الخروج عن الصمت

كلنا مذنبون

محمد عبد الواحد
محمد عبد الواحد

توقفت كثيرا أمام الجدل الثائر على مواقع التواصل الاجتماعى بين المتعاطفين مع الطيار أشرف أبو اليسر والمؤيدين للعقاب الذى وقع عليه لأنه أخطأ أثناء عمله ولابد من وقوع الجزاء عليه، وهنا أرى أننا جميعا مذنبون لأننا أخطأنا فى حق أنفسنا لأننا لا ندرك التميز بين الغث والثمين.
نحن شعب هوائى المزاج يتعاطف بسرعة الريح مع أى شيء يأتى موافقا لهواه ويذهب فى ذلك مثنيا على الشيء بقصائد المدح ووضعه فوق تلال الجبال وإذا خالف هواه ذهب به إلى مهب الريح وأنزله إلى أسفل السافلين، وإذا كنا كبشر نلعب هذه اللعبة مع من نحب ومن نكره، فما بالكم بآلة إعلامية بابها التنوير ومنافذها النور للبشر ورغم ذلك تصنع ما يصنعه عامة الشعب، فإذا بها تنهال بالمدح والثناء على اللاعب إذا أحرز هدفا فى شباك خصمه فتجد العناوين تتصدر صفحاتها باعلان مولد نجم هز الشباك وقهر الأسود، ولم تكن الآلة تميل إلى ذلك فى الكرة بل تنتقل عدواها إلى أهل الفن والطرب فهى أيضا ومع أهل الفن خليفة الفنان أحمد زكى نجم الأعمال الرمضانية، والكروان يمشى على درب العندليب، وتجد القنوات الفضائية تتسابق فيما بينها لاستضافة هؤلاء وتجدها كأنها عدوى تنتقل من مكان لآخر، فلا هى ولا نحن ننتظر حتى تصقل الموهبة وتضع قدمها على الطريق الصحيح فى صفوف أهل الخبرة، حتى نتبارى جميعاً بالمدح والثناء بل الأمر من ذلك الذهاب إلى ما يرضى غرور الفنان بمحاولة التقاط الصور حتى لو كلفنا ذلك فقدان الحياة، وآه آه لو أخذته العزة بالإثم وامتنع عن تحقيق طلبك فربما تصاب بارتفاع فى ضغط الدم أو جلطة تودى بحياتك لأنه أهان كبرياءك، لذلك أرى أن الطيار قد أذنب فى حق نفسه لأنه تنازل عن مكانته كقائد يتحكم فى مركبته التى يخترق بها الهواء ليصل بركابه إلى بر الأمان من أجل نزوة فى صورة تجمعه بفنان، وإذا كنت أرى أن الطيار أخطأ فاننى أرى بمنعه من ركوب الهواء نهائيا قضاء على مستقبله ومستقبل أسرته. فنحن بالعقاب نمنع زلات الخطأ. لذلك أرى أن المغالاة فى العقاب ضياع لأسرة كانت تشعر بعز وأمان وأصبحت اليوم عرضة لأن تجرفها الرياح، كما أن المغالاة فى مدح أهل الفن يجعلنا نعيش فى حالة من الإسفاف نشعر فيها بالغربة لأنها صنعت العزلة بيننا وبين كل جميل، وهى إن كانت ظهرت على السطح بسرعة كفقاقيع الهواء فقد تنتهى أيضا بسرعه لأنها بنيت من غير أساس.