حكايات| «أتمنى نسيان وجوه الموتى».. رسالة طبيب من الخطوط الأمامية لمحاربة كورونا

تمنى نسيان وجوه من ماتوا
تمنى نسيان وجوه من ماتوا

«هل شاهدتهم يوما شخصًا يصارع لالتقاط أنفاسه الأخيرة؟.. نظرة الفزع في عينيه وهو يختنق بعدما عجز عن التنفس، إذا لم يسبق لكم رؤية ذلك فغالبا لن تعرفوا ما أقصد.. أما أنا فكل ما أريده هو نسيان كل تلك الوجوه التي ماتت».. كان هذا جزء من الرسالة التي بعث بها طبيب بريطاني ليخبر العالم عن مدى صعوبة الأيام الأخيرة لمرضى فيروس كورونا.

هذه الرسالة المؤثرة تعود إلى أحد الأطباء العاملين في أحد مستشفيات لندن، بحسب صحيفة «ديلي ميل» البريطانية التي لم تذكر اسمه، حيث كانت توصف بها الحالة الصعبة التي وصل إليها الأطباء في التعامل مع حالات الإصابة بفيروس كورونا.

وفي رسالته قال الطبيب: «صوت الحشرجة الأخيرة للمرضى وهم لا يستطيعون أخذ أنفاسهم الأخيرة.. ونظراتهم لنا أصبحت لا تفارقني على الإطلاق».

ظل الطبيب البريطانية يعمل في مهنة الطب لمدة 10 سنوات كاملة ظن خلالها أنه رأى كل شيء يمكن رؤيته إلا أن التعامل مع فيروس كورونا والفزع الذي يسببه كان الأصعب، والحديث على لسان الطبيب نفسه.

وحكى الطبيب قصة مريض كان يبلغ من العمر 70 عامًا شاهده وهو يحتضر بعدما بدأ جهازه التنفسي في الانهيار، قائلا «لقد بدأ الكابوس يوم الجمعة الماضي عندما تم استدعائي لمحاولة إنقاذ المريض.. هرعت إليه أنا وطاقم من التمريض وطبيب التخدير.. كنا عاجزين عن مساعدته.. لقد شاهدته وهو يحشد كل ما تبقى لديه من أمل في الحياة في محاولة لأخذ نفس واحد فقط.. ظلت نظرة الفزع التي كانت في عينيه تلك عالقة في ذهني».

«كنا طاقم أطباء يكن له الجميع الاحترام.. وعملنا في مهنتنا تلك لسنوات عديدة.. اكتسبنا خلالها الخبرات التي تجعلنا لا نهاب أي موقف.. ولكن ما رأيناه جعلنا جميعا خائفين من فيروس كورونا».. كلمات وصف بها الطبيب في رسالته حالة الفزع التي يسببها الفيروس.

لم يكن المستشفى مستعد على الإطلاق لاستقبال مزيد من حالات الإصابة بفيروس كورونا إلا أنه بعد وفاة المريض الأول أعادوا تصميم الأجنحة بها لاستيعاب أكبر قدر ممكن من الإصابات.

بعد لحظات كان المستشفى ممتلئ بالعديد من حالات الإصابة بفيروس كورونا، فالمرضى ملأوا الأسرة والأجنحة وكان بجوارهم طاقم التمريض غير المحمين بأي وسائل أمان ومن بينهم هو بالطبع.

بدأ الطبيب البريطاني العمل لساعات طويلة دون حتى أن يتناول الطعام هو ومن معه من طواقم الأطباء والتمريض لمساعدة المصابين بفيروس كورونا.

وتابع: «لقد فقدنا القدرة على معرفة الأشخاص المصابين بكورونا من المرضى العاديين، وعندما نشك بوجود مصاب في أحد الأجنحة غير المعزولة نقوم بنقله على الفور إلى جناح معزول، ونقوم بعمل التحاليل له، إلا أننا نستغرق يومين لمعرفة النتيجة».

«أنا كطبيب أعمل مع المصابين بالتأكيد أحمل الفيروس.. لست مصابا، ولكني أحمله ممن أتعامل معهم، والآن لأول مرة في مسيرتي ليس علي أن أواجه الخوف فقط ولكني عليا أيضا أن أواجه خوفي أن أكون قاتلا صامتا ينقل الفيروس للمحيطين به».

يختتم حديثه قائلا: «بعض المرضى أصبحوا لا يستجيبون لأجهزة التنفس وأقنعة الأكسجين، وكل ما يمكننا فعله الآن هو أن نجعل نهايتهم مريحة، لقد جعلنا الفيروس نقوم بدور إنهاء حياة المرضى.. وأنا حقا أتمنى نسيان كل ذلك».