غول يطارد الطلاب.. «مقاهي الإنترنت» في قفص الاتهام

غول يطارد الطلاب.. «مقاهي الإنترنت» في قفص الاتهام
غول يطارد الطلاب.. «مقاهي الإنترنت» في قفص الاتهام

- غياب تراخيص وتسرب من التعليم ومحتوى إباحي وألعاب عنف وأوكار للبلطجة والمخدرات

- «عامر»: «الداخلية» والمحليات تراقب عليها.. وإغلاقها باليوم الدراسي «ضرورة»

- «عبدالله»: رقابة الأسرة وتفريغ الطاقات بالأعمال التطوعية والرياضة واستثمار مواهبهم

- «بركات»: غياب الترفية بالمدارس «أزمة».. ونفتقد الرقابة على محتوى السايبرات

- «الحسيني» يطالب المحليات ببحث السايبرات غير المرخصة بمختلف المحافظات

- عقوبة فض الشمع الحبس 6 أشهر والغرامة 10 آلاف.. و«الإفتاء» توجه نصائح هامة

 

 

حجرة مظلمة تفوح منها رائحة احتراق التبغ، تشبه إلى حد بعيد الملاهي الليلية، تتراص بها أجهزة الكمبيوتر يفصل بينها حاجز خشبي صغير مزركش، تختلط بها الشباب والفتيات، أغلب روادها متسربين من مدارسهم، يشاهدون أفلاما إباحية ويدمنون ألعاب الفيديو، يلجأ لها البعض لأغراض غش الامتحانات وتسريبها على الإنترنت، تهدر الوقت والمال، كثيرا منها يعمل دون تراخيص، يتعلم منها الأطفال والشباب السلوكيات العنيفة وتعاطي المخدرات وشرب الخمور فضلا عن تحولها لمجمع للبلطجة.. هذا هو حال مقاهي الإنترنت «السايبرات» التي لا يخلو منها شارع من شوارع المحروسة.

 

مخالفات بالجملة لـ«السايبرات» تواجه بعضها شرطة المصنفات والإدارات المحلية بقرارات الغلق والتشميع ومصادرة الأجهزة، فيلجأ أصحابها لفض الشمع وإعادة فتحها، ما دعا نواب بالبرلمان للمطالبة بتفعيل الرقابة عليها وتقنين ساعات الفتح لها خلال اليوم الدراسي.. في ذات السياق ناقشت «بوابة أخبار اليوم» الخبراء حول مخاطرها وكيفية مواجهتها.

 

مشروع مربح

جولة «بوابة أخبار اليوم» في محافظتي القاهرة والجيزة في عدد من السايبرات وجدت أن معظم روادها من طلاب المدارس ممن تتراوح أعمارهم بين 5 سنوات و16سنة، أما سعر الساعة فيبدأ بـ5 جنيهات و6 و7 جنيهات حسب الشارع والمنطقة الكائن بها السايبر، أما تكلفة المشروع فليست كبيرة، إذ لا يتعدى الأمر بضع أجهزة كمبيوتر وشبكة إنترنت وتحميل ألعاب الفيديو.

 

أما المخالفات بها فتتركز على تعليم الأطفال التدخين أو تضررهم من التدخين السلبي، والتسرب من التعليم، وتحولها لمجمع للبلطجية ليلا، واختلاط الشباب والفتيات في بعض السايبرات، ومحاولة التخفي من حملات المحليات وشرطة المصنفات كون بعضها يعمل دون تراخيص أو يتحايل على شروط الترخيص كأن يحصل على رخصة مطعم سياحي ويحوله لسايبر.

 

تراخيص المحليات

وقال أمجد عامر، خبير التنمية المحلية، إن المحليات المتمثلة في الأحياء أو مجالس المدن تختص فقط بترخيص المحال وليس ترخيص النشاط التجاري، لأن النشاط التجاري يتم الترخيص له بناء على البطاقة الضريبية والسجل التجاري، مضيفا أن مقاهي الإنترنت المتواجدة بجوار المدارس ودور العلم هي أحد أسباب فشل الطلاب وتحمسهم على ترك المدرسة والذهاب للسايبر.

 

غياب الترفية بالمدارس

وتابع «عامر» في تصريحات خاصة لـ«بوابة أخبار اليوم»، أن التربية ووعي الطلاب له دور كبير في مواجهة السايبرات وعدم الذهاب لها خصوصا أن الطلاب يذهبون بمحل إرادتهم، منوها على أن غياب الترفيه في المدارس وانحساره في الرياضة فقط، وقصر الكمبيوتر على التعليم فقط، يساهم في ذهاب الطلاب للسايبرات.

 

إغلاقها أثناء اليوم الدراسي

وأكد خبير التنمية المحلية، على ضرورة أن ترغم الإدارة المحلية أصحاب مقاهي الإنترنت على غلقها أثناء اليوم الدراسي حتى يتم الحفاظ على العملية التعليمية، موضحا أن العقوبات على السايبرات تصل للغلق ورأينا أكثر من رئيس حي يغلق هذه المحال، مشددا على ضرورة فرض عقوبات رادعة عليها وحبس صاحبها حال تقديم الشيشة بها خاصة لمن أهم أصغر من 18 سنة.

 

الأفلام الإباحية

وأشار إلى أن أصحاب السايبرات يسعون لجلب المكاسب فقط دون النظر لمصلحة الطلاب، لافتا إلى أن الرقابة على المحتوى المعروض نفسه في حالة عرض أفلام إباحية مثلا؛ يخص شرطة المصنفات، والإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات ومباحث الإنترنت التابعة لوزارة الداخلية، ووحدة شبكات البيانات وجرائم الإنترنت التابعة لوزارة الاتصالات، وذلك بالتنسيق مع الإدارة المحلية من خلال إدارة المتابعة الميدانية.

 

عقوبة رادعة لفض الشمع

ولفت «عامر»، إلى أن السايبرات التي يتم غلقها من قِبل الحي ويقوم أصحابها بفك الشمع، تكون العقوبة بالحبس والغرامة حسب القانون، خاصة وأن الشمع إغلاق نيابة.  

 

يشار إلى أن القانون المصري رقم 68 لسنة 2016، الخاص بتعديل بعض أحكام القانون رقم 453 لسنه 1954 في شان المحال الصناعية والتجارية، يعاقب بالحبس مده لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسة ألاف جنيهًا ولا تجاوز عشرة ألاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين في حالة فض الشمع.

 

فراغ وتعليم للعنف

من جانبها تقول د. إيمان عبدالله، استشاري علم النفس والعلاج الأسري، إن السايبرات انتشرت بكثافة كمشروع مربح دون النظر لمبادئ المجتمع، وأصبحت تلك المقاهي وكرا لكل ما هو مخالف للقيم، ويتربي جيل من الشباب هش فكريا وجسمانيا، مضيفة أنها تشجع على البطالة والفراغ الوقتي والتسرب من التعليم وتعلم العنف.

 

إدمان للألعاب وحرية مغلوطة

وأضافت «عبدالله»، في تصريحات خاصة لـ«بوابة أخبار اليوم»، أن مقاهي الإنترنت تعلم التدخين وشرب الخمور، والحرية المغلوطة، وتهدر الوقت والمال، والتردد عليها بمثابة إدمان خاصة مع الألعاب العنيفة كالحوت الأزرق.  

 

رقابة الأسرة  

وأوضحت استشاري علم النفس والعلاج الأسري، أنه لابد من استثمار طاقات الشباب فيما يفيد، وإبعادهم عن ألعاب العنف والأفلام غير اللائقة، مشددة على ضرورة اضطلاع الأسرة بدورها في الحوار مع الأبناء، وتفعيل الرقابة الأسرية عليهم، فضلا عن تشجيعهم على الأعمال التطوعية بالمؤسسات الخيرية لتفريغ طاقاتهم، وحضور المناسبات الاجتماعية المختلفة كالأفراح والأحزان، وتشجيعهم على القراءة.

 

استثمار المواهب

وأشارت إلى أن نشر الوعي مهم جدا، فضلا عن التشجيع على استثمار مواهبهم بالرسم والفنون وتنمية حب الوطن ومشكلاته والمشاركة في قضايا الرأي العام، وممارسة الرياضة والهوايات، وتقوية الوازع الديني لدى الشباب.

 

التسرب من التعليم  

من جهته، طالب النائب فايز بركات، عضو لجنة التعليم بمجلس النواب، بإغلاق مقاهي الإنترنت خلال الفترة الصباحية، لمكافحة ظاهرة التسرب من المدارس، ومنع جلوس الطلاب بتلك الأماكن، موضحًا أن كثيرًا من هذه الأماكن تكون مخالفة للقانون بالأساس، حيث أن الهروب من المدارس للذهاب إلى مقاهي الإنترنت يتسبب في تدهور المستوى التعليمي للطلاب الهاربين، نظرا لتغيبهم المستمر عن الدروس وصولا للفشل الكلي، كما أن التلاميذ الهاربين قد يشجعون آخرين على الهرب وتقليدهم.

 

وأوضح بركات، أنه في النظم التعليمية المحترمة بالدول من المفترض أن ظاهرة التسرب من التعليم تقل حتى تصبح في سبيلها للانتهاء، لكن في مصر للأسف الشديد الأعداد تزيد في ضوء الفقر المتزايد ومصروفات الدراسة المرتفعة والتدهور في المنظومة التعليمية، مضيفًا أن المدرسة نفسها غير جذابة فالمعلمين لم يعودوا مرحبين بالطلاب لظروف نفسية صعبة والفصول ذات كثافات طلابية كبيرة.

محتوى غير لائق

وأكد أن افتقار المدارس للبرامج الترفيهية للطلاب والتي من شانها تخفيف الأعباء الدراسية عنهم، تعد أحد أسباب الطلاب للهروب من المدرسة، والذهاب لقضاء وقت ترفيهي بمقاهي الإنترنت، وهو ما يعرض الطلاب للخطر لأن الأهالي لا يعرفون مكان أبنائهم خلال هذا الوقت، إضافة إلى أن هذه المقاهي لا يوجد رقابة عما تقدمه وتسمحه به للأطفال سواء ألعاب عنف أو محتوى غير لائق.

 

غياب التراخيص

في السياق نفسه، هاجم ممدوح الحسيني، عضو لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، في بيان عاجل، مقاهى الإنترنت، مؤكدا أنها تتسبب في إفساد أخلاق طلاب المدارس والجامعات وتسربهم من التعليم، فهم يتركون مدارسهم وجامعاتهم ويجلسون ساعات طويلة في هذه السايبرات والتي أغلبها غير مرخصة.

 

وتابع الحسيني: «لابد من اتخاذ إجراء سريع من وزارة التنمية المحلية وتوجيه جميع المحافظات والوحدات المحلية بمستوياتها المختلفة بأن تبحث هذه السيبرات غير المرخصة حتى نحافظ على أولادنا من التسرب من التعليم».

 

رد الإفتاء

أما دار الإفتاء المصرية، فأوضحت أن الاكتساب من مشروع مقاهي الإنترنت حلال شرعًا، وأما استخدام الإنترنت فتقع المسئولية على من يستخدمه، فمن يستخدمه في أغراض نافعة فلا إثم عليه، أما من يستخدمه بصورة غير شرعية فهو المسئول شرعًا عن تصرفه.