نبض السطور

بين الألم والأمل

خـالد مـيرى
خـالد مـيرى

هى المرة الأولى بمصر التى تغلق فيها المساجد والكنائس معاً.. فرض علينا وباء كورونا فقها جديدا يفتح الباب واسعا أمام تجديد الخطاب الدينى.
وبينما الملياردير الأشهر بيل جيتس رأى فى كورونا هدفا روحيا، فإن الغالبية رأت فيه فرصة لرفع راية العلم والقضاء على الخرافة.. العالم اليوم يحتفى بالأطباء والعلماء الذين يسابقون الزمن لحماية أرواح الأبرياء.. كما تقدموا لمنظمة الصحة العالمية بطلبات اختبار ٢٠ لقاحاً للمرض بدأت التجارب السريرية لها بالفعل.
الحقيقة أن كورونا لا يجدد صراعا بين العلم والدين.. بل هو فرصة لتنقية الدين مما شابه من خرافات ولوضع العلم فى مكانته اللائقة، العلم الذى يبنى المستقبل ويحفظ الأرواح ويتكامل مع الإيمان بالله والقضاء والقدر.
دروس كورونا مفيدة نلمسها جميعا من منازلنا فى عزلتنا الاختيارية، الفيروس الذى لا تراه العين المجردة يؤكد للجميع أن كل البشر متساوون لا فرق بين إنسان وآخر بسبب الدين أو اللون أو الجنس، يؤكد أننا يجب أن نترابط ونتلاحم فى مواجهة الكارثة فهذا سبيلنا الوحيد للخلاص، كشف لنا الوباء بجلاء أن الصحة هى النعمة الأولى بالرعاية، وأن الموت حقيقة مؤكدة والحياة قصيرة مهما تخيلناها طويلة.. كشف لنا كيف سيطرت المادة على حياتنا وكيف غابت قيمنا الإنسانية وقيمة العائلة وأهميتها فى حياتنا.
لكن المحنة علمتنا أن نتمسك بقوة الإرادة وبالصبر، وبالإيمان بأن الفرج قريب مهما كان الألم.. علمتنا أن نتمسك بالأمل فى انتظار بداية جديدة بعد أن تنزاح الغمة.
فى منازلهم يجلس اليوم نصف سكان العالم يتساءلون عن مستقبل مجهول ويحلمون بغد بدون كورونا.. يضحكون بأمل عندما يعرفون أن ووهان التى خرج منها الوباء قد انتصرت عليه وفتحت أبوابها من جديد، يتألمون بصمت وهم يرون نيويورك عاصمة اقتصاد العالم تغلق أبوابها وتعد ضحاياها.
وبين الألم والأمل نمضى أيام العزلة فى منازلنا.. لكن المؤكد أننا نتعلم من الألم كيف ننتصر على أوجاعنا، كما أن الأمل يدفعنا للتشبث بالغد المشرق القادم.
فى بلدنا المحروسة نجحت اجراءات الدولة بتعاون الشعب فى حصار الوباء فى أقل عدد ممكن من الإصابات والوفيات، وبإرادة شعب لا يعرف الانكسار وقيادة حكيمة تضع حياة المواطن فى قمة الأولويات، نحن قادرون على اجتياز الأزمة والانتصار عليها فى وقت يرونه بعيدا ونراه قريبا.
مصر قادرة وستنتصر.. شعب مصر المؤمن الصابر قادر وسينتصر.
حفظ الله مصر وشعبها.