مع احترامى

دواء بدون مادة فعالة

فرج أبوالعز
فرج أبوالعز

يؤسفنى ويحز فى نفسى أن أتحدث عن انعدام أو قلة المادة الفعالة عن الحد المطلوب لعلاج ناجع فى عدد لابأس به من الأدوية المصرية. ومصدر أسفى أننى أعلم تماما أهمية الحفاظ على سمعة الدواء المصرى فى سوق التصدير والذى يحقق عائدا لا بأس به من إيرادتنا بالنقد الأجنبى لكن ما يحدث فى سوق الدواء أصبح يفوق كل الحدود.
سمعت بالصدفة من مواطن أنه يشترى دواء للأطفال مهربا من دول مجاورة بسعر 100 جنيه للعبوة الواحدة بينما يباع مثله المحلى فى السوق بأقل من عشرة جنيهات.. أبديت استغرابى له وقلت: ما دام هناك بديل محلى بسعر رخيص لماذا تلجأ إذن لبديل مهرب بسعر يفوق المحلى بعشرة أضعاف.. فرد بثقة: المادة الفعالة المهرب مادته الفعالة 100 فى الـ 100 بينما المحلى لا يفعل شيئا.. وقبل أن أرد مدافعا عن الدواء المصرى وضرورة استخدام المنتج المحلى أخرسنى كثير ممن سمعوا حديث الرجل بالتأكيد على أن المادة الفعالة للدواء المهرب «ملهاش حل» على حد تعبيرهم.
قد يقول سائل لابد وأن مصانع الدواء عندنا تتحسب لأسواق التصدير بتصدير منتج كامل المادة الفعالة أى ينافس البديل الذى يتم تهريبه وهذا فى اعتقادى عذر أقبح من الذنب ومصيبة لا يمكن السكوت عنها ويجب مناقشتها فجميع دول العالم المتقدم والنامى تحرص على أن تكون سلع الاستهلاك المحلى أفضل بمراحل عما يتم تصديره أو على الأقل مساويا له فى الجودة والفاعلية وقد لاحظت فى زيارة لى للولايات المتحدة الأمريكية أنهم يحرصون على كتابة عبارة: هذا المنتج للاستهلاك فى الأسواق الأمريكية فقط. بما يعنى أن جودته لا تضاهى ومطبق عليه أقصى معايير الجودة.. وهذا ما يجب أن نطبقه لدينا وبكل دقة وصرامة فالمواطن كما يقول كتاب السياسة أول اهتمامات أى حكومة بغض النظر عن لونها أو توجهاتها وهو غاية أى تنمية كانت.
بالتأكيد أن غياب المادة الفاعلة أو قلة نسبتها فى الدواء المصرى لايسرى على جميع الأدوية ولا يمكن أن نطلق عليه ظاهرة لكنه موجود بدليل الواقع العملى فحتى تجد دواء الآن لابد وأن تتجول على عشر صيدليات على الأقل فهناك نقص فى أدوية حيوية وللأسف معظم النواقص فى الأدوية رخيصة الثمن بما يعنى أن هناك غرضا فى نفس يعقوب.
على الحكومة أن تتحلى بالشجاعة فى حدوتة تسعير الأدوية حفاظا على صحة المواطن أولا وحفاظا على سمعة الدواء المصرى فى الخارج ثانيا وعليها أن تعيد تسعير الأدوية بما يغطى تكلفتها على المنتج والموزع على أن تصل للمواطن بسعر عادل ومناسب بدلا من تقليل المادة الفعالة للحفاظ على السعر الرخيص دون فعالية فخسائر هذا الفكر تفوق بكثير تحريك سعر الدواء بما يحافظ على جودته وفعاليته.
أناشد مجلس النواب الموقر ولجنة الصحة بالبرلمان بما تحتويه من كفاءات وخبرات أن تضع قضية فعالية الدواء المصرى المستهلك محليا محل اهتمامها فهى قضية لا تحتمل التأجيل أو التسويف كونها تتعلق بصحة المواطن كما تشجع فى الوقت نفسه سوق التهريب للبحث عن بديل فعال.
هناك قانون جديد أقره البرلمان فى يوليو الماضى لتنظيم جهات الدواء والمستلزمات والمستحضرات والأجهزة الطبية وهيئة الدواء المصرية وضمن أبرز مهام الهيئة الرقابة على المادة الفعالة فى الدواء إذن لا تنقصنا القوانين لكن ينقصنا الفعالية فى التطبيق.

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي