حوار| د.عبد المنعم فؤاد رداً على خالد منتصر: العلمانيون يريدوننا أن نرحب بالغزاة لأنهم متقدمون

 د.عبد المنعم فؤاد مع محرر بوابة اخبار اليوم
د.عبد المنعم فؤاد مع محرر بوابة اخبار اليوم


- القضية ليست قضية فكر ولكنها ثأر من الأزهر ..وأتعجب ممن يستشهد بإله كائن فضائى فى فيلم هندى ويرفض البخارى

- رأينا أمماً تبحث عن تراث غيرها وتنسبه لنفسها..ونحن نتفــــــــــرد بمحاولات دفن تراثنا بأيدينا

- سيدنا عمر لم يمنع الزكاة.. واختلاف العشرة المبشرين بالجنة دليل على عدم قدسيتهم



يريدون دينا جديدا بتصور معين وشكل معين، تديناً ليس فيه البخارى ومسلم، تديناً فيه آيات القرآن تصلح بالمعنى وليس باللفظ، تديناً يتهم الصحابة، بأنهم كانوا يتقاتلون وأنهم رجال دم، ويشكك فى الفقهاء وأن الأزهر يخرج إرهابيين ومتطرفين وفيه خلايا نائمة وخلايا متيقظة.. هو مشروع يؤدى إلى إرباك فكر الشباب إذا رأى الشاب أنه لا حقيقة مطلقة، ماذا يفعل؟ يوجه هذا المشروع شبابنا لأن يتركوا الرموز الدينية وحتى الوطنية كصلاح الدين وأحمد عرابى و مصطفى كامل.. هم يريدون إرباك الشباب ويتركونهم فى حيرة.. هم يريدون إفراغ الدين من مضمونه وثوابته ليضعوا الشباب على نقطة الحيرة وبعد ذلك ما البديل؟ بهذه الكلمات أجابنى الدكتور عبد المنعم فؤاد، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر والمشرف على الرواق الأزهرى والعميد السابق لكلية الدراسات الإسلامية، للطلاب الوافدين بالأزهر عندما عبرت عن رغبتى فى أن يرد على حوار أحد رموز العلمانية د. خالد منتصر المنشور فى جريدة «الأخبار»، مؤكدا أنه لن يرد على أشخاص ولكن يرد على أفكار، وليكن الحوار عن أفكار المدرسة العلمانية بصفة عامة، ولكننى دعوته لقراءة الحوار، وبعد ساعة هاتفنى فأثنى على المحاور وقال ما فعله الزميل حازم بدر هو خير رد فقد أظهر ارتباك المدرسة وتخبطها ومناقضتها لنفسها، وإن أردت مزيدا من التوضيح فليكن لقاؤنا فى الغد.

