مصر الجديدة :

مشكلة ولا حل.. لماذا؟

إبراهيم عبد المجيد
إبراهيم عبد المجيد

الذى حدث يومى إعصار التنين الخميس والجمعة الماضيين كان متوقعا. لقد كشف ذلك ما يكشف عنه تجمع الأمطار كل مرة من أن مواسير الصرف غير كافية وربما غير موجودة، أو أن نظام البناء خاطئ، إذ كثيرا ما تكون الأدوار الأرضية منخفضة عن منسوب الشارع وما فيه من قنوات صرف تتصل طبعا بالبيوت فتصعد إليها المياه. فى كل مرة سابقة تقول الحكومة أو أحد رجالها إنه ليس من المناسب صرف مليارات من أجل أزمة لا تستغرق عدة أيام. وفى كل مرة لا يلتفت أحد إلى أن هذه الأزمة قد تكلف البعض حياتهم، خاصة فى الأماكن التى بها عيوب فى الكابلات الكهربية الأرضية مما يجعل الكهرباء تتصل بالماء، ويكون النزول فيه سهوا أو قصدا أحد أسباب الموت السريع. ولقد حدث. لماذا يكون الموت سريعا؟ أى شخص يعرف قليلا فى علم الكهرباء يعرف أن شدة التيار الكهربى التى تقاس بالأمبير هى مصدر الطاقة والحرارة والنور والنار أيضا. ليس الفولت من فضلك الذى هو مقياس الجهد الكهربى وليس شدته. وحدة «الأوم» هى وحدة قياس المقاومة للكهرباء. وبعيدا عن التفاصيل الرياضية فأسهل معادلة يجب تذكرها هنا هى أن الجهد يساوى حاصل ضرب شدة التيار فى المقاومة. ومنها تكون شدة التيار - الأمبير - هى حاصل قسمة الجهد - الفولت - على المقاومة - الأوم. حين يمسك انسان سلكا عاريا لا يتغير الفولت لكن تتغير شدة التيار، ولأن مقاومة الإنسان ضعيفة فتزيد شدة التيار جدا جدا حين تقسم «الفولت» على «الأوم» وأحيانا يصل إلى ما لا نهاية إذا كانت مقاومة جسم الإنسان تساوى صفرا. أى رقم تتم قسمته على الصفر تكون النتيجة ما لا نهاية. هنا تظهر تجليات الأمبير فيقتل إن لم يحرق. الإنسان فى الماء متصل بالأرض فتكون المقاومة صفرا تقريبا. سيقول لى أحد: هناك من يتكهربون ولا يموتون. هذا لأنهم قد يكون فى أقدامهم عازل عن الأرض أو يقفون على سلم خشبى فلا تكتمل الدائرة، أو لأن التيار المتغير وهو الشائع، يكون معدل تذبذبه خمسين مرة فى الثانية، أى فى الثانية الواحدة يكون موجودا وغير موجود فى السلك خمسين مرة، ومن ثم يمكن للمخ كرد فعل مباشر أن ينزع صاحبه بعيدا فى واحد على خمسين من الثانية، وهذا من كرم الله لا يتوفر لكل الناس، وسط الماء لن تتوافر إلا بصعوبة لأن كل الماء مكهرب. لا فراغ يمكن أن يجذب المخ صاحبه إليه. طبعا ما يحدث هو نتيجة سنوات طويلة من الإهمال والفساد. سنوات للأسف تم فيها إلغاء الانفصال بين صرف الأمطار والصرف الصحى، وتم دمجهما معا فى مواسير لا تتسع، خاصة مع مخالفات البناء التى جعلت الصرف الصحى فوق الاحتمال. ما فعلته الدولة التى تعرف المشكلة، أنها فى يومى الإعصار، قطعت المياه عن البيوت أطول وقت حتى لا يزداد الصرف الصحى، ناسية غسل الأيدى المطلوب فى زمن الكورونا. تريد أن تتفادى الزيادة فى الماء رغم أن الكارثة موجودة، لكن الكورونا لم تكن مهمة. الأهم من ذلك كله الآن لماذا حقا لا توفر الدولة المليارات التى تقول إنها فى حاجة إليها لتصحيح طرق الصرف، وتؤجل بعض مشاريعها، كيف كان أجدادنا حريصين على طرق الصرف الصحيحة، وكيف صرنا غير حريصين عليها رغم ما تسببه من موت؟!