محمد البهنساوي يكتب: صناعة الأمل من يأس الإهمال إلى واقع الإنجاز

محمد البهنساوي
محمد البهنساوي

- برعاية ومتابعة رئاسية.. اجتماعات وقرارات في أسابيع تنهي «كوابيس» عقود

- تحركات «العناني» بددت مخاوف وشائعات ما بعد الدمج.. وهذه مفاجأته المدوية   

- «تكليفات الإفاقة» تنقذ هيئة التنشيط من الموت الإكلينيكي.. والعاملون يحلمون بالقرار المنتظر !!

- الكرة بملعب القطاع الخاص .. والصالح العام ليس فقط مصالحهم

 

 «بصراحة كنا زعلانين من سيادة الريس وكنا حاسين انه في بداية توليه الرئاسة مش مهتم بالسياحة ومش فاهمين ليه.. دلوقتي نعترف إن أحنا كنا غلطانين علشان مفهمناش فكر الريس المرتب والمخطط.. استنى يمهد الأرض ولما ده تم.. شوفنا دعم ومساندة مشفنهاش قبل كده».

 

لم أجد أفضل من هذه الكلمات لأحد المستثمرين للتعبير وبحق عما تشهده صناعة السياحة حاليًا من دعم غير مسبوق بتعليمات ومتابعة وتكليفات رئاسية مباشرة.. هذا الفخ وقع فيه الكثيرون معتقدين أن الدولة وكعادتها منذ عقود لا تولي اهتماما بالسياحة.. الصناعة الأهم في مصر والأقدر على إقالتها من عثرتها الاقتصادية.. وعند الاستفسار من أي مسئول عن ملف السياحة تكون الإجابة: «لسة وقتها جاي وبنجهزله.. وأي مجهود فيها هيضيع في الهوا».. وساد اعتقاد أن الدولة لا تريد سياحة أو في أحسن تقدير ليست في حساباتها ولا تفكيرها.. لكن ما يجري على الأرض حاليًا يؤكد أولًا: خطأ ما اعتقده الكثيرون عن إهمال صناعة الأمل، وثانيا: أن العمل يسير في هذا الملف بشكل ممنهج ومدروس، وثالثا: أن هناك إصرارا رئاسيا على أن تحظى مصر بالنصيب العادل الذي تستحقه من «كعكة» السياحة العالمية.

 

وحتى لا يكون الحديث مرسلاً بلا سند.. نسوق عدة حقائق تتم على أرض الواقع والتي تؤكد أن هناك رغبة في إطلاق العنان لصناعة الأمل.. وأنها على طريق الإصلاح الحقيقي.. بالطبع الطريق طويلا وليس سهلا.. لكن المهم أننا نسير فيه وبخطى ثابتة.. فإذا بدأنا بالاهتمام الرئاسي بملف السياحة.. نجد انه غير مسبوق.. فهاهو الرئيس السيسي يجتمع مرتين خلال أسابيع قليلة بوزير السياحة والآثار الدكتور خالد العناني.. الاجتماع الأول والذي استمر عدة ساعات تناول بحث ملف السياحة بأكمله وخطط الوزير للنهوض به بشكل مفصل.. ورغم أن الاجتماع الثاني الذي تم السبت الماضي كان مخصصًا لاستعراض الموقف التنفيذي لمشروع المتحف المصري الكبير الذي يخدم بالأساس صناعة السياحة.. إلا أن الرئيس أصر على استعراض ملف الاستثمار السياحي ومتابعة ما تم فيما كلف به الحكومة خلال الاجتماع السابق عليه من دعم وتسهيلات لصناعة السياحة.. وخلال الاجتماعين وجه الرئيس السيسي بضرورة تذليل أية عقبات تواجه الاستثمار السياحي .. هذا التوجيه هو ما تجني صناعة السياحة ثماره حاليا على كافة الأصعدة.. وهذين الاجتماعين لخصا مشوارا طويلا وقرارات كثيرة وخطوات عدة من دعم الرئيس للسياحة ومستثمريها منذ سنوات.

 

وهنا يجب أن نشير إلى الدور المهم للدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء.. وأعتقد أن كل رؤساء الوزراء خاصة بعد ثورة يناير حاولوا دعم صناعة السياحة لكن تلك المحاولات كانت تتوقف أمام عقبة تعقيدات مشاكل القطاع وتشابك أراء ومصالح وقرارات الوزارات والجهات المختلفة.. إلا أن رئيس الوزراء أصر على استكمال مشوار الدعم وحل المشاكل وتحطيم قيود أعاقت تلك الحلول لسنين وعقود.. وهناك تفاؤل كبير باستمرار هذا الطريق لرئيس الوزراء أملين بنهايته حتى ولو طالت حل مشاكل متراكمة لعقود.

