فضفضة

عبقرية المكان

علاء عبد الهادى
علاء عبد الهادى

 أتابع بكثير من السعادة والمتعة والاهتمام الإجراءات التى تقوم بها وزارة السياحة والآثار تمهيدا لافتتاح مشروعين عالميين خلال هذا العام فقط، الأول هو المتحف المصرى الكبير بأول طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوى، والثانى هو متحف الحضارة بالفسطاط، بداية يهمنى أن أجيب على تساؤل البعض عن وظيفة كلا المتحفين، الأول هو أكبر متحف منفرد فى العالم للحضارة الفرعونية فقط، وهى بالفعل تستحق لأسباب كثيرة كلنا يعرفها، وتم اختيار مكان المتحف وتصميمه بعبقرية تحسب للفنان فاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق لكى يكون هناك رابط بين الأهرامات باعتبارها أهم أثر خلده أجدادنا الفراعنة وعجيبة الدنيا الخالدة على مبنى المتحف باعتباره حضارة أحفاد الفراعنة، وسوف يتمكن كل زائر للمتحف أن يرى الأهرامات من أية قاعة من قاعاته.. أما بالنسبة لمتحف الحضارة، فهو كما يشير اسمه متحف سوف يحتوى على كل ما يمكن أن يحكى قصة الحضارة، ومصر أم الحضارة على كوكب الأرض، منذ عصور ما قبل التاريخ وحتى يومنا هذا، مرورا بالعصور الفرعونية واليونانية الرومانية واستعراض لمساهمات مصر المسيحية والإسلامية، حتى تأسيس مصر الحديثة فى الفترة العلوية، وانتهاء بعصور النهضة الحديثة.. أما لماذا تم اختيار الفسطاط لتكون مقرا لمتحف الحضارة فأيضا يعود الفضل لفاروق حسنى فى اختيار هذا المكان العبقرى الذى يطل من جهة على أحد أهم الآثار الإسلامية ممثلة فى قلعة صلاح الدين، ومن الجهة الأخرى على الأهرامات على امتداد البصر، وفى الخلف من هذا المتحف يوجد أهم وأكبر متحف مفتوح للأديان السماوية ممثلا فى جامع عمرو بن العاص، أقدم مساجد مصر وأفريقيا، والكنيسة المعلقة أقدم وأهم أثر مسيحى، وبالقرب منهما معبد عيزرا اليهودى، وعلى بعد خطوات سور مجرى العيون الذى عاد للحياة ليكون لدى مصر من جديد أثر لا مسيل له فى العالم، ولن تترك المنطقة دون أن تمر وتستمتع بمركز الحرف التراثية فى الفسطاط.. يحسب لحكومة مدبولى أنها نفذت ما فشلت فى تنفيذه كل الوزارات السابقة، وكاد كلا المتحفين أن يموتا إكلينيكيا، دون أن يشعر بهما أحد خارج مصر أو حتى داخلها.. الوزير النشيط خالد عنان اختار أن يبدأ بافتتاح متحف الحضارة بحدث يليق، بزفة ملكية تصاحب نقل المومياوات الملكية من ميدان التحرير، الذى تجمل وتزين، وتخلص من العشوائيات، ومن الإعلانات واستعداد بريقه الأخاذ، ليأخذ طريقه إلى متحف الحضارة الذى تهيأ محيطه بحدث لا يقل أهمية عن المتحف نفسه، وهو استعاد عين الصيرة من يد العشوائيات، لتكون رافدا سياحيا مهما، ويكون إضافة وبعدا جماليا يخدم المتحف، ويوفر له العديد من الخدمات التى يحتاجها أى متحف من هذه النوعية، نحن إذن أمام تحرك واع لاستعادة بريق العاصمة، بإزالة ترهلات السنين، وما خلفته العشوائية عبر عقود فى قاهرة المعز.