يحدث فى مصر الآن..

نجيب محفوظ على المسرح

يوسف القعيد
يوسف القعيد

دعانى المخرج المتميز عادل حسان، مدير مسرح الشباب لمشاهدة العرض المسرحى: أفراح القبة. كتبه وأخرجه: يوسف منصور. ذهبت سعيداً، دار فى خيالى فى الطريق من بيتى فى مدينة نصر إلى مسرح الشباب بمنيل الروضة. المطل على نهر النيل. وفى قلبى طنين يقول لى إن الأيام الجميلة أوشكت أن تعود.
كنا نقضى الليالى نشاهد عروضاً مسرحية أو أفلاماً سينمائية، أبدعها لنا أبناء الوطن من الموهوبين فى السينما أو المسرح أو أشكال الإبداع الإنسانى الأخرى. أرجوكم لا يتهمنى أحد بالمبالغة. فمن الممكن لعمل يقوم به مجموع من الشباب ويخرجه مخرج من الشباب. ويشرف على العمل شاب. كل هذا يجعلنى آمل أن نعثر على نقطة البدء لنستعيد مسرحنا مرة أخرى.
ورواية أفراح القبة نشرها نجيب محفوظ 1980، الرواية التى نشرت قبلها هى: عصر الحب. والرواية التى نشرت بعدها: ليالى ألف ليلة. أى أن الرجل كان فى ذروة من ذرى إبداعه الروائى الذى لم يتكرر من بعده. حيث قدم لنا ما أدهشنا جميعاً. حتى الذين اختلفوا معه لم يملكوا إلا أن يقولوا إن إبداعه الروائى أسعدهم بلا حدود. وأن خلافاتهم هامشية وجانبية.
الرواية يحكيها أبطالها، ابتداء من طارق رمضان، ثم كرم يونس، وحليمة الكبش، وعباس كرم يونس. أربعة أصوات تحكى لنا وقائع الرواية. وهى ليست رواية أصوات بمعنى أن كل من يحكى يقدم وجهة نظر مغايرة للحدث تختلف عما سبقه وتخالف ما سيأتى بعده. ولكن كلا منهم يكمل الأحداث فى النقطة التى توقفت عندها من خلال الراوى الذى سبقه.
هذا الشكل الفنى الصعب حتى من أجل القراءة. فمن المؤكد أن تحويله إلى عرض مسرحى مسألة شديدة الصعوبة. ولذلك فإن يوسف منصور استبعد بعض الأحداث، استحدث بعض الشخصيات، أضاف للنص إضافات من عنده، كلها حولت الـ 151 صفحة التى تشكل الرواية إلى عرض مسرحى عذب وجميل. تخرج سعيداً مستمتعاً به.
قدم العرض عدداً من الشباب والشابات. الذين يعد المسرح بالنسبة لهم هواية. ولم ترس سفنهم على شاطئ الاحتراف. وقد حاولوا الاجتهاد فى نقل الإحساس الذى يمكن أن تخرج به من قراءة الرواية. بل ثمة إضافة عندما تشاهد العرض وتفعل مثلما فعلت. أن تقرأ رواية أفراح القبة قبل أن تذهب للمسرح. وهذا يجعل العرض يضيف لك الكثير رغم جمال الرواية وعذوبتها ومكانها المتميز والمرموق فى وسط إنتاج نجيب محفوظ الروائى.
قرأت الرواية مجدداً. وتوقفت أمام أشياء كثيرة فيها. وعشت سعادة نادرة أعيشها دائماً كلما قرأت نجيب محفوظ، مهما كان عدد مرات القراءات. وعندما جلست فى المسرح أشاهد الشباب يقدمون نصاً لنجيب محفوظ من خلال مخرج واعٍ لما يمكن أن يقوم به. ولم يستخدم نجيب محفوظ وسيلة للعرض. بل إن عرضه خدم رواية: أفراح القبة. وهى من روايات نجيب محفوظ الجميلة، بطريقة بديعة. تشكل إضافة حقيقية لقراءة النص الروائى. جهود مجموعة من الشباب بقيادة مخرج سيكون له مستقبل كبير قرروا إسعاد من يذهب إليهم برؤية عرض بديع.
تمنيت لو أن عمر نجيب محفوظ امتد به وشاهد معنا هذا العرض.