتمع والنائب المدافع عن حقوق الشعب للحصول على خبر جيد أو تحقيق موضوعى أو مقال مبدع.


لماذا سبقنا العالم؟
قرار المجلس الأعلى للجامعات بالبدء فى تحديث المناهج الدراسية الجامعية ومراجعتها كل خمس سنوات، قرار غاية فى الأهمية لإعداد الكوادر البشرية الجامعية المؤهلة لسوق العمل محلياً ودولياً، فى كل مجالات العلوم الإنسانية والعملية، القرار تأخر كثيراً، وكانت نتائج هذا التأخير هو ما نحن فيه من مشاكل البطالة لخريجين لا يحتاج إليهم سوق العمل ونقصاً كبيراً فى تخصصات يصعب توفيرها لتلبية الطلب المتزايد عليها!
مناهج ومقررات دراسية جامعية فى العلوم الإنسانية من عشرات السنين كما هى دون أدنى تغيير يذكر سواء فى كليات الأداب أو التجارة والحقوق، مع أن العالم يتغير من حولنا بسرعات متزايدة وتظهر حقائق جديدة وتختفى مسلمات قديمة ودخلت التكنولوجيا بقوة فى مجال العلوم الإنسانية والتواصل بين البشر والمؤسسات وتغيرت أدوار ووظائف وظهرت مسئوليات جديدة للإنسان وللحكومات، ونحن مازلنا ثابتين متوقفين عند دراسة مواد علمية يتناقلها الأساتذة والطلاب من كتب ومؤلفات، طبعت من سنوات طويلة!
مازلنا ندرس فترات تاريخية مظلمة لسنوات الاحتلال البريطانى والرومانى وسنوات الحكم العثمانى وتوقفنا عند ثورة يوليو ولم نتفق على ماهيتها، ولم يقدم لنا تاريخنا الحديث على مدى أكثر من نصف قرن حدثت فيه متغيرات جذرية وانتصارات اعظمها حرب أكتوبر المجيدة ومكافحة الإرهاب بكل أشكاله.


نسمع ونشاهد اكتشافات واختراعات علمية مذهلة فى النواحى العلمية والتكنولوجية وظهور نظريات علمية جديدة واختفاء نظريات قديمة فى مجالات الطب والهندسة والصيدلة والحاسبات. التقدم العلمى يسير بسرعة شديدة، وثبات المناهج الدراسية اكثر من ذلك يجعلنا نتأخر عن العالم وعن ركب الحضارة، اتمنى أن يكون التحديث فى كل المناهج بنسبة ٩٠٪ كما قرر المجلس الاعلى للجامعات بل يكون كل عام وليس كل خمس سنوات أو كل عامين حتى نستطيع ان نكون مواكبين للعالم الذى سبقنا ونحن لا ينقصنا شىء من وسائل أو معطيات التقدم. والأحداث الأخيرة اثبتت أن البحث العلمى هو قاطرة التقدم الفعلى!


ماذا ينتظر المحافظ!
خمسة وأربعون مشروعاً خدمياً توقف العمل بها تماماً بمحافظة سوهاج تبلغ تكلفتها أكثر من ثلاثة مليارات و ٢٠٠ مليون جنيه، إما لوجود مشاكل فى التمويل أو تقاعس من الشركات المنفذة لعدم تمكنها من تسلم الأرض المخصصة او وجود تعديات من المواطنين، منها مشروعات لم يتم الانتهاء منها منذ ١٧ عاماً. بعض المشروعات وصلت نسبة التنفيذ إلى ما يقرب من ٨٠٪ ولم يتم الانتهاء منها أوتشغيلها بعد انفاق مئات الملايين على تلك المشروعات، التى لم يتم الاستفادة منها وهو وما يمثل إهداراً للمال العام!
المشروعات التى توقف العمل فيها ٢٧ مشروعاً منها مشروع الصرف الصحى بمدينة المنشأة والعسيرات وبدأ العمل به عام ٢٠٠٣ ولم يتم حتى الآن ويعانى من عدم تنفيذه الآلاف من ابناء سوهاج وسبب لهم مشاكل غاية فى الصعوبة. وفى قطاع الإسكان مشروعات متوقفة بسبب التمويل أو عدم وجود صرف صحى للقرى الجديدة أو مساكن الشباب، أيضاً فى مجال الصحة منها خمسة مشروعات مستشفيات وتوقف العمل فيها بسبب تباطؤ الشركة المنفذة، ومشروعات للشباب والرياضة ومشروعات فى مجال التعليم العالى ومبنى الاسكان الطلابى والبنية التحتية لمقر جامعة سوهاج الجديدة ومشروعات الطرق للحد من الحوادث وتيسير تنقل المواطنين.
محافظة سوهاج من المحافظات الطاردة والمصدرة للعمالة رغم وجود كل هذه المشروعات المتوقفة التى لو تم تنفيذها فإن الفائدة والعائد لن يكون لصالح ابناء سوهاج فقط ولكن لكل ابناء مصر، لأن تنفيذ وتشغيل كل هذه المشروعات سيوفر فرص عمل للآلاف من ابناء سوهاج وسيفتح المجال لاقامة المشروعات الاستثمارية الإنتاجية التى توفر فرص العمل المنتجة لابناء المحافظة والمحافظات المجاورة  وتحد من عمليات الهجرة الداخلية.
مشروعات متوقفة لأسباب اصعبها التمويل وأغلبها يتم حلها بتطبيق القانون وتطبيق مبدأ الالتزام والانضباط والمحاسبة لاعادة الحياة من جديد لهذه المشروعات، كما يعلن ذلك السيد المحافظ، لكنه لم يحدد على من سيتم تطبيق هذا المبدأ وايضاً لم يتحدث عن ميزانية صندوق الخدمات بالمحافظة ولم يتحرك مع رجال الاعمال من أبناء المحافظة ، أم أنه ينتظر ان تهبط عليه المليارات من السماء لكى ينفقها على هذه المشروعات، وحتى لو هبطت عليه تلك الثروات وبقى الحال على ما هو عليه فلن يتم الانتهاء من تنفيذ هذه المشروعات بإعلان هذه المبادئ فقط دون العمل على الأرض!.