 

نصل لدور وزير السياحة والآثار الدكتور خالد عناني.. وللحق أيضا فقد كان هناك تخوف كبير لدى القطاع السياحي بعد دمج وزارتي الآثار والسياحة وتولي العناني للحقيبة الجديدة المدمجة.. وأسباب التخوف وقتها سببين أساسيين.. الأول انتماء الوزير لقطاع الآثار وحفظه لهذا الملف عن ظهر قلب يؤدي لتواري الاهتمام بالسياحة.. والثاني وبوضوح ترديد أقاويل عن أن الدمج تم لتحقيق صالح الآثار كلية على حساب السياحة من زيادة رسوم مزارات وتحويل دخل وزارة السياحة «سابقا» وغرفها لخدمة مشروعات الآثار.. ناهيك عن عدم اهتمام متوقع بمشاكل القطاع السياحي وخدمة التطور الأثري على حساب النمو السياحي.

 

لكن وللحق فقد فاجئ الدكتور خالد العناني الجميع.. ليس فقط لاهتمامه بقطاع السياحة.. إنما بالإنجازات الكثيرة التي حققها في فترة قصيرة مرت على توليه الحقيبة «المدمجة».. وأبهر الجميع بأداء وتفاعل وقرارات تخيلها الكل بالقطاع بعيدة وشبه مستحيلة ليحيلها الرجل حقيقة واقعة.. والأمثلة كثيرة.. في مقدمتها توصيل صوت القطاع وعرضه جليا أمام الرئيس.. فقبل اجتماع بحث مشاكل القطاع أمام الرئيس.. لم يكابر الرجل في انه غير ملم بكل تلك المشاكل فعقد اجتماعا لمنتصف الليل قبل التوجه صباحا لمكتب الرئيس مع ممثلي القطاع الخاص وذاكر جيدا كافة المشاكل والحلول المنطقية لها.. وتحقق الكثير منها.

 

ثم كان قرار تشكيل المجموعة الاقتصادية السياحية بعد توليه الوزارة بأيام ووقتها أشدنا بالخطوة لكن ربطنا الإشادة بانعقاد اللجنة وتحقيق مطالب القطاع.. وبالفعل جاء رد الرجل عمليا.. الاجتماع الأول بعدها بأيام .. وقرارات كانت حلما من خيال السياحيين ولم يهوي بل نما وأثمر واقعا وقرارات ولا أروع.. منها توحيد جهات الترخيص.. تطبيق الشباك الواحد.. وقف الفرض المفاجئ للرسوم.. وعدم فرض رسوم إلا بالرجوع للجنة الوزارية الجديدة وموافقتها.. وأهل القطاع والمقربون منه يدركون معنى وقيمة تلك القرارات التي نادوا بها لعقود كما قلنا.. وبدأت تخفيضات بتذاكر الآثار بدلا من الزيادات المتوقعة.. وإطلاق بناء المتاحف بالتعاون مع القطاع الخاص.

 

ومن التحركات الرائعة لوزير السياحة والآثار القرارات بتعيينات وتوزيع أدوار جديدة بهيئة تنشيط السياحة.. وهى الهيئة التي لازالت تنتظر الكثير من الوزير لتحريك المياه الراكدة بها منذ سنين ولعل البداية بتلك القرارات التي فتحت شهية العاملين بالهيئة وأعطتهم أملا كانوا افتقدوه لمستقبل الهيئة.. والجميع وفي مقدمتهم الوزير يدرك القرار المنتظر لأبناء الهيئة وللقطاع السياحي بأثره لتصحيح أخطاء أطاحت ببوصلة الهيئة لتطلامها الأمواج بعيدا عن دورها الحقيقي وكأنها هيئة للسلع المعمرة وليست للترويج والتسويق والدعاية السياحية !! 

 

الحديث يطول ولنا فيه عودة لنساهم في الجهود التي تتحقق بالقطاع الاقتصادي الأهم بمصر .. لكن تبقي كلمة أخيرة للقطاع السياحي الخاص.. نعلم سعادتهم بما يتم.. لكن عليهم دور لا يقل أهمية.. بتغليب الصالح العام على المصالح الشخصية.. وتحقيق حلم وحدة صف القطاع.. والمهم أن يدركوا أن الصالح العام ليس مطلقا هو صالح القطاع فقط أو الاستجابة لكل ما يطالبون به .. بل ربما كان هذا الصالح العالم عكس ما يعتقدونه.. المهم أن هناك ضوء كبيرا في طريق النهوض بالسياحة عليهم زيادته وليس إخماده.