< وفى الموعد المحدد ابتدرته بالإجابة عن سؤاله عن البديل بعد التشكيك فى كل الثوابت هو إعمال العقل والعلم كما يرى أصحاب المدرسة العلمانية، ليتساءل: أى عقل هذا الذى يعتصمون به عقله هو الذى يرفض البخارى ام عقل المدرسة العلمانيه ام آخرون؟ أنا أسألهم ما هو مشروعكم العقلى أو العلمى وما الذى قدمتموه، لماذا لم تستخدموا عقولكم وتتقدموا بدلا من اتهام الدين لماذا لم تقولوا للمتخصصين اصنعوا لنا إطار سيارة كما قال فضيلة الإمام الاكبر شيخ الازهر ؟
هم يقولون إنكم تقدسون التراث للحفاظ على البيزنس وليس على الدين
من الذى يقدس التراث، نحن لا نقدس التراث وإنما نأخذ منه ما يفيد ونبين الغث من السمين، ما من أمة ألا ولها تراث، الأمم التى ليس لها تراث تبحث عن تراث، أمريكا التى لها مائتا عام وإسرائيل التى عمرها لا يقاس تبحث بأى وسيلة عن تراث والمشروع الصهيونى قائم على محاولة إثبات وجود.
مطلب مشروع
< أليس تنقية التراث مطلبا مشروعا؟
- لا يختلف أحد على ذلك..لكن المشكلة أنهم يريدون دفن كل التراث ونقول لهم مع إمامنا الأكبر ابحثوا عن شيء غير التراث، المشكلة فى الذين لا يستطيعون استيعابه وفهمه، أكرر كلامي: التراث فيه الخير والشر والغث والسمين، لم يأمرنا الإسلام أن نقدس التراث وإنما نعتبر به ونأخذ منه ما ينفعنا بدلا من طرده ودفنه، أن نستفيد منه كما استفاد منه الآخرون فى الطب، وقد رأينا كتاب «الشفاء» لابن سينا يدرس فى كبريات كليات الطب، وكذلك مؤلفات علماء المسلمين فى الفلك وحساب المثلثات والطيران، أليس أول من فكر فى الطيران هو عالمنا المسلم عباس ابن فرناس، المشكلة لدينا فى عدم الاستيعاب من مهاجمى التراث والذى يتحدث فى غير فنه يأتى بالعجائب.
< ماذا عن البخارى وما يتضمنه من أحاديث تخالف العقل وتخصم من الرصيد الإسلامى على حد قولهم؟
- يا ليت من يتكلمون عن البخارى يملكون أدوات علم الحديث، وهو العلم الذى له قواعده المتينة ورجاله الذين أفنوا الأعمار للتثبت من حديث رسول الله القائل: «من كذب عليَّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار».. البخارى هو الذى نقى نفسه بنفسه وتتبع الأحاديث وتتبع السند دون أن يكون لديه كمبيوتر، بل هو الذى أكد المنهج التجريبي، حيث تأكد من الذى نطق بالحديث، لم يكن تسجيل الحديث فى صحيحه تسجيلا عشوائيا، ولكن بمنهج علمى دقيق، وشهد له الذين يعرفون المناهج العلمية من الشرق ومن الغرب، فكبار المستشرقين يشهدون بدقة منهج الإمام البخاري، فهل الذى يتكلم يمتلك المنهج الذى عند البخاري؟
< لم الإصرار على أحاديث منافية للعقل؟
- يجيب بنبرة غاضبة متسائلا:أى عقل.. عقله هو الذى يرفض البخاري، صاحب أدق منهج علمى ويستشهد بفيلم هندى وإله كائن فضائى فى الفيلم، وهذه من الغرائب، ويرفض الخوف من الإله، مسألة الخوف من الله تعالى ومن النار مسألة إيمانية، تؤكد صدق الإيمان ولم يقلها الأزاهرة وإنما قالها الرحمن جل جلاله حيث قال: «ولمن خاف مقام ربه جنتان»، وقال عز وجل مادحا المتقين: «تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا»، فالخوف من الله ليس خوف ترهيب ولا فزع وإنما الخوف الذى يؤمن صاحبه يوم القيامة، لكن على العكس فالإله الذى يريده أصحاب المدرسة العلمانية إله ليس له هذا المقام بنص القائل المستشهد بالفيلم الهندي. نحن نستشهد بالقرآن لا بأفلام هندية، ولابد من احترام العقول، أما الخوف من النار، فالله هو القائل: «يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم»، هذا هو ديننا الذى يعلمنا مقام الخوف الذى يؤدى إلى الأمن فى الآخرة وليس خوف الفزع، فأصحاب المدرسة العلمانية يريدون إسلاما جديدا فى علب بلاستيك من باريس لا يحمل خوفا ولا ترهيبا، وهذا لا نعرفه وإنما يعرفه أصحاب الأفلام الهندية والمدرسة العلمانية التى سقطت عنها جميع الأوراق وظهرت معراة من كل ما يسترها وتأكد للجميع تهافت منطقها وتضارب أقوالها، وأن القضية لديهم ليست قضية فكر وإنما قضية ثأر من الأزهر، مرة يقول لا أقبل الأزاهرة ومرة لا أقبل منهجهم، مستشهدا بأحدهم ولا نعرف ماذا يريدون.
العلمانية تدافع عن الإسلام
< هم يقولون إن العلمانية دافعت عن السيدة عائشة عندما قالوا إن سنها وقت زواجها من النبى كانت ١٨ عاما، بينما أساء لها رجال الدين بقولهم ان سنها كانت ٩ سنوات؟
