يوميات الأخبار

شهداؤنا.. تاج على رؤوسنا

د. محمد حسن البنا
د. محمد حسن البنا

«ماذا يفيد المجتمع من مشهد تليفزيونى درامى يصور طفلة بريئة لا تتجاوز الخامسة من عمرها تقتل قطتها بكتم أنفاسها بوسادة صغيرة حتى فارقت الحياة ؟!».

بعد نكسة 5 يونيو من عام 1967 بدأت الدولة المصرية إعادة بناء قواتها المسلحة التى دمرتها إسرائيل فى غفلة من القيادة وقتها، وفى مرحلة البناء خاض الجيش حرب استنزاف ضارية مع العدو، وأشرف الفريق محمد عبد المنعم رياض على خطة لتدمير خط بارليف الذى أقامته إسرائيل على طول الشط الشرقى لقناة السويس، تحدد يوم السبت 8 مارس 1969 موعداً لبدء تنفيذ الخطة، وانطلقت نيران المدفعية على طول خط الجبهة لتكبد الإسرائيليين أكبر قدر من الخسائر فى ساعات قليلة، تم تدمير جزء من مواقع خط بارليف وإسكات بعض مواقع مدفعيته فى أعنف اشتباك شهدته الجبهة. وفى فجر يوم 9 مارس قرر الفريق رياض التوجه بنفسه إلى الجبهة ليرى عن قرب نتائج المعركة ويشارك جنوده مواجهة الموقف، وقرر أن يزور أكثر المواقع تقدماً التى لم تكن تبعد عن مرمى النيران الإسرائيلية سوى 250 مترا. فاجأ العدو الموقع بنيران كثيفة، بينما يقف رياض وسط جنوده، دارت معركة يقودها رياض بنفسه، إلى أن انفجرت إحدى طلقات المدفعية بالقرب من الحفرة التى كان يقود المعركة منها، ليستشهد رئيس أركان القوات المسلحة المصرية وسط جنوده. وكان عمره لا يتجاوز الـ 50 عاما. قام الرئيس المصرى جمال عبد الناصر بتكريم اسمه بمنحه رتبة فريق أول، ووسام نجمة الشرف العسكرية أرفع وسام عسكرى، بالطبع لم يكن أول شهيد فى تاريخ مصر، لكننا لم نكن نخلد ذكرى الشهداء فتم اختيار يوم استشهاده 9 من مارس من كل عام لتخليد شهداء مصر على مر العصور.
يجب أن نقف إجلالا واحتراما لمن ضحى بعمره وحياته من أجلى وأجلك، من أجل أن نعيش، وتعيش مصر. شهداؤنا من القوات المسلحة أو الشرطة أو المدنيين تاج فوق رؤوسنا. منحونا الحياة، فلا أقل من أن نتذكرهم فى يوم الشهيد. لا يمكن أن تتوه عن مخيلتى «تويتة» شهيد الشرطة مصطفى عثمان، والتى كتبها قبل استشهاده بساعات. يقول فيها «السادة الضباط: لله ما أعطى ولله ما أخذ... طريق اخترناه طواعية، ولكل منا ساعته.. أجل محتوم لا مفر منه.. شرف سعينا إليه ونستحقه.. من يموت منا شهيد، ومن يحيا بطل.. لا ننتظر تعاطفا من أحد، فنحن للمستضعفين بعد الله سند.. ولا يهزمنا تنظيم أو جماعة، ولا تكسرنا شهادة أو إصابة.. كلها دوافع لمواصلة الكفاح وبذل الدم والنفس فداء لما آمنا به.. رحم الله رجالا صدقوا ما عاهدوا الله عليه».
أرجو أن نتدبر هذه الكلمات، سنعرف كيف تربَى هؤلاء، كيف اعتنقوا عقيدة النصر أو الشهادة، وكيف تهون الحياة فى أعينهم فى الوقت الذى يلهث الآخرون على حياة عبثية. ما هذا الإيمان بالله والوطن، ما هذا الانتماء الذى يتحلون به لمصر، والذى لن تجد له مثيلا فى أى دولة أخرى. ألا نخرج بدروس لنا ولأجيالنا القادمة من هؤلاء الشهداء؟! أرجو أن نفيق وأن يتذكر المفكرون والمؤلفون وكتاب السيناريو قصص شهداء مصر وبطولاتهم، بدلا مما يقدمونه لإفساد الناس، وخرق قيم المجتمع، وتعليم الشباب عادات تهدم الأخلاق. أطمع على الأقل فى أن تأخذ وزارة التعليم قصص هؤلاء الأبطال فى الكتب الدراسية، والقطع الأدبية ومنهج القراءة. شهداؤنا هم «نمبر ون» الحقيقى.
