عين على الحدث

كورونا يعزز مكانة الصين

 آمال المغربى
آمال المغربى

تزامن هجوم الرئيس دونالد ترامب الاخير على الصين، واتهامها بنشر فيروس كورونا، مع توسع الدمار الذى أحدثه الفيروس فى أنحاء الولايات المتحدة كلها، والانتقاد المتزايد لادارته التى ضيعت فرصا كثيرة للاستعداد، فقد ظل ترامب على مدى أسابيع فى شهرى يناير وفبراير، يقلل من شأن الوباء، ويقول أنه لا يشكل إلا مخاطر قليلة على الأمريكيين، حتى بعد إصداره أمرا يمنع المسافرين غير الأمريكيين القادمين من الصين من دخول الأراضى الأمريكية.
محاولة ترامب توجيه اللوم الكامل للصين عن انتشار الفيروس لدرجة تسميته الفيروس بـ«الصيني» للتغطية على الانتقادات الموجهة له ولادارته بأنها لم تكن جاهزة لمكافحة انتشار الوباء، الذى اكتشف أول مرة فى مدينة ووهان فى الصين العام الماضي، وعدم استبعاده ترمب اتخاذ إجراءات انتقامية ضد بكين يؤكد تحول وباء كورونا إلى موضوع توتر جديد بين القوتين العظميين.
فى هذا الإطار، حذر تقرير نشرته مجلة «فورين أفيرز» الأمريكية من قدرة فيروس كورونا على إعادة تشكيل النظام العالمي. ومحاولة الصين قيادة العالم فى وقت تفشل فيه الولايات المتحدة فى التعاطى مع الوباء او مساعدة اى من حلفائها.. وفى مقارنة بين استجابة واشنطن لأزمة كورونا مقابل الصين، يرى التقرير أن المؤسسات الحكومية الأمريكية الأساسية، مثل البيت الأبيض ووزارة الأمن الداخلى ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، قوضت الثقة بقدرة وكفاءة الدولة الأمريكية. وأثارتتصريحات الرئيس الأمريكى ترمب وتغريداته، الشكوك وأدت إلى حالة من الارتياب إلى حد كبير.. فالقطاعين العام والخاص الامريكيين أثبتا انهما غير مستعدين لإنتاج الأدوات اللازمة للفحص والاستجابة وتوزيعها، وعلى المستوى العالمي، عزز الوباء نزعات ترمب إلى العمل بمفرده وكشف عن مدى عدم استعداد واشنطن لقيادة مواجهة العالم للوباء والفشل فى القدرة والاستعداد لحشد وتنسيق الاستجابة العالمية للأزمات.
فى مقابل ذلك، تحركت الصين بسرعة لاستغلال هفوات واشنطن وعملت على ملء الفراغ لتضع نفسها قائدة للعالم على مستوى الاستجابة للوباء. من خلال الترويج لنظامها الخاص وتوفّير مساعدات مادية وطبية لدول عديدة.. ففى الوقت الذى عجزت فيه واشنطن عن إنتاج عدد ملائم من أجهزة الاختبار، لبت الصين - على نقيض الدول الأوروبية - نداء إيطاليا العاجل، وارسلت فريقا طبيا ومساعدات طبية وتعهدت علنا بإرسال أجهزة تنفس واختبار وأقنعة وبدل واقية.
كما أرسلت الصين فرق طبية و250 ألف كمامة إلى إيران، ووعد رجل الأعمال الصينى جاك ما، ومؤسس «على بابا»، أيضا بإرسال 20 ألف جهاز اختبار و100 ألف كمامة لدول القارة الأفريقية.. وبالنظر لواشنطن التى تبدو عاجزة أو غير راغبة فى لعب هذا الدور، يوفّر فيروس كورونا فرصة لاعتماد قيادة الصين الصاعدة للعالم ويغير بشكل أساسى موقع الولايات المتحدة فى المشهد السياسى العالمى من جهة، والسباق على القيادة فى القرن الحادى والعشرين من جهة ثانية.