صور| المعابد المهاجرة.. حكاية معبد «دابود» في عهد جمال عبد الناصر

معبد «دابود»
معبد «دابود»

يقع معبد «دابود» جنوب أسوان بالقرب من الشلال الأول على الضفة الغربية لنهر النيل، وتم اهداؤه إلى أسبانيا عام 1960، ليتم وضعه فى حديقة "ديل أويستى" بالقرب من القصر الملكى بمدريد.

تسلط "بوابة أخباراليوم" الضوء على حكاية معبد «دابود»، وعن الحكومة المصرية التي أهدته لإسبانيا عام 1968 في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر تقديرًا للدور الإسباني في إنقاذ آثار النوبة، من خلال السطور التالية.

من جانبه، قال الباحث الأثري حسام عبود، لـ" بوابة أخبار اليوم"،إن المعبد تم بناؤه في الأصل على بعد 15 كم جنوب مدينة أسوان بجنوب مصر بالقرب من الشلال الأول بالنيل في منطقة دابود على الضفة الغربية لبحيرة ناصر، والمعبد تم بناؤه للألهه إيزيس بجزيرة فيلة، في العام الثاني قبل الميلاد قام إدخاليمانى ملك الكوشيين من مروي ببناء غرفة تعبد صغيرة وأهدها للآله آمون، وتم بناءها وتزينها على نفس النمط المتأخر للمعابد في مروي والتي منها معبد الدكة، وخلال حكم بطليموس السادس وبطليموس الثامن وبطليموس الثانى عشر في العصر البطلمى تم توسعة الغرفة من جهاتها الأربعة لتصبح معبد صغير بمساحة اثنا عشر مترا في خمسة عشر مترا، وتم أهداؤه إلى الآلهة إيزيس في فيله، وقد أكمل الأمبراطوران الرومانيان أوغسطس وطيباريوس تزيين المعبد.

معبد دابود

يبدأ المعبد برصيف يواجهه طريق مواكب طويل يمر من خلال ثلاث بوابات حجرية ويقود إلى فناء مفتوح ثم ردهتان وينتهى المعبد بقدس الأقداس الذي يحوى ناووسا من حجر الجرانيت الوردى، صحن المعبد قائم على أربعة أعمدة والتي انهارت في عام 1868م، وخلفه يوجد الهيكل الذي أقيم للأله آمون.

في عام 1960م وأثناء بناء السد العالي بأسوان الذي كان يهدد الكثير من المواقع الأثرية والمعابد القديمة قامت اليونيسكو بالتعاون مع الحكومة المصرية بنداء عالمي لحماية هذا التاريخ الأسطورى من الضياع والتدمير، وتقديراُ لمجهودات ومساعدات دولة أسبانيا في المساعدة على إنقاذ والحفاظ على معبد أبو سمبل، قامت الحكومة المصرية بإهداء معبد ديبود إلى دولة أسبانيا عام 1968م.

أما الحكاية، فقد بدأت عام 1959 عندما قاد الراحل العظيم د. ثروت عكاشة، وزير ثقافة مصر آنذاك، فكرة إنقاذ معابد النوبة قبل أن تغرق بعد اكتمال بناء السد العالى، واستطاع أن يقنع الرئيس جمال عبدالناصر بالفكرة وأن هناك ضرورة لمشاركة المجتمع الدولى فى هذا الإنقاذ، واستطاعت مصر أن تقنع منظمة اليونسكو العالمية بتبنى مشروع إنقاذ معابد النوبة.

ومن هذا المنطلق التاريخى الحاسم فى ذلك الوقت، أطلق الرئيس جمال عبدالناصر مقولته الشهيرة «إن آثار مصر لا تخص مصر فقط، بل تخص العالم كله»، واستمرت اللجان تبحث الطرق الخاصة بالإنقاذ فى عام 1963، ولم تقتصر عملية الإنقاذ على معابد أبوسمبل فقط، بل شملت معابد النوبة كلها.

وقد استطاعت مصر بقيادة الدكتور ثروت عكاشة أن تجعل كل الدول تشارك فى عملية الإنقاذ، وقد ساهمت الولايات المتحدة بأكبر مبلغ فى ذلك الوقت وهو 50 مليون دولار.

وشاركت أيضًا إيطاليا وإسبانيا وهولندا وغيرها من الدول؛ ولذلك أقول لولا تعاون هذه الدول لكانت هذه المعابد كلها غارقة تحت مياه بحيرة ناصر، وبدأت عمليات الإنقاذ بإشراف اليونسكو وكان هذا التعاون الدولى إشارة إلى أن العالم كله قد عرف أهمية الآثار المصرية.

وكان يوم 22 سبتمبر عام 1968 من أهم الأيام فى تاريخ آثار مصر حيث تم الاحتفال بإنقاذ الآثار المصرية بفضل تعاون المجتمع الدولى، وقد وجدت اليونسكو ووزارة الثقافة أن هناك ضرورة لشكر هذه الدول على مساهمتها الكبيرة فى ذلك الإنقاذ؛ لذلك وافقت الحكومة المصرية على إهداء هذه الدول أجزاءً صغيرة من معابد صارت سفراء لمصر فى مدن هذه الدول المهمة.

وعلى الرغم من أننى ضد إهداء أية آثار لأى بلد أجنبى، فإن ما تم فى ذلك الوقت كان ضرورة لأن آثار النوبة كانت مهددة بالغرق تحت مياه بحيرة ناصر وكنا فى وقت لم نكن نملك فيه أى إمكانيات مادية لإنقاذ تمثال واحد من هذه الآثار، ولولا مساهمات المجتمع الدولى لكانت دموع كل المصريين تتحسر إلى الآن على ضياع كل هذه الكنوز الفريدة التى لا تقدر بثمن.

معبد دابود.. فى إسبانيا

كان يقع جنوب أسوان بالقرب من الشلال الأول على الضفة الغربية لنهر النيل، وتم اهداؤه إلى أسبانيا عام 1960، ليتم وضعه فى حديقة "ديل أويستى" بالقرب من القصر الملكى بمدريد.

معبد دابود بمدريد

تم إعادة بناء معبد دابود في أحد حدائق مدريد حديقة باركي دل أويستي بالقرب من القصر الملكى بمدريد وتم فتح المعبد للزيارة للجمهور في عام 1972م، وقد تم إعادة ترتيب بوابات المعبد بترتيب مخالف لما كان عليه المعبد في مصر ويظهر ذلك بمقارنة صور المعبد التي تم التقاطها له في مصر حيث ان البوابة التي يعلوها الثعبان المجنح لم تكن الأقرب للمعبد، ويعتبر المعبد أحد الأعمال الهندسية المصرية القديمة التي يمكن مشاهدتها خارج مصر والوحيد من نوعه في أسبانيا.

فى 28 أبريل عام 1967، تسلم المتحف الأمريكى متروبوليتان للفنون معبد دندور المصري، الذى بُنى فى القرن الأول قبل الميلاد، بعدما أهدته مصر إلى الولايات المتحدة .

وفى 28 أبريل 2017، يحتفل متحف المتروبوليتان بمرور 50 عاما على وجود معبد دندور المصرى القديم فيه.

ومعبد دندور كان على الشاطئ الغربى جنوب أسوان، وقد شيد فى العصر الرومانى فى عهد الإمبراطور أغسطس، ويضم نقوشا ومناظر مصرية قديمة، بالإضافة إلى بعض النقوش القبطية التى تم إضافتها بعد دخول المسيحية.

وتم نقل معبد دندور عام 1963 إنقاذًا له من الغرق بعد بناء السد العالى، وإهدائه إلى الولايات المتحدة الأمريكية أثناء فترة رئاسة ليندون بينيس جونسون، وإرسال المعبد بعد أربعة سنوات مدة تفكيكه و نقله وإعادة تركيبه مرة أخرى، إلى متحف المتروبوليتان ليظل هناك منذ ذلك الحين .

وتناولت من خلال السطور حكايات خاصة بالمعبد غطت مختلف جوانبه: أجزاؤه، تنظيفه وصيانته، كيف صوّر المستشرقون المعبد فى القرنين الـثامن عشر والتاسع عشر، بالإضافة إلى كيف انتقل هذا المعبد "الحبيب" من مصر إلى المتحف.

لم يكن هذا المعبد الوحيد الذى أنتقل من مصر إلى بلاد الغرب على سبيل الإهداء، بل هناك 4 معابد أخرى سنتعرف عليها من ضمنهم معبد « دابود».

معبد طافا..فى هولندا

كان يقع بقرية "امبركاب" النوبية، بُنى فى العصر الرومانى، وقد تم إهداؤه إلى هولندا عام 1960، وأعيد تركيبه هناك عام 1971، بمتحف الآثار بمدينة ليدن.

معبد الليسيه.. فى إيطاليا

كان يقع فى بلاد النوبة بقرية أبريم، بالقرب من قصر أبريم، شيد فى عصر الملك تحتمس الثالث، وتم اهداؤه إلى إيطاليا عام 1966، ليتم حفظه بمتحف تورينو.

جزء من معبد كلابشة.. فى ألمانيا

تم إهداء إحدى بوابات معبد كلابشة المعروفة باسم "البوابة البطلمية"، إلى ألمانيا، وتم حفظها فى جناح الآثار المصرية بمتحف برلين .