الانتهاكات الإسرائيلية لم تنتهِ.. 26 عامًا على مجزرة الحرم الإبراهيمي

صورة أرشيفية من الحادث
صورة أرشيفية من الحادث

من يزرع الأشواك لا يجني الورود.. وحين تذبل أوراق الأشجار لا بديل لخضارها سوى الغرس الطيب وأنهارًا من الماء العذب، لا أنهارًا من الدماء تُراق حاملةً لمن خلفها من الكراهية والضغينة ونيران الثأر التي لا تنطفئ إلا باستعادة الحقوق الضائعة.

هنا حين تختلط خيوط الماضي وأنسجة الحاضر، فحالٌ لا يتبدل، ويظل سرمديًا على ما هو عليه.. حكاية محتلٍ لم يكف بعد عن التنكيل بشعبٍ فلسطينيٍ أبيٍ، لا يزال يتوق للعيش الكريم بعيدًا عن سطوة الاحتلال والطغيان.

قبل 26 عامًا من الآن، عاش الفلسطينيون في مدينة الخليل على وقع مجزرةٍ، أًريد منها تدنيس الحرم الإبراهيمي الشريف، عبر متطرف يهوديٍ فتح نيران سلاحه صوب المصليين، فأردى منهم من القتلى ما أردى، مرتقين شهداء وهم راكعون.

إرهاب ممنهج

وفي الذكرى السادسة والعشرين للمجزرة البشعة، قالت وزارة الخارجية الفلسطينية، اليوم الثلاثاء 25 فبراير، إن الشعب الفلسطيني ضحية التخاذل الدولي، معتبرةً أن اكتفاء المجتمع الدولي ببيانات الإدانة لجرائم الاحتلال والدعوات الدولية الشكلية للتمسك بالسلام على أساس حل الدولتين، باتت تشجع سلطات الاحتلال على التمادي في ارتكاب المزيد من الخروقات الجسيمة للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.

وقال بيانٌ صادرٌ عن الخارجية الفلسطينية، "يُصادف اليوم ذكرى مجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف التي راح ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى على يد المتطرف الإرهابي القاتل جولدشتاين. ذكرى أليمة لمذبحة بشعة تتواصل سياقاتها السياسية بأشكال مختلفة وتداعياتها التهويدية الاستعمارية على الحرم الإبراهيمي الشريف، سواء من حيث التصعيد الحاصل والممنهج في استهداف الاحتلال للحرم الإبراهيمي وللبلدة القديمة في الخليل".

واستطردت قائلةً، "أما بالنسبة لما مثله المجرم جولدشتاين من إرهاب بشع فقد تحول إلى إرهاب دولة مُنظم ومُمَنهج تمارسه مؤسسات دولة الاحتلال الرسمية بشكلٍ علنيٍ وواضحٍ عبر عديد التشريعات والقوانين والتعليمات المباشرة لقتل الفلسطينيين والتعامل معهم كأهداف للرماية والتدريب، ومن خلال ما فرضه جولدشتاين وأمثاله من تنظيمات وميلشيات إرهابية ومسلحة تنتشر في طول وعرض الضفة الغربية المحتلة".

وقائع الأحداث

وترجع وقائع الأحداث إلى يوم الجمعة الخامس والعشرين من شهر فبراير عام 1994، والذي كان يوافق الخامس عشر من شهر رمضان المعظم، حينما نفذ المستوطن الإسرائيلي المتطرف باروخ جولدشتاين، المجزرة البشعة.

ودخل جولدشتاين إلى الحرم الإبراهيمي وأطلق النار على المصلين، مما أدى إلى استشهاد 29 مصليًا فلسطينيًا قضوا نحبهم داخل المسجد، إضافةً إلى أكثر من 150 جريحًا آنذاك.

وفي الوقت ذاته، ارتكب جنود الاحتلال الإسرائيلي المتواجدون في الحرم جريمةً شنعاء، وذلك بأن قاموا بإغلاق أبواب المسجد لمنع المصلين من الهرب، كما منعوا القادمين من خارج الحرم للوصول إلى ساحته لإنقاذ الجرحى،

وفي وقتٍ لاحقٍ من ذلك اليوم، استشهد آخرون برصاص جنود الاحتلال خارج المسجد وأثناء تشييع جنازات الشهداء ما رفع مجموعهم إلى 50 شهيدًا.

وقتها تصاعد التوتر في مدينة الخليل وقراها وكافة المدن الفلسطينية، وبلغ عدد الشهداء الذين سقطوا نتيجة المصادمات مع جنود الاحتلال إلى 60 شهيدًا ومئات الجرحى.

والمتطرف باروخ جولدشتاين، الذي كان يبلغ من العمر 42 عامًا وقت ارتكاب المذبحة، كان من مؤسسي حركة "كاخ" الدينية الصهيونية، وقد قدِم من الولايات المتحدة عام 1980، وسكن في مستوطنة "كريات أربع" المقامة على أراضي مدينة الخليل.

وإثر المجزرة، أغلقت قوات الاحتلال الحرم الإبراهيمي والبلدة القديمة لمدة ستة أشهر كاملة، بدعوى التحقيق في الجريمة، ووضعت الحراسات المشددة على الحرم وفرضت واقعًا احتلاليًا صعبا على حياة المواطنين في البلدة القديمة لمدينة الخليل، لتكو هذه إحدى حلقات الانتهاكات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، والتي لا تنتهي.