حر الكلام

وفاة مبارك وسكرات 25 يناير

أحمد السعداوى
أحمد السعداوى

أحمد السعداوى

بعيداً عن حالة التعاطف مع رحيل حسنى مبارك «رحمه الله».. وكما قال الرئيس الأسبق فى آخر كلماته: «الحكم للتاريخ.. فالوطن باقٍ والأشخاص زائلون»، تبقى الحقيقة المطلقة فى وفاة مبارك هى موت 25 يناير «إكلينيكيا»، ولا بد أن نعى أن هناك فرقا بين 25 يناير الفكرة التى خرج من أجلها المصريون للتخلص من مؤامرات وصراعات فكرة توريث الابن وفساد الحزب الوطنى الذى انتشر كالسرطان فى كل جنبات المجتمع والدولة وحتى السلطة التشريعية، و25 يناير التخريب الإخوانجى التى قفز عليها الإخوان فقادوها بحرق الأقسام وقتل المدنيين والضباط وأخرجوا المجرمين والقتلة والإرهابيين من السجون ووضعوهم بجوارهم فى السلطة فدنسوا الفكرة فأصبحت ذكرى ملوثة آفتها التخريب والانفلات الأمنى والفوضى، فلماذا قامت الثورة الشعبية الثانية فى 30 يونيو وخرج فيها الملايين أيضا ولم يخرجوا فى ذكرى 25 يناير؟.
لا أدعوكم إلى مشاهدة ومتابعة ردود أفعال وسائل الإعلام المحلية وتغطيتها للحدث الجلل وحتى أبرز نشطاء يناير ومنهم وائل غنيم، إنما أدعوكم لرؤية تلك الحقيقة فى ملايين المنشورات والتغريدات والهاشتاجات على مواقع التواصل الاجتماعى وأحاديث الناس فى المترو والميكروباص والمقاهى، فلا صوت يعلو فوق صوت الرثاء لمبارك والدعاء له بالرحمة والمغفرة وهى أيضا نفس الأماكن والمواقع والأشخاص التى نددت به واتهمته بإصدار قرار قتل المحتجين فى الميادين وسرقة المليارات حتى تبين لهم براءته قضائيا فى تلك القضايا وبعدما رأوا أيضا دم وإرهاب جماعة الإخوان الذى طال كل بيت فى مصر.. حقيقة إعلان وفاة 25 يناير إكلينيكيا برحيل مبارك أدركها الإخوان سريعاً بعد طوفان الرثاء الشعبى له فهرولوا إلى لجانهم لتدشين هاشتاجات للتذكير بجرائم ارتكبوها فى «25 يناير» ونسبوها له، فلم يغرد أو يكتب فيه أحد سواهم وكيف لا وهم من قفزوا عليها وعلى حسها ارتكبوا جرائمهم بحجة التطهير وتوغلوا فى أروقة مؤسسات الدولة، فلم يتبق شيء لهم بعد محاكمة قادتهم وأنصارهم وهروب من تبقى منهم لحضن الأغا إردوغان وأمير قطر، سوى العيش على أنقاض تلك الأحداث بحجة «اللى اتكسر يتصلح» وهو الوهم نفسه الذى عاشته الجماعة الإرهابية وأنصارها قبل وفاة محمد مرسى «مرسى راجع».
وما بين وفاة مبارك وسكرات 25 يناير التى لم يتبق منها سوى هاشتاج، ويوم عطلة رسمية بحكم الدستور والواقع الذى نعيشه، لابد أن نرفع القبعة للدولة المصرية بكافة أجهزتها ومؤسساتها التى لم تنصع لرغبات أو تخوفات من هنا أو هناك فى نعى مبارك أو إعلان حالة الحداد حزنا عليه وإقامة جنازة عسكرية له، بل انتصرت لدولة القانون ولحضارة سبعة آلاف سنة وأعراف وتقاليد الجيش والمجتمع المصرى، فكرمته كأحد أبطال حرب أكتوبر المجيدة فمن يقرأ نعى رئاسة الجمهورية والقوات المسلحة ببصيرة وليس ببصر أو عاطفة، يجده نعيا لأحد قادة حرب أكتوبر وابن من أبناء القوات المسلحة.