- يبتسم قائلا: حقيقة شر البلية ما يضحك..دعنى أسأل:هل الإسلام ينحصر فى مسألة سن زواج السيدة عائشة رضى الله عنها من النبى صلى الله عليه وسلم سواء كانت كبيرة وقتها أو صغيرة.. هذه عادات وتقاليد المجتمع الذى عاشوا فيه، ولو كانت مسألة السن ذات أهمية وقتها لكان أبو جهل أول من يعترض على زواج النبى صلى الله عليه وسلم، أبو جهل نفسه لم يقل هذا الكلام، بل كانت السيدة عائشة مخطوبة قبل الرسول عليه الصلاة والسلام. مسألة السن هذه ترجع للعادات والتقاليد، فكيف نحاكم زمانا ماضيا بزماننا هذا، فليبحثوا عن شيء دافعوا فيه عن الإسلام غير سن السيدة عائشة «رضى الله عنها».
< أليس من المتصور أن بعض الأحاديث غير دقيقة، خاصة أن هناك حديثا يقول: «لا تكتبوا عنى شيئا سوى القرآن ومن كتب عنى شيئا فليمحه» كما يقول العلمانيون فأنتم تقدسون البخاري؟
- ليس هناك من يقدس البخاري، هذا كذب وتضليل وأفعال معركة فى غير معترك، الإمام البخارى كان ناقلا عمن سبقه وكان يسبقه الإمام مالك فى الموطأ، وهناك كتب كثيرة معروفة تسبق البخاري، وهذا الحديث المستشهد به كان فى بدء الإسلام، والمتحدث ذكره وكأنه لا يوجد غيره، ولم يبين السبب فى الحديث، وهو أن النبى نهى فى بداية الوحى عن كتابة الحديث حتى لا يختلط القرآن والسنة، النبى نهى فى هذا الحديث عن الكتابة، لكن يوجد حديث آخر عن ابن عباس رضى الله عنه، قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن قريشا تقول عنك إنك تخطئ لأنك بشر فكيف نكتب عنك، فقال النبى عليه الصلاة والسلام:» اكتب عنى فإنه لا يخرج عن هذا- وأشار عليه الصلاة والسلام إلى فمه - إلا صدقا»، وهذا الحديث لم يذكره المستشهد، ولنا أن نبين أن كتابة الحديث أمر اتفقت عليه الآمة، والعلم يثبت بالكتابة، ولو لم تكتب الأحاديث كيف كنا نعرف تفاصيل العبادات، التى أوضحتها السنة، هم يشككون فى السنة ويناقضون أنفسهم ويستشهدون بأحاديث منها، هم فى متاهة ويريدون أن يجعلوا الناس فى متاهة، ويشككون فى هذا وذاك وهذا منهج معروف، منهجهم التشكيك فقط ولو عندهم منهج آخر فليخرجوه وتجدهم يتفاخرون بفتح الجبهات وإغاظة الناس دون أن يقدموا لهم البديل، هم ببغاوات عن المستشرقين وغيرهم، لأن هذا الكلام قاله غلاة المستشرقين وعلماؤنا درسوه منذ أزمان وردوا عليه حتى من قبل أن توجد المدرسة العلمانية فى مصر، ولدينا أمثلة من ردود علماء الأزهر على الشبهات ومن بينهم الشيخ محمد أبو شهبة وغيره كثيرون.
فتح أم استعمار
ننتقل إلى التناقض الأزهرى فى وصف دخول المسلمين للبلاد بالفتح، وعندما جاء الصليبيون أسميناه استعمارا مع أن الحملة الفرنسية جاءت بالمطبعة والمجمع العلمي
- الفتح تسمية إسلامية وهناك سورة فى القرآن اسمها سورة الفتح تحدثت عن دخول النبى صلى الله عليه وسلم إلى مكة، والفتوحات الإسلامية كانت لها فائدتان: تبليغ دين الله لأن دين الله دينا عالميا لا يختص بأهل مكة وحدهم، يقول تعالى: «إنا أرسلناك كافة للناس بشيرا ونذيرا» ويقول تعالى: «يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك والم تفعل فما بلغت رسالته»، فإذا كانت العلمانية لا تعرف ذلك فهذا شأنها، فالبلاغ للجميع ونحن أطعنا أمر الله فى التبليغ، الأمر الثانى البلاد التى فتحت عاد إليها الخير وانتشر فيها العدل والحضارة بشهادة الغربيون أنفسهم ومنهم ويل ديورانت فى كتابه «قصة الحضارة» وتوماس آرنولد فى «الدعوة إلى الإسلام» الذى يبين عدالة الإسلام فى البلاد التى فتحوها ولم يدخلوا بسفك الدماء وضرب البلاد بالمدافع كما رأينا الحملة، ثم الذى يتحدث عن الفتوحات فليقرأ كيف استقبل المصريون عمرو بن العاص مرحبين ليخلصهم من ظلم الرومان، وهو نفسه الذى يتحدث عن الفتوحات استفاد أجداده فاعتنقوا الإسلام طائعين، وإن كانوا قد دخلوه تحت ضغط السيف، فعليه أن يرفع السيف عن عنقه ويتبرأ من هذا الدين الذى جاء عبر الفتح ولكنى لا أظن أنه يرغب فى أن يفعل ذلك، فهو مسلم ويفخر بأنه مسلم، فلا داعى للمزايدة فى كلام لا يؤدى إلا إلى ضياع الوقت، فالكل يعلم أن الفتوحات الإسلامية كانت تحكمها ضوابط معينة ومنها عدم قتل طفل ولا امرأة ولا شيخ كبير ولا راهب فى صومعته ولا قطع شجر أو حرقه وغيرها من الضوابط، بل رأينا القاضى المسلم يأمر بخروج الجيش من قرية دخلوها دون إذن أهلها.. كل ما نريده فقط من أصحاب هذا الاتجاه أن يقرأوا فقط.


