حوار| سفير تشاد بمصر: إنجازات السيسي في الاتحاد الأفريقي سيذكرها التاريخ

الأمين الدودو سفير تشاد بالقاهرة
الأمين الدودو سفير تشاد بالقاهرة

- رئاسة مصر عززت وجود القارة فى المحافل الدولية.. وساهمت فى مكافحة الإرهاب

- «طريق أفريقيا» يفتح أبواب النهضة لدول الاتحاد وأتمنى أن يتحقق

 


شهدت الأسابيع الماضية احتفاء من كبار المسئولين بالقارة، بالإنجازات التى حققتها مصر خلال رئاستها للاتحاد الأفريقى، لكن رأى الأمين الدودو سفير تشاد بالقاهرة يكتسب أهمية خاصة، لأنه يتسم بفكره المتميز، الذى يتجاوز حدود عمله الدبلوماسي، فهو أستاذ للقانون بجامعة أنجمينا، حصل على الدكتوراه فى «نظرية الرقابة السياسية على دستورية القوانين»، كما أنه عضو باللجنة التأسيسية لوضع دستور الجمهورية التشادية الرابعة، لهذا يكتسب تقييمه لعام الرئاسة المصرية طابعا أكاديميا، يعتمد على الحقائق وليس على المجاملات، فهو يرى أن تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى لرئاسة الاتحاد، لعب دورا كبيرا فى حضور الاتحاد الفاعل على المستوى الدولي، وجعل المواطن المصرى أكثر انتماء لقارته أكثر من أى وقت مضى.  حصل السفير على درجة الماجستير فى موضوع: «الشرعية الثورية فى مقاومة استبداد السلطة»، كما أن له كتابا مهما فى الإطار نفسه، لهذا تجاوز الحوار معه حدود العلاقات الثنائية، ليمتد إلى ثورات الربيع العربي، التى اعتمد تقييمه لها على منهج علمى بعيد عن المشاعر المؤيدة أوالرافضة.

 

< فى البداية ما تقييمك للفترة التى تولت فيها مصر رئاسة الاتحاد الأفريقي؟
المرحلة التى تولى فيها الرئيس السيسى رئاسة الاتحاد الأفريقى من المراحل المهمة فى تاريخ هذا الكيان، فقد بدأ الاتحاد كمنظمة ثم تحول إلى اتحاد قبل سنوات، وبعد ذلك ظل بين قيود الماضى وتطلعات الحاضر والمستقبل، ثم جاءت فترة رئاسة السيسى للاتحاد لتعزز التواصل الأفريقى البيني، ونقلت دور هذا الكيان إلى المحافل الدولية غير الأفريقية بقوة، بجانب أنها ساهمت فى تنشيط سبل مكافحة الإرهاب وإخماد النيران والاهتمام بالشباب، ومن جانب آخر أصبح المواطن المصرى أكثر انتماء للقارة مقارنة بالسنوات الماضية، ورغم قصر فترة الرئاسة إلا أنها مليئة بالايجابيات والنتائج التى سيذكرها التاريخ للرئيس السيسى.


< هناك قمم جمعت بين الدول الأفريقية واقتصاديات كبيرة مثل الصين والمانيا وفرنسا واليابان وروسيا والنمسا وبريطانيا فما أهم انعكاساتها على القارة السمراء؟
يكفى أن تظهر أفريقيا موحدة أمام العالم كله بعد أن تعرضت للاستعمار لسنوات طويلة ثم خاضت حروبا أهلية جعلتها مستنزفة حتى هذه الساعة، وخلال هذه القمم استطاعت دول القارة أن تثبت أنها تنهض وتكون اتحادا يرأسه رئيس دولة يمثلها فى المحافل الدولية على مستوى القارات، ويوصّل رسالتها ويجعل صوتها مسموعا، وكل هذا حدث بالفعل فى فترة الرئيس السيسى.


علاقات متميزة
< على المستوى الثنائى ما تقييمك للعلاقات الحالية بين مصر وتشاد؟

العلاقات بين الدولتين فى قمة تميزها، وهذا يرجع للإرادة السياسية التى تتجسد فى قيادة الدولتين، وهى إرادة قوية تؤمن بوحدة أفريقيا، وفى هذا الاطارتعتبر العلاقات التشادية المصرية نموذجا حيا لهذه الإرادة السياسية.


< طلبتم سابقا من الاتحاد الافريقى تخفيف إجراءات العبور بين المواطنين فى الأقطار الافريقية، وخفض رسوم التأشيرات والإقامة، فكيف ترى طبيعة هذه الاجراءات فى الوقت الحالى؟
لا شك أن تخفيف الصعوبات التى تواجه التنقلات البينية للشعوب، يحتاج لإجراءات تشريعية واتفاقيات ثنائية أوجماعية، ولم أقف على شئ ملموس فى هذا الاتجاه حتى الآن، وقد يوجد شئ من هذا القبيل فى بعض الأقطار الأفريقية، لكننا نريد أن تمتد العلاقة المتميزة بين مصر وتشاد إلى المستوى الأفقي،بتسهيل إجراءات العبور والتنقلات، بحيث تنتقل التأشيرة كإجراء يؤخذ فى السفارات إلى المطارات أوالمداخل، وذلك تمهيدا لإلغائها..لكنى أعتقد أنه ماتزال الاجراءات العملية لتحقيق ذلك على مستوى القارة غير فعالة.