جرائم المسلسلات والأفلام
أتمنى أن يكف صناع السينما والدراما عن أفلام الرعب الرديئة التى تشجع الشباب والأطفال على ارتكاب جرائم. وقد لفت نظرى رسالة من القارئ العزيز هانى صيام يقول فيها: «تشهد شاشة التليفزيون وقائع جرائم نكراء بحق الطفل المصرى، سواء بين ثنايا الإعلانات أو فى طيات أحداث المسلسلات، واسمحوا لى أن أعرض وقائع جريمتين، كنت أحد شهود العيان فيهما كمشاهد، أولاهما ذلك الإعلان عن أحد المستشفيات المتخصصة فى علاج الحروق، والذى يتضمن مشهدا دراميا قاسيا، يتمثل فى حريق هائل شب فى منزل أثناء الاحتفال بعيد ميلاد طفلة، مما أودى بحياتها متأثرة بالحروق!. أما الجريمة الأخرى فقد تضمنتها الحلقة الثانية عشرة من المسلسل التليفزيونى (قمر هادى) والذى تبدو فيه طفلة لا تتجاوز الخامسة من عمرها وهى تكتم أنفاس قطتها بوسادة صغيرة حتى فارقت الحياة، فى مشهد بشع، سيظل ماثلا بأذهان الصغار والكبار على السواء لفترة طويلة مقبلة. وأتساءل: إلى متى ستظل ظاهرة انتهاك حقوق الطفل تبسط نفوذها على الإعلانات والأعمال التليفزيونية؟!. وهل يدرك المنتجون والمؤلفون والمخرجون والجهات المعلنة تداعيات مثل هذه المشاهد على فلذات الأكباد؟!. وكيف تبث فى نفوسهم بواعث الخوف والرعب والفزع مع كل احتفال بعيد ميلاد؟!. وهل من الحكمة والموضوعية والقيم التربوية ترسيخ مفاهيم العنف والقسوة والوحشية فى عقولهم خاصة فى هذه السنة المبكرة؟!. وعلى أى نحو ستكون تعاملاتهم مع الحيوانات الأليفة التى قد تتواجد ببعض المنازل بصفة دائمة؟! وماذا يمنع إقدامهم على ارتكاب مثل هذه الجريمة البشعة مع أصدقائهم وصديقاتهم على سبيل الدعابة وفى إطار تام من البراءة وصفاء النفوس وحسن النوايا مما قد ينجم عنه ما لا يحمد عقباه؟!. وأخيرا: لماذا يقف المجلس الأعلى للطفولة والمجلس الأعلى للإعلام مكتوفى الأيدى قليلى الحيلة إزاء تجاوزات التليفزيون بحق أطفال مصر؟!.
المهندس هانى صيام ليس وحده، بل كل العقلاء فى هذه الدولة يستنكرون ذلك، والدستور والقانون يجرم مثل هذه الأفعال، وحدد من جرائم الترويع والتخويف والبلطجة، الترويج لأفكار متطرفة بقصد إثارة فتنة وحيازة المفرقعات. التحريض على عدم الانقياد للقوانين. حيازة الأسلحة الآلية والذخائر. تخريب مؤسسات الدولة. جرائم الاعتداء على حرية العمل وتخريب المنشآت. إهانة رئيس الجمهورية. تعطيل المواصلات. وجرائم التموين الخاص بالتسعير الجبرى وتحديد الأرباح والقرارات المنفذة له.
مهاتير ظلم تاريخه
لا أحب الخوض فى السياسة فى اليوميات، لكن ما قرأته أخيرا عن مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا المستقيل حك أنفى، ودفعنى إلى عطسة طويلة منتهية بحمد الله، فقد قرأت أن مهاتير قدم استقالته للملك فى خضم محادثات عن تشكيل ائتلاف جديد. وتولى مهاتير (94 عاما) منصبه فى مايو 2018 وهى ثانى مرة يرأس فيها الحكومة. وعاد إلى السطح الخلاف على المقعد وصراع المناصب مع المرشح الآخر أنور إبراهيم، والذى يتهم حزب مهاتير و»الخونة» فى حزبه بالتآمر لتشكيل حكومة جديدة مع المنظمة الوطنية المتحدة للملايو وهى الحزب الحاكم السابق الذى أطيح به فى 2018 وسط اتهامات بالفساد على نطاق واسع. رغم أن ماليزيا أكدت نفسها كواحدة من النمور الأسيوية اقتصاديا.
