إمبراطورية «السايس» تسيطر على الشوارع.. متى نتوقف عن دفع «الإتاوة»؟

إمبراطورية «السايس» تسيطر على الشوارع.. متى نتوقف عن دفع «الإتاوة»؟
إمبراطورية «السايس» تسيطر على الشوارع.. متى نتوقف عن دفع «الإتاوة»؟

- مافيا «السايس» تقسم الشوارع فيما بينها بالمتر.. و«الإتاوة» تختلف حسب المنطقة

- البرلمان يحيل قانون «السايس» لمجلس الدولة.. وهذه أهم بنوده وشروط العمل

- خبراء أمن: تعدي على حق المواطن.. واستجابة أقسام الشرطة للشكاوى «ضرورة»

 

أينما اتجهت بسيارتك في شوارع مصر المحروسة، يصادفك «السايس».. ترمقه بعينيك شخصا يبدو «بلطجيا»، أحيانًا مرتديا قميص رجال المرور، ينظر حوله ليرى قائدي المركبات الراغبين في ركن سياراتهم؛ فيبادر بفرض الإتاوة عليهم نظير وقوفهم في جراجات عشوائية كونها وأقرانه أسفل الكباري وجنبات الشوارع منذ فترة طويلة، يتحصل من 10 جنيهات حتى 50 جنيهًا على السيارة حسب المنطقة، وإذا رفضت يهددك بكسر زجاجها أو سرقة إطاراتها بعد تركها.

فوضى كبيرة شكلها مافيا الشوارع من «السُياس» فكونوا إمبراطورية تتحكم في قائدي السيارات، منتفعين من شوارعنا، ويجنون منها مبالغ طائلة دون حق في غياب تام من أجهزة الإدارة المحلية.

مؤخرًا؛ انتبهت الدولة لذلك السرطان الذي يسري في شوارعنا، فقررت سن قانونا ينظم أماكن وساحات انتظار السيارات في الشوارع، ووافق البرلمان على غالبية مواده، وقرر إحالته لمجلس الدولة لمراجعته.

«بوابة أخبار اليوم» أجرت جولة في شوارع القاهرة لرصد مخالفات «السايس» وكيفية سيطرته على الشوارع، كما نستعرض المحطات التي وصل لها القانون وأهم ملامحه، فضلاً عن آراء الخبراء حول تلك الظاهرة التي تفشت في شوارعنا.

بلطجة «السايس»    

هنا في منطقة بولاق، وأسفل كوبري 6 أكتوبر اصطفت السيارات أسفل الكوبري يتابعها مجموعة من «السياس» يقسمون كل بضعة أمتار أسفل الكوبري فيما بينهم، ويحصّلون 20 جنيهًا نظير ركن السيارة الواحدة.

أما في منطقة وسط البلد الشهيرة بازدحامها فقد تكدست السيارات في الشوارع على جانبي الطريق، وانشغل «السايس» في ركنها وتحصيل «الإتاوة» اللازمة عنها.

وفي منطقة الإسعاف، رفض أحد السائقين دفع الإتاوة لـ«السايس» فهدده الأخير بكسر زجاج ومرايات السيارة، ما اضطر السائق للدفع له.

أما في المناطق الراقية مثل مصر الجديدة ومدينة نصر، فترتفع «الإتاوة» لـ30 و50 جنيها نظير ركن السيارة في الجراجات العشوائية.

ملامح قانون ساحات انتظار السيارات

وتضمنت مواد قانون تنظيم أماكن وساحات انتظار السيارات في الشارع، النص على إنشاء لجنة لإدارة وتنظيم أماكن وساحات انتظار السيارات بكل محافظة برئاسة المحافظ المختص، وعضوية كل من: "نائب مدير الأمن، ورئيس إدارة المرور، وممثل عن البحث الجنائي، وممثل عن الأمن الوطني، ومدير الشؤون القانونية، ومدير إدارة الحسابات بالمحافظة".

وتختص اللجنة بإصدار القرارات واللوائح المنظمة للعمل، وتحديد المناطق التي تصلح للانتظار دون إعاقة حركة المرور، وتحديد عدد ساعات العمل ونهايتها، وتحديد القيمة المراد تحصيلها من طالب الخدمة وإصدار دفتر تحصيل بالقيمة المحددة، وتحديد مهام الأفراد المكلفين بالعمل، ووضع لائحة الجزاءات وإخطار الشركات المرخص لها بتطبيقها على الأفراد التابعين لها.

ويشترط أن يكون السايس مصريًا، لا يقل سنه عن 21 عامًا، مجيدًا للقراءة والكتابة، أدى الخدمة العسكرية أو أعُفي منها، حاصل على رخصة قيادة، حسن السير والسلوك وفقًا لصحيفة الحالة الجنائية، وألا يكون حكم عليه بعقوبة جناية أو في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة أو المخدرات أو التعدي على النفس، ما لم يكن قد رد إليه اعتباره، والحصول على شهادة صحية من الطب الشرعي أو المعامل المركزية بوزارة الصحة تفيد خلوه من تعاطي المواد المخدرة. 