< لكم رؤية حكيمة وهى أن العلاقات الدبلوماسية بين الدول ستظل حبيسة لولم تنفتح العلاقات بين الشعوب وتتوسع، فما رأيكم فى طبيعة العلاقة بين الشعبين المصرى والتشادى من ناحية والعلاقات بين شمال وجنوب القارة السمراء من جهة أخرى؟
كان يُفترض أن تكون العلاقات بين الشعبين المصرى والتشادى فى وضع أفضل مما هى عليه، لأننا إذا عدنا للتاريخ سنعرف أن بعض الدول كانت غير موجودة بأسمائها الحالية مثل تشاد أوالسودان، ولكن كانت تسمى الأمصار الإسلامية أى البلدان الإسلامية، ولم يتم تقسيمها قديما على أساس أنها دول، بل كان يجمع بينها مجموعة من العلاقات الحضارية وتاريخ ومعتقد ولغة واحدة مشتركة، بجانب مكون واحد هوالحضارة الاسلامية ذات الطابع العربي، وجاء الاستعمار ليجزئها فى إطار سياسي، ولكن الشعوب مازالت تحمل نفس الأحاسيس والمشاعر والانتماءات، وفى السنوات الأخيرة التى تولى فيها الرئيس عبد الفتاح السيسى أصبح الانفتاح تجاه أفريقيا لا يقتصر على مصر كدولة بل امتد للمواطن المصرى.. ويعد الانفتاح الحالى أفضل بكثير من نظيره فى الماضى.. لكن نتمنى أن يكون هناك تواصل بحجم أكبر واستثمارات فى مختلف المجالات.


< ما مدى تأثركم بالأزمة الليبية وأحداث السودان؟
نحن مجاورون لليبيا والسودان، ولا يوجد شك أن الكل يتأثر بجاره انطلاقا من البيت إلى الحى إلى القطر الوطني، نحن متأثرون جدا بما يجرى فى ليبيا والسودان، لأن لدينا روابط تجمعنا بهما على جميع المستويات، وما يجرى فى ليبيا أثّر علينا تأثيرا سلبيا شديدا على البعد الأمنى والاقتصادى والاجتماعي، لأن لنا علاقات مصاهرة وصلة رحم على مستوى كبير ، لكن ما يجرى فيها هوشأن داخلى ولن نتدخل فى أى شأن داخلي، ونسأل الله أن تعود ليبيا الى حالتها من الأمن والاستقرار لأن دورها السياسى فى المنطقة كان عظيما، وفاعلا فى السياسة الاقليمية والدولية.. وبالنسبة للسودان رغم أن احداثها لا تزال تحت السيطرة، فإننا نتأثر بما يجرى فيه أيضا بالايجاب والسلب طبقا للاحداث.


أزمة ليبيا
< مصر تدعو لتسوية الأزمة فى ليبيا بدعم المؤسسات الوطنية والحفاظ على الدولة ومواجهة الإرهاب هل تتبنى تشاد الموقف نفسه؟

نرى أن ما تقوم به مصر من دعم للمؤسسات الوطنية فى ليبيا يعد واجبا أخويا ، منذ أيام الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، ودعمه حركات التحرر العربى والأفريقي، فدور مصر ليس سلبيا، إنها الأخت الكبرى للدول، ولها ان تتدخل بالحكمة سواء كان بالمشورة أوبالضغط على الطاغى، فلها الحق أن تلعب دورا، خاصة أن دورها فى المنطقة وخاصة فى الدول العربية مهم وحيوي، وبالتالى محاولتها انقاذ الشعب الليبى تعد امرا إيجابيا، وفى ابريل الماضى دعا الرئيس السيسى الرئيس التشادى ادريس ديبى إتنو للتحاور حول تعزيز الأمن بالمنطقة وإخماد الفتن والإرهاب، وفى ديسمبر الماضى حضر رئيسنا منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة للتناقش والتباحث حول قضايا أمن المنطقة وتحريك عجلة التنمية المستدامة ، وهذا يؤكد أن العلاقة والرؤية السياسية بين الرئيسين قوية جدا ولهما رؤية موحدة.


< كيف تواجهون نشاط الجماعات التكفيرية التى يمكن أن تكون مصدر خطر؟
نواجهها بالحزم، لأننا تضررنا من الارهاب مثلما تضررت القارة الأفريقية. الجماعات التكفيرية غير موجودة فى تشاد لكنها موجودة فى دول مجاورة لنا مثل بوكوحرام فى نيجيريا وقد تأذينا منها،والقوات التشادية المسلحة دكت معاقل وأوكار هذا الداء.


محاربة الإرهاب
< تمت دعوتكم للقمة الاستثنائية للايكواس من أجل مناقشة القرار الذى اتخذه التجمع بتخصيص مليار دولار لمحاربة الإرهاب.. ما آليات تنفيذ القرار من وجهة نظرك؟

اعتقد أن المليار دولار مبلغ زهيد، لأن الإرهاب ظاهرة عانت منها دول كبيرة وعظمى ولها أذرع قوية، وكذلك دول أضعف، وبلداننا أيضا عانت منه، لذا فإن الإرهاب عابر للحدود والقارات والثقافات والديانات، هذا الداء يجب محاربته على مستوى المجتمع الدولي، ليس برصد مبالغ ضئيلة مثل المليار دولار، لأنه شئ خطير وممتد.. اما بالنسبة للآليات فإذا توافرت الإمكانات التى يمكن محاربة الارهاب بها ستوضع الخطط التى تشكل الآلية العملية لمكافحته.


< فى كتابك «الشرعية الثورية» ذكرت أن الايدولوجية كانت المحرك للعديد من الثورات عبر التاريخ، فهل ترى أن الأمر ينطبق على ثروات الربيع العربي؟ أم تؤيد بعض الباحثين الذين يرون أن الحراك فى الشوارع العربية افتقد فى بعض الأحيان إلى الرؤية الأيدولوجية؟
الأيدولوجيا كمصدر للحركات الثورية كلام صحيح. لكن موجة الربيع العربى لا ينطبق عليها هذا، لأن هناك فهما مغلوطا، فليست كل حركة أوانقلاب أوتمرد يعد ثورة، فالثورة فكر وتغيير ، ويجب أن تتوافر رؤية متكاملة تطرح طرحا بديلا يشمل مجموعة من المفاهيم البديلة، التى تطمح لاستبدال الموجود بما هوأفضل، لكن ما حدث فى الربيع العربى شرارة انطلقت من أن الواقع المعيشى فى الشقيقة تونس كان مرا، وما فعله الشعب التونسى هو رد فعل للواقع، ورد الفعل أوالحركة ليس ترجمه لفكر موجود، لذا فهى ليست ثورة، فالثورة لابد ان تتبنى رؤية ثورية تغييرية واضحة إبدالية لما هو موجود، وهذا التغيير لابد أن يتم وفق منظومة فكرية متكاملة جديدة تغاير فى المعنى والمنهج ما كان موجودا وسائدا.. أما عندما لا تكون الرؤية الثورية موجودة ، فيكون أى حراك مجرد تعبير عن الرفض مع عدم وجود بديل، لذا فالربيع العربى هورد فعل لا يحمل معه الفكر الثورى للتغيير، لذا فلا يُعتبر ثورة.


< تشهد مصر وتشاد تطورا واضحا لدمج وتمكين المرأة فى المجتمع، هل هناك وجه شبه بين التجربتين؟
أشعر أن هناك تقاربا سياسيا وأيدولوجيا بين الرئيسين، فقد وافق الرئيس إدريس فى دستور الجمهورية الرابعة الذى تم إقراره فى ابريل 2018 على مطالبات المجتمع التشادي، بأن يكون للمرأة كوتة فى المناصب والمؤسسات والأعمال ومختلف الكيانات الوطنية بنسبة 35%، ووعد بأن تظل اللجنة الدستورية مستمرة لمراجعة الدستور كل سنتين، ومن المتوقع أن يصل نصيب المرأة خلال الخمس سنوات القادمة إلى 50%.. وعندما جئت إلى مصر وجدتُ الفكرة نفسها مطروحة، وحصدت المرأة المصرية خلال فترة رئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسى العديد من الحقوق، بدخول مختلف المواقع والمناصب.


< زيارة حملة «١٠٠ مليون صحة» الى أنجمينا لها دلالات عديدة فكيف رصدها الشعب التشادى؟
استقبل الشعب التشادى الحملة بكل ترحاب وارتياح وامتنان لمصر الحبيبة، فقد أطلق الرئيس السيسى هذه المبادرة لخدمة الإنسان الأفريقي، ونتمنى ولنا الحق أن نطالب لما لدينا من صلة رحم وحق جوار مع مصر، أن يتم تفعيل هذه الحملة فى مجال التطعيم ضد الالتهاب الكبدى الوبائى وإيفاد الأطباء الماهرين لعلاج المرضى التشاديين، لأننا بحاجة إلى مصر فى مجالات كثيرة، وخاصة فى مجال العلاج.


< ما أهم مشروع تتمنى أن تراه فى القارة؟
أتمنى أن أرى طريق أفريقيا الذى أطلق فكرته الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذى يربط مصر وليبيا والسودان وتشاد إلى الكاميرون، أنا أعتبره شارع نهضة أفريقيا، إذا تحقق سوف يساهم فى انسياب البضائع، ويعم الرخاء والتقدم وينتقل الناس من فكرة البحث عن اساسيات الحياة الى الرفاهية المعيشية.