< يقولون إن الحملة الفرنسية جاءت بالعلم
- هذا أمر مثير للعجب، فلأول مرة أرى إنسانا وطنيا يفاخر بالمستعمر الذى جاء بالمدافع ويمدح البارود ويدعى أن الإسلام دخل بالسيف، وبمنطق التقدم والعلم فإن إسرائيل الآن تتقدم فهل تصبح هى الرمز ونحب إسرائيل ونشجعها، وهذا يعنى أن هناك فكرا يريد لنا أن نمدح من غزانا ونسى المتحدث أيضا أن أول عمل قام به المستعمر الذى يمدح الآن من العلمانيين أن دخل بخيوله الأزهر، رمز الوطنية فى مصر، بل ينسب للمستعمر أنه نصب مدافعه وحطم تمثال أبى الهول رمز الحضارة لتحطم الحضارة بعد تحطيم الدين، أما الإسلام فلم يحطم تمثالا ولم نجد أحدا من الفاتحين المسلمين اقترب من مدينة الأقصر، بل كانوا يسمونها مدينة اللاهوت ويحمون ما فيها من آثار، فالمسلمون أبقوا على الآثار ولم يحطموا الكنائس وأعادوا البطريرك بنيامين، الذى أخرجه الرومان وصار التعاون والاتحاد ببن المصريين بمختلف أديانهم هو شعار مصر قديما وحديثا وسيظل.


