مصر الجديدة

الكورونا ومجلس الوزراء

إبراهيم عبدالمجيد
إبراهيم عبدالمجيد

لست من الذين يسخرون مما تفعله وزيرة الصحة بشأن موضوع الكورونا. ولا يهمنى من موضوع زيارتها إلى الصين ما يتردد على الميديا من سخرية. ولن أعتبر أن زيارتها مجازفة، فهى كوزيرة صحة لابد معها طاقم، أو ينتظرها هناك طاقم يقدم لها طرق الوقاية، ولابد أنها احترست فى حواراتها مع أى مسئول صينى. يهمنى ما قرأته من انها عادت بعدد كبير من أجهزة الكشف على المرضى. لكن هذا وحده ليس كافيا. لدىَّ اسئلة من واقع ما يحدث حولى. لن أتحدث عن الصين وإيران وإيطاليا التى زادت فيها الحالات وتزيد. يهمنى أن هذا الفيروس شديد الانتشار وحتى الآن لا يعرف أحد الظروف التى يمكن أن تحد من انتشاره. هل هو الصيف بحرارته أم هو الشتاء؟ واضح أنه مستعصٍ على كل مناخ ويطور من شكله فى أى مكان. يهمنى أنه برغم قلة عدد الحالات التى ظهرت فى مصر حتى الآن إلا أنها تزداد وسوف تزداد. لقد قرأنا عن عدد محدود جدا من حالات العائدين من مصر إلى فرنسا وكندا وغيرها، لكن فجأة قرأنا عن اكتشاف اثنتى عشرة حالة على إحدى السفن السياحية. صحيح أن هناك اجراءات جرت للسفينة نفسها وعزلها فى مكان بعيد، وأنه سيتم الكشف على العاملين فى السياحة فى كل مكان وهذا أمر طيب. ما أتحدث عنه هنا أن الموضوع أكبر من وزارة الصحة وحدها. وأن الوقاية من انتشار هذا الفيروس لا تقل أهمية عن علاجه. والوقاية حتى الآن، وما اُتفق عليه، يستدعى منع التجمعات البشرية، أكثر مما تستدعى الكمامة وغسل اليدين وعدم الأحضان وتوقف القبلات وغير ذلك مما له أهمية طبعا. منع التجمعات وضح فى البلاد الأخرى، فقد ألغيت على سبيل المثال كل معارض الكتب فى كثير من الدول، وأُلغيت العمرة، كلها اجراءات احترازية حتى لا ينتشر المرض. هذا جزء من عمل وزارة الصحة كما هو جزء من عمل وزارة الثقافة والوزارت الأخرى كما سأوضح. صحيح ليس لدينا معارض كتب لكن سيكون هناك معرض فى الإسكندرية الشهر القادم وهناك معارض إقليمية. فى إيطاليا مثلا يتركون السينما لكن الجلوس على مقاعدها ليس فى تجاور. هناك بين كل جالس وآخر مقعدان خاليان. عروض المسرح والموسيقى فى إيطاليا توقفت. يمكن ألا تتوقف عندنا لكن يمكن أن يكون هناك فواصل بين الجالسين. متحف اللوفر ومتاحف ألمانيا أُغلقت. المدارس فى بعض المدن والجامعات توقفت ونحن لا نفعل ذلك رغم أن معظم التعليم خارج المدارس. هذه كلها أمور ليست من اختصاص وزارة الصحة وحدها كما قلت لكنها من اختصاص مجلس الوزراء. الانتظار حتى ينتشر المرض ليس الطريقة الصحيحة لأنه وقتها سترتبك الدنيا. الوقاية خير من العلاج والدولة تسطيع أن ترصد لكل هذه الخسائر نوعا ما من الدعم لمؤسساتها. فى مصر أحوال الأحياء والشوارع والمتنزهات وزحام الفصول المدرسية لا تشجع أبدا على إيقاف المرض. ولابد أن نعترف أن هذه العشوائيات يمكن أن تكون سببا فى انتشار لا قدرة لأحد على إيقافه. والعشوائيات بالمناسبة ليست الأماكن الفقيرة فقط، لكنها تقريبا ثلثا أحيائنا بنظام البناء الفاسد الذى جعل العمارات ترتفع لعشرة أدوار وأكثر فى شوارع لا يزيد عرضها على ثمانية أو عشرة أمتار وغالبا أقل. باختصار مطلوب من مجلس الوزراء أن تتكاتف كل الوزارات للوقاية من هذا المرض، فالمسألة أكبر من وزارة الصحة وحدها. اللهم بلغت اللهم فاشهد.