ويحصل السايس على ترخيص من المحافظة محدد به المهام المكلف بها، ويعاقب كل من يمارس مهنة السايس بدون ترخيص بالحبس مدة لا تزيد عن 3 أشهر وبغرامة لا تقل عن 500 جنيه، ولا تزيد على ألف جنيه، وفي حالة العودة تضاعف العقوبة.

ويكون تحصيل ثمن الخدمة «الركنة» بموجب إيصال محدد القيمة، ويوزع على المناطق المحددة كمواقف للسيارات، وتعلن اللجنة مزايدة علنية لشركات الأمن والحراسة والخدمات المرخص لها بمزاولة المهنة؛ لإنهاء مهنة السايس العشوائية.

وتتولى الشركات الفائزة بالمزايدة إدارة مواقف السيارات، وتلتزم بما جاء في شروط المزايدة، وتدبير العدد اللازم للأفراد، وإلحاق العاملين في دورات تدريب مؤهلة للعمل.

وعلى الشركة تدبير زي للعاملين، وفقًا للمواصفات المحددة من اللجنة، وتعمل على حسن أداء العمل بصورةٍ مرضية، والالتزام باللوائح والجزاءات الموقعة على الأفراد من جهات الإشراف، وفق نظام العمل والجزاءات.

وحسب المادة (8) من مشروع القانون، يجوز للجنة المختصة في حال تحصيل المرخص له مبالغ مالية من قائدي المركبات تجاوز القيمة المحددة بمعرفة اللجنة، إلغاء الرخصة بقرار مسبب.

وتقدم طلبات استخراج الرخصة للجنة التى تتولى فحصها ومنحها وفقًا للإجراءات التى تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون.

وتكون الرخصة لمدة 3 سنوات قابلة للتجديد ويجب على المرخص له تقديم طلب التجديد خلال الشهر الأخير من مدة الترخيص.

ويصدر قرار من المحافظ أو رئيس جهاز المدينة بحسب الأحوال بتحديد رسم استخراج الرخصة بما لا يجاوز ألفي جنيه.

مصير القانون

أحال مجلس النواب برئاسة الدكتور علي عبد العال، إلى مجلس الدولة مشروع القانون، وذلك لمراجعته، حيث لم يسبق عرضه عليه، وذلك بعد موافقة البرلمان على مجموع نصوصه.

ويستهدف المشروع بقانون تحديد القواعد والإجراءات اللازمة لاستغلال الشوارع العامة بشكل منظم وحضاري لائق، لمنع الانتظار العشوائي على جانبي الطرق والوقوف المزدوج الذي يؤدي إلى ازدحام واختناق مروري.

جراجات غير مرخصة

من جانبه، يقول اللواء محمد نور الدين، الخبير الأمني ومساعد وزير الداخلية الأسبق، إن الجراجات غير المرخصة التي يستحوذ عليها «السايس» ويمارس البلطجة على أصحاب السيارات ويجبرهم على دفع «الإتاوة» تتم على مرأى ومسمع من المسئولين بالمحافظات والمحليات دون محاولة منعها، مؤكدًا أنها أصبحت سرطانا ينتشر بشكل مبالغ فيه في كافة شرايين المحروسة بشوارعها وميادينها.

وشدد على ضرورة وضع حلول واقعية وتفعيل القوانين لردع الخارجين عن القانون الذين يقومون بالبلطجة، مؤكدًا ضرورة وضع بدائل للمواطنين الذين يسعون دائما للبحث عن أماكن آمنة لترك سياراتهم.

وأشار إلى أهمية ترخيص تلك الجراجات لجمع الضرائب منهم، وتنبيه أقسام الشرطة باستقبال ومتابعة أي شكوى مقدمة من أي مواطن ضد هؤلاء البلطجية، خاصة في أيام الأعياد والعطلات الرسمية والمناسبات نظرًا لاستغلالهم المواطنين برفع ثمن الإتاوة.

وأوضح أن المناطق الأثرية والسياحية لها شرطة خاصة بها، والتي عليها منع الاستغلال غير الشرعي للجراجات الخاصة في تلك المناطق حفاظًا على تلك المناطق ولعدم إزعاج السياح.

دور الأمن

أما اللواء ممدوح عبد السلام، الخبير الأمني ومساعد وزير الداخلية السابق، فيقول إن معالجة هذه المشكلة تكمن من خلال عمل ممنهج لترخيص تلك الجراجات عن طريق المحليات لمنع مشكلة البلطجة والعمل بشكل غير قانوني، وفي نفس الوقت ضمان وظيفة تضمن لهم عيشة كريمة دون اللجوء للبلطجة، والبحث عن طرق غير شرعية لكسب العيش وتوفير متطلبات المعيشة.

وأضاف أن مسئولية الأمن تبدأ عندما يخالف أحدهم القانون بالرغم من توفير المحليات للتراخيص، فهذه الظاهرة قائمة واضحة تعيق حق المواطن في الشارع لذا يجب ردعها ومباشرة الإشراف عليها لتجنب عواقبها، فهي أصبحت تمثل قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة، فقد ينتج عنها تنشئة أجيال جديدة من البلطجية ينتمون لهذه المنظومة وتتوارث المهنة وهو ما يجعلها عائقا كبيرا أمام المظهر الحضاري والجمالي للمناطق المختلفة.