< ماذا عن اختلاف الصحابة ومن بينهم العشرة المبشرون بالجنة بعد وفاة النبى ومقتل سيدنا عثمان ومقتل محمد بن أبى بكر الصديق؟


- ما قيل يبين أن هؤلاء كانوا بشرا، ونحن لا نقدس البشر حتى لو كانوا مبشرين بالجنة، ولكننا نقدر هؤلاء البشر، نحن لا نقدس أحدا، ولكن نقدر من لهم يد بيضاء فى الإسلام، أما اختلاف هؤلاء وهم من المبشرين بالجنة، فهم لم يختلفوا حول أصل ديني، أو ثوابت الدين، وإنما حول اجتهادات سياسية، واختلافهم دليل على عدم القداسة، لأنه لو كان يوجد شخص مقدس بينهم، لكان التف حوله الآخرون وتركوا الجانب المقابل، فاختلافهم هذا دليل لهم وليس دليلا عليهم، وهو يؤكد عظمة هذا الدين، فالاجتهاد فى أمور الحياة لا يمنعه إلا مكابر.


< لماذا لا تريدون أن يتدخل أحد غير الأزاهرة فى مسألة الدين رغم أن الإسلام ليس فيه كهنوت ولم ينزل على الأزاهرة فقط؟


- نحن لا نمنع أحدا، ونعترف أن الدين نزل على رسول الله ولم ينزل على الأزاهرة، أما مسألة التفسير من الأزاهرة فهم لا يمنعون أحدا أن يفسر ويشرح ويجتهد، ولكن ليس أى إنسان من يمتلك فقط أدوات التفسير ومن عنده شهادة بذلك، فأنت لا تستطيع العمل فى أى مجال إلا برخصة وهى الشهادة ولو قدت سيارة دون رخصة المرور يمنعك لأنك غير مؤهل وحتما ستقتل غيرك وترتكب جناية وهكذا المهندس أو الطبيب والمحامى لا يستطيع أن يقف أمام المحكمة دون كارنيه النقابة، فما الذى يملكه هذا المتحدث أو غيره من رخص علمية تشهد أنه يستطيع أن يفسر، عليك قبل أن تتكلم أن تأتى إلى المؤسسة التى أسند إليها بنص الدستور الحديث فى الأمور الدينية وتفسيره وتعلم فيها أولا سنوات وخذ منه الماجستير والدكتوراه وتقدم واشرح كما تشاء، لأن معك الرخصة، أنا لا أستطيع ممارسة الطب دون رخصة وإلا قتلت الأنفس، وإذا كانت هذه الرخصة مطلوبة فى الطب للأبدان، فكيف لا تطلب للأديان، بل إن الله تعالى فى كتابه العزيز بين أن للدين متخصصين للتفقه فيه «فلولا نفر من كل فرقة طائفة منهم ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون»، وقال تعالى «فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون» أهل الذكر كل فى مكان تخصصه، والأزاهرة عندما يتكلمون فى التفسير والحديث وغيرها يتكلمون عبر رخصة أفنوا أعمارهم من خلالها وقضوا سنوات فى طلب العلم.


< هم لا يريدون الهدم ولكن إعمال العقل وتطوير الخطاب قياسا على منع سيدنا عمر بن الخطاب للزكاة عن المؤلفة قلوبهم؟
أولا التجديد موجود وهو سنه من سنن الاسلام وليس مصطلحاً مستورداً كما يزعم هؤلاء ولكن يقوم بضوابط علمية  اما سيدنا عمر لم يمنع الزكاة عن المؤلفة قلوبهم ولا يستطيع أحد أن يمنع فرضا من فرائض الله باجماع المسلمين.

هو عطلها؟
لم يعطلها، وإنما لم يكن هناك سبب إليها فقد زال السبب وهو الحاجة، أعطيك مثالا، لو أنك مثلا فى منطقة المهندسين وكنت تعطى فقيرا على ناصية الطريق الزكاة، ولكن هذا الفقير حاله تغير وأصبح يمتلك سيارة وعمارة وفتح الله عليه، فهل هناك سبب لإعطاء الزكاة التى كان يأخذها، لا أظن أحدا يقول بوجود السبب، بل زال السبب وبقيت الزكاة، ولم يقل أحد إن الزكاة عطلت أو منعت، فرجاء لا تقولوا ما لا تعلمون.


< لماذا تحشرون أنوفكم فى أمور الطب إذن؟
- غير صحيح، فعلماء الدين يوقفون المسائل التى تتعلق ببدن الإنسان إلى المختصين وأهل الذكر فى الطب يعرفون إن كان نافعا لهم أو غير نافع، لكن الطبيب العلمانى يريد أن يدخل فى الدين والطب معا مع أنه ليس له رخصة إلا فى الطب، ورغم ذلك يترك عيادته فارغة، ثم يبحث ليدخل إلى تخصصات أخرى ليس له فيها رخصة تعليم ولا فهم، بل يحتاج إلى من يتلقى عليه العلم والفهم من رجال التخصص، نحن نحترم الراسخين فى العلم فى الطب وهم أهل التخصص من الأكبر الحاذقين فى المهنة وعليه أولا أن يحرر المصطلحات، فالختان ليس للإناث وإنما للذكور وللنساء الخفض إذا كانت هناك ضرورة طبية ملحة يقررها الطبيب وليس رجل الدين، وفيه خلاف بين العلماء ومن الذى قال له اشرب بول البعير أو لبنه، ليس مفروضا عليه ذلك، أى رجل دين كتب روشتة لمريض هل رأيت رجل دين خريج كلية شرعية فتح عيادة ووصف دواءً للمرضى؟ على العكس نرى من تخصصهم علاج القرع والهرش والامراض الجلدية مع احترامنا للجميع يتحدثون فى الدين وينصبون أنفسهم متخصصين ورجال دين.


< رجال التخصص رجال أقوال دون أفعال، على حد قوله، فما الذى فعلتموه؟
- هذا كلام مردود عليه، فالأزهر يتعقب أفكار الجماعات المتطرفة والإرهابية مثل الولاء والبراء والجهاد وغيرها، ويفندها فى مؤتمراته منذ ٢٠١٤ ويواجهها ويبين المفاهيم الصحيحة، بل وهناك كتب منهجية مقررة على الطلاب فى الإعدادية والثانوية الأزهرية تتحدث عن هذه المصطلحات ومعانيها الصحيحة، ومن لم يصل إليه ذلك فعليه أن يقرأ كتاب الثقافة الإسلامية المقرر على المرحلة الإعدادية والثانوية، وفى الجامعة وجه الإمام الأكبر أن تكون هناك رسائل ماجستير ودكتوراه تؤصل لهذه القضايا وتناقشها مناقشة علمية موثقة وترد على المتطرف. الذين يختبئون وراء هذه المصطلحات ويجعلون الدين لافتة لهم لأغراض سياسية أو لغيرها، فمهمة الأزهر هى البيان والتبيين وهو ما يجرى على أرض الواقع بالفعل لكى تحمى عقول الشباب ويستتب الأمن الفكرى فى بلادنا.


< هل ستكون رسائل علمية أم عنعنات عن فلان بن فلان لا يؤيدها العلم على طريقة العلمانيين؟
- نحن نفخر بالعنعنات  لانها اداة التوثيق وشهد بها الاعداء قبل الاصدقاء وإذا كان المقصود بالعلم لدى أصحاب هذه المدرسة هو العلم التجريبى فقط فعلمهم محدود، فهناك قضايا فى الدين لا تخضع لعلم المعامل وإنما نقلت إلينا بالسماع ونصدقها ونؤمن بها مثل وجود الملائكة والجنة والنار والصراط وغير ذلك، بل هناك أمور يذكرها القرآن الكريم والعلم التجريبى الحديث لا يمكن أن يؤكدها عبر المعمل، ومع ذلك الإيمان بها واجب، والمسلم طالما قال إنه مسلم لابد أن يقبلها ويصدقها، لأن التصديق بها من أصول الإيمان، مثل نطق الجلود والألسنة والأرجل يوم القيامة قال تعالى «يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم»، فهل العلم الحديث يقر بأن الجلود تنطق، فكيف يقال لا أقبل إلا ما يأتى به العلم، إذن هناك علم آخر والإيمان به واجب قال تعالى: «الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون»، أما فى الأمور الدنيوية فالتدبر والعقل والتفكير أمر مطلوب.


< نقيس على ذلك كلام القرآن عن «العسل واللبن فى الجنة» المناسب لزمانه ولكن عدم وجود»الواى فاي» قد يزعج إنسان ٢٠٢٠
- ما قاله الله عن العسل واللبن كلام صدق ونؤمن به، ومن لا يؤمن به بعيد عن الصواب والحق، أما الواى فاى فليس حجة، ففى الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وكل ما يشتهيه الإنسان سيجده، فما الحاجة إذن للواى فاى «فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون»، ويمكن للعلم الحديث أن يكتشف ما فوق الواى فاى وهذه أمور مادية يطالعنا بها العلم الحديث ونحترمه فى ذلك، بل إن المولى أخبرنا بهذا قائلا: «ويخلق ما لا تعلمون».


< هذا يقودنا إلى ما تطرق إليه من أن القرآن صالح لكل زمان ومكان بمعانيه العامة فقط؟
- عجيب ماقيل ومضحك وشر البلية مايضحك فإذا كانت المعانى فقط هى الصالحة لكل زمان ومكان فماذا نفعل بالألفاظ، وكيف نصلي، هل تؤدى الصلوات بالمعاني، إن هذا التخبط يظهر سقوط الأوراق كاملة_ كما سبق أن قلت _عن أصحاب هذه المدرسة، فقد أجمع المسلمون على أن القرآن الكريم صالح معنى ولفظا، كما أنزل معنى ولفظا، وأن الألفاظ حينما تقرأ لابد أن تقرأ كما أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم تكن هذه الألفاظ صالحة لأهل مكة فقط، بل للعالم كله عبر كل زمان وفى كل مكان، وهنا لابد أن نصحح هذه المعلومة لدى أصحاب هذا الفكر نسأل الله لهم الهداية.


< قصص القرآن حكايات تحكى للمساجد فقط للرمز ولكن عندما نخرج نعتمد على العلم
-  الحديث عن القرآن الكريم لابد ان يتناسك مع مقامه فلا يقال قصص القرآن حكايات، وإنما هى أحسن القصص لنأخذ منها العبر قال تعالى  «نحن نقص عليك احسن القصص» فالحديث عنها يجب ان يكون بصورة أفضل من ذلك، أما قصة سيدنا إبراهيم وإحراقه بالنار، لم يقل مسلم واحد إننى أجربها فى الواقع العملي، لعلمه بأنها معجزة لنبى ولا تتكرر والمعجزات خاصة بالأنبياء فقط، فلماذا المغالطة.