مهرجان برلين السينمائي يسدل الستار على الدورة الأكثر جدلًا.. اليوم

برلين يسدل الستار على الدورة الأكثر جدلا مساء اليوم
برلين يسدل الستار على الدورة الأكثر جدلا مساء اليوم

يختتم مهرجان برلين السينمائي الدولي، دورته الـ70 مساء اليوم، حيث يقام حفل الختام في "برلين بلاست" بحضور رئيس المهرجان ولجنه التحكيم ونجوم الأفلام، ليسدل الستار على واحدة من أكثر الدورات إثارة للجدل في تاريخه، حيث لم تعلن النتائج الخاصة بالمسابقة الرسمية حتى الان.

وشهدت الدورة الـ70 مجموعة من الأفلام المتواضعة في المسابقة الرسمية، وكان ضعف مستوى الأفلام أول انتقاد اجتمع عليه رواد المهرجان سواء النقاد او الجمهور.

ويتنافس في المسابقة الرسمية 18 فيلم كان أضعفها "اختي الصغيرة" لستيفاني شوت، "سايبيريا" لأبيل فيرارا،  "ناتاشا"  لايلي خارزانوفسكي، بينما وقفت أفلام في المنطقة الرمادية حيث يمكن تقيمها بالمستوى المتوسط مثل "ذا انترودر" لنتاليا ميتا، "هيدين أواي" جورجيو ديليتي،"ملح الدموع" لفيليب جاريل، "كل الموتى" لماركو دوترا و"ايام" لتاسي مينج لينج. أما أفضل افلام المهرجان كانت "فيرست كاو" لكيلي ريتشارد، "أوندينا" لكريستيان بيتزولد، "ديليت هيستوري" لبينوي ديليبين،"المرأة التي هربت" لهونج سانج سو، " حكايات سيئة" من إخراج الأخوين داميانو وفابيانو دي إينوسينزو،" ابدا..نادرا.. احيانا.. دائما" لاليزا هيتمان، "برلين الكسندر بلاتز لبوران كورباني، "الطرق التي لم نطرقها" لسالي بوتر،  "مشع" لريسي بان و"لا يوجد شر" لمحمد راسولوف.

منافسة شرسة

ومن المتوقع أن تشتد المنافسة على الدب الذهبي بين مجموعة من الأفلام أهمها  فيلم " ابدا..نادرا.. احيانا.. دائما"  الذي تدور قصته حول اوتن وهي فتاة حامل تبلغ من العمر 17 عامًا تسافر من ولاية بنسلفانيا الأصلية إلى مدينة نيويورك ، لإجراء عملية إجهاض دون أن تكتشف أسرتها ذلك. يناقش الفيلم العديد من القضايا الهامة في المجتمع الأمريكي على رأسها الإجهاض ومعضله السماح به في بعض الولايات ومنعه في ولايات أخرى، بالإضافة للعنف الجسدي ضد المرأة والتحرش والاعتداء الجنسي على الفتيات في أماكن العمل، كل هذه القضايا طرحتها المخرجة الأمريكية اليزا هيتمان برؤية ناعمة وهادئة لم يتخللها أي مشهد خارج، وأعتمدت بشكل أساسي على أداء الأبطال والسيناريو المتكامل، مما جعل الفيلم واحد من أقرب الأعمال للدب الذهبي.

فيلم "فيرست كاو" لكايلي ريشاردت يروي حكاية صعبة ومرعبة للغاية عن الغرب القديم، تتشكل من قوى السوق الرأسمالية المتعصبة. صورت المخرجة قصتها بقوة ومهارة كما تم تصوير الفيلم ببساطة جميلة واستحضا الهدوء والسكينة للمشهد الأمريكي. تعود قصة الفيلم إلى عشرينيات القرن التاسع عشر حيث كان "كوكي" فيجوفيتز (جون ماجارو) مغامرًا تم تعيينه كطاهي في حفلة ولكنه أثبت عدم كفاءته - على الأقل فيما يتعلق بزملائه المتعاطفين مع الجياع . لذلك ، ينشق عنهم ويجد نفسه صديقًا لعامل صيني متجول يدعى الملك لو (أوريون لي) ، ويجدان سببًا مشتركًا حيث يحلمون بأن يصبحوا أثرياء كرجال أعمال وهم ليسوا أغبياء أو كسالى. لكن بالطبع أي عمل جديد يحتاج إلى رأس مال. وكيف تحصل عليه؟ ما هو هذا الشيء الخاص الذي يعتبر حجر الأساس غير المرئي لجميع الثروات العظيمةالاجابة كانت:" جريمة".

فيلم"أوندينا" أيضًا من الأعمال التي تنافس بقوة وهو العمل الخامس لبيتزولد وسبق وحصل على العديد من الجوائز ويشارك في بطولة الفيلم، بولا بير، فرانز روجوفسكي، مريم زاري، يعقوب ماتشنز، آن راتي بول. وتدور أحداثه حول أوندينا تعمل مرشدة في معرض النماذج المعمارية لمباني مدينة برلين، تشرح تاريخ التطور أو التدهور المعماري الذي شهدته المدينة والمشاريع الجديدة التي نفّذت منذ توحيد شطري برلين وما يعتزم إنشاؤه مستقبلا، لكنها تعاني في علاقتها العاطفية مع "يوهانس" الذي يخبرها أنه سيتركها، وهذا ما يجعلها تفكر في الانتقام، لكنها سرعان ما تلتقي برجل آخر هو "كريستوف"، وهو غطاس محترف، تقع في حبه، لكن تنتهي القصة نهاية مأساوية بتعرض الغطاس لحادث يتسبب في موته اكلينيكيا مما يدفع اوندينا لقتل حبيبها السابق لتسببه في مشكله بينهمها وتنتحر بالقفز في البحيرة.

وآثار فيلم "برلين الكسندر بلاتز"  لبرهان كوربان الجدل، لتصويره لرواية ألفريد دوبلين المبتكرة لعام 1929؛ وتدور قصة الفيلم التي وصلت مدته لأكثر من 3 ساعات ومقسم لخمسة فصول، حول فرانسيس الشاب الأفريقي الأسمر الذي هرب من بيساو لألمانيا عن طريق البحر الأبيض ليصل في النهاية لمدينه برلين بحثا عن مستقبل افضل واسدال الستار على ماضي إجرامي طويل. انتهت كل أحلام فرانسيس الوردية بحياة محترمة نظيفة عندما تعرف على راينولد، تاجر المخدرات الذي يستخدم الشباب الافارقة في توزيع وبيع المخدرات في برلين، وعلى الرغم من أن راينولد يمتلك كل مقومات التي تجعل منه شخص جيد إلا أنه يحقد على فرانسيس لقوته وطموحه وذكائه الذي جعله الرجل المفضل لرئيس المافيا، مما يدفع راينولد للتخلص منه أكثر من مرة وفي كل مرة يرفض فرانسيس تخيل خيانه راينولد حتى يعلم حقيقة أنه هو من قتل زوجته ليقتله ويمضي عقوبته في الحبس ويخرج ليبدأ حياة جديدة كمواطن ألماني صالح. تأتي أهمية الفيلم من قصته التي تناقش موقف الوافدين الجدد لألمانيا وسط موجة من اعمال العنف العنصرية ضد المسلمين واللاجئين لألمانيا كان أخرها حادث مدينة هاناو، الذي أطلق فيها شخص عنصري النار على قهوة عربية وتسبب في وقوع العديد من الضحايا. من الناحية الفنية، الفيلم امتاز بأسلوب سرد رائع منع الملل من التسرب للمشاهد  على الرغم من أن مدته أكثر من 200 دقيقة، ولكنها كانت 3 ساعات من المتعة والتشويق والاستمتاع بالأداء الرائع لابطال الفيلم والتصوير والاخراج المبتكر. 

فيلم "الطرق التي لم نطرقها" لسالي بوتر، من بطولة إيل فاننج وسلمى حايك وخافيير بارديم، تمتع بقصة إنسانية رائعه شارك فيها مجموعة من نجوم هوليوود الاكثر شهرة على الإطلاق. ولكن هذا لم يكن كافيا ليخرج الفيلم بالمستوى المطلوب ولكن لا يمكن انكار حقيقة ان وجود المخرجة سارة بورتمان و نجوم مثل سلمى حايك وإيل فاننج وخافيير براديم كان له سحر خاص في هذه الدورة الباهتة لواحدة من اعرق المهرجانات السينمائية. الفيلم طرح اشكال العلاقات الانسانية من خلال "ليو" الرجل البالغ الذي أصبح غير قادر على التحكم في اعصابه ولا يقوى على تغيير ملابس بمفرده ويعاني دائما من تفكيره في احداث الماضي وقصة حبه بـ"دولارس" سلمي حايك، التي تركها في منتصف الطريق في اسبانيا بعد ازمة فقدهما لأبنهما وشعوره الدائم بالندم، بينما تظهر أبنته من زوجته الامريكية لتكون مثال رائع لعلاقة الاب الفاقد الاهلية مع ابنه محبه.

دورة مثيرة للجدل

مع بداية المهرجان ارتفع مستوى التوقعات بأنه سيشهد طفرة كبيرة في ظل قيادته الجديدة المتمثلة في الإيطالي كارلو شاتريان مديرًا فنيًا والذي سبق له أن تولى إدارة مهرجان لوكارنو السينمائي، وتتعاون معه الألمانية مارييت ريسنبيك كمديرة إدارية للبرليناله، حيث تم اتاحة الفرص للتجارب السينمائية الجديدة وصناع الافلام الذين يمتلكون فكر مختلف واساليب فنية حديثة وإطلاق مسابقة ثانية باسم "انكاونترز" التي تقدم أيضًا جوائز ويتنافس خمسة عشر فيلماً، بما في ذلك الفيلم الأول للمخرج البرتغالي كاتارينا فاسكونسيلوس ، "تحول الطيور". بالإضافة لعرض أفلام مميزة في قسم العروض الخاصة مثل "ميناميتا" لجوني ديب و"بينوكيو" والوثائقي " هيلاري" الذي يتناول مسيرة سيدة أمريكا الاولى هيلاري كلينتون، والتأكيد على حضور نجوم مهمين خلال الافتتاح والختام.

إلا أن ما تم ملاحظته على مدار 10 أيام جاء مخيبا للأمال بالنسبة لضعف مستوى أفلام المسابقة الرسمية لواحد من أعرق 3 مهرجانات دولية، بالإضافة لتداخل مواعيد عروض الأفلام مع عروض المسابقات الاخرى التي شهدت مشاركة أعمال أفضل بكثير من المعروضه في المسابقة الدولية.

وعلى الرغم من إعلان المدير الفني الجديد للمهرجان، أن هدف هذه الدورة  "إفساح المجال للتنوع وتمثيل النساء والأقليات العرقية، إلا أن هناك 6 أفلام فقط من أصل 18 فيلما في المسابقة الرسمية من إخراج نساء ، أي أقل من العام السابق  الذي وقع فيه المهرجان اتفاقية "50/50" التي تتعهد بإلزام المهرجان بالمساواة بين الجنسين في المستقبل، لكن 6 أفلام ليست 50/50.

على الجانب الاخر، يواجه المهرجان العديد من الانتقادات على رأسها اختياره للممثل جيريمي آيرونز، لرئاسة لجنة التحكيم لتأييده زواج المثليين والتحرش بالنساء بشكل غير لائق والإجهاض ويكفي أن تضع كلمات جيريمي آيرونز ومي تو في بحث واحد على أي محرك بحث لإدراك أنه اختيار.