كل هذا لم يعد يهمنى، إنما السقطة التاريخية التى تآمر فيها مهاتير على مصر باتفاق مع قطر وتركيا. وهو ما يجعلنى أقول لكل متآمر نهاية، فليذهب مهاتير وتميم وأردوغان إلى مزبلة التاريخ، ولتحيا مصر.
زاد ثقافى فاخر!
فى زيارته فوائد جمة، من المؤكد أنك لن تعود خالى الوفاض، بل ستحمل كنزا تظل تنهل منه طوال عمرك. فى زيارته تجد ما لذ وطاب، أقلها شاى أخضر، فهو منوفى كريم، الكرم هنا واجب، وقاهرى لئيم!، اللؤم هنا ليس سبا، بل مدح بالذكاء. إنه علاء عبد الهادى رئيس تحرير كتاب اليوم، والذى أهدانى كتابه الأخير «تأشيرة سفر»، والذى يذكرنى بكتب الرحلات الرائعة لكاتبنا الكبير الراحل أنيس منصور، فهو يصور لنا بقلمه المبدع، وبأسلوبه القريب من القارئ رحلاته إلى بلاد الدنيا، وهو أدب من نوع السهل الممتنع. لقد خرجت من مكتب علاء بكتاب الزميل العزيز الكاتب الكبير مصطفى بكرى «حكايات الإخوان فى زمن الحكم والسلطان»، وكتاب الكاتب الكبير صلاح منتصر «شهادتى على عصر عبد الناصر» ، وكتاب الطبيب المحترم الدكتور سامى عبد الله «الميكروب الحلزونى ومناظير الجهاز الهضمى». والحق يقال، زيارة واحدة لمكتب علاء عبد الهادى لا تكفى!!.
نوال وصناع الأمل
تتميز الزميلة والكاتبة الكبيرة نوال مصطفى بأسلوب متميز، سواء فى الفكرة أو الأسلوب، وقد اختارت لنفسها طريق صناعة الأمل قى نفوس الجميع عامة والبسطاء خاصة، والسجينات بخاصة الخاصة. ونجحت مصريا وعربيا ولا أتجاوز أن قلت عالميا. فهى مؤسس ورئيس مجلس إدارة أول جمعية لرعاية أطفال السجينات، وتصدر مجلة عيون المستقبل كأحد أنشطة مشروع «نقطة ضوء»، والذى يقدم لنا قصص نجاحات مبادرة صناع الأمل، وهم قدوة حسنة للأجيال القادمة، وبوصلة لغيرهم من رواد الأعمال بالوطن العربى. استفادت نوال مصطفى من مهنتها الصحفية والتى بدأتها محققة صحفية متميزة، وكاتبة بارعة فى القضايا الإنسانية، وتمكنت من سبر غورها على قضية السجينات وأطفالهن حتى أصبحت متميزة فى مجال صناعة الأمل، دون أن تنسى حسها الصحفى ومشاعرها الأدبية فى كل إنتاجها الفكرى، أتمنى لها النجاح الدائم، وأن تحقق كل أمنياتها.
دكتور ياسر العدل
يعجبنى جدا طريقة الدكتور ياسر العدل فى الكتابة، يتميز عن غيره بالكتابة الساخرة، وأسلوبه مختلف عن كثير من الكتاب الآخرين، كما أنه كثيرا ما ينتقد نفسه والدكتورة «مراته» وابنه الدكتور، ولو كنت رئيس تحرير جريدة حاليا لأسرعت بالتعاقد معه كاتبا ساخرا مرموقا رغم أنه أستاذ مرموق فى كلية التجارة بجامعة المنصورة.
كف الغيظ والغضب!
إيمانى بهذا الحديث الشريف يجعله ديدبان حياتى، ومهما تعرضت بسببه من غول فلا يثنينى شىء عن السير على هداه. «عن ابن عمر رضى الله عنهما أن رجلا جاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أى الناس أحب إلى الله، وأى الأعمال أحب إلى الله؟. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله تعالى سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضى عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا. ولئن أمشى مع أخى فى حاجة أحب إلىّ من أن أعتكف فى هذا المسجد، أى مسجد المدينة المنورة، شهرا كاملا، ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظه - ولو شاء أن يمضيه أمضاه ـ ملأ الله قلبه رجاء يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه فى حاجة حتى يثبتها له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام». رواه الطبرانى وحسنه الألبانى.