قصص وعبر| بـ«السلاح والنار».. حرق قلب أمه في ليلة دخلتها

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

اعتقد الشاب الصغير أن زواج أمه من رجل آخر بعد وفاة أبيه نوعا من العيب، والخروج عن المألوف، حيث تشكل العادات الاجتماعية بقصد أو غير قصد تحريم ما أحل الله تعالى، لكنه أخذ في توبيخها، وأن تفعل مثل بعض الأمهات اللاتي تفضلن عدم الزواج، والتفرغ لتربية أبنائهن.

 

بدأ اليأس يدب إلى قلبه، ويزعزع كيانه، أمام إصرار الأم على الزواج، تتدفق الدماء حارة في وجهه، وأصبحت نظراته جامدة تائهة، يشعر بالهزيمة والفشل في إقناعها وإثنائها عن فكرة الزواج، وعصف به قلق هائل جعله فريسة لأفكار سوداء تدق رأسه، ويتردد على مخيلته صورة أبيه الذي توفي، ولم يحسب حساب هذا اليوم.

 

انتفض من فوق مقعده، ولم يجد أمامه غير شقيق والدته الذي اعترض أيضا على زواجها، وجلس اثتنيهما يرسمان خطتهما بعقل هائم ومداد قاتم، بينما تجمع الأهل والأقارب للاحتفال بيوم الزفاف وسط الموسيقى الصاخبة، والأغاني الشعبية، وزغاريد النساء والفتيات اللاتي يستعرضن رقصاتهن على أنغام الموسيقى، والفرحة تبدو عارمة على وجوه البعض، بينما تعلو حمرة الخجل والكسوف، والهمز واللمز ردود أفعال آخرين، تسبقها نظرات الاستياء، والتعجب من تصرف الأم التي تزينت وجلست بجوار زوجها كعروس في ليلة زفافها.

 

فجأة بدون مقدمات، انطلقت الصرخات، وانتشر الهلع والفزع، بين المدعوين وتحولت الفرحة إلى ذعر وخوف، وتملكت الرعشة الأجساد، وأخذت الأم التي أصفر وجهها وأطلقت أيضا صرخات كادت أن تتمزق حنجرتها من شدة الرعب، حيث الشاب يتوسط الجميع ممسكا سلاحا ناريا (فرد خرطوش) تنطلق منه الرصاصات بطريقة عشوائية.

 

بينما يقف الخال يلوح بيده بسلاح أبيض (سيف) في وجه المدعوين، بينما تلطم الأم صدرها بيديها مشدوهة غير مصدقة، يحترق قلبها حزنا على تصرف شقيقها وابنها الشاب، تتسع عينيها ذهولا تتراجع للوراء في ذعر وزوجها الذي بدا أيضا كالمصعوق، وانحبس صوته في حلقه لم يعد قادرا على النطق، لحظات قاسية وكبيرة عاشها الجميع.

 

انتقل على الفور رجال مباحث قسم شرطة الساحل، وتمكنوا من القبض على الشاب وخاله، وبعين مغرورقة بالدموع ذكر في أقواله، بأنه أصبح عرضة للتريقة ومعايرة أصدقاءه له بعد علمهم بزواج أمه من آخر بعد وفاة أبيه، وعندما عرض عليها عدم رغبته وموافقته على زواجها رفضت، ونهرته بشدة، فما كان منه إلا أن اتفق مع خاله لنشر الذعر والهلع بين المدعوين في ليلة زفافها حيث اتفقت مع زوجها دون الالتفات لهما وعدم الاهتمام برغبتهما.

 

وبصوت مخنوق قال: «اتقبض عليا وهدخل السجن، وأمي هتتجوز برده»، ووجهت النيابة للابن الشاب تهمة حيازة سلاح ناري (خرطوش) وطلقات دون ترخيص، وحمل سلاح أبيض للخال وإرهاب وإثارة الذعر والهلع وترويع المدعوين في حفل زفاف والدة الشاب، وتقرر تجديد حبسهما ١٥ يوما على ذمة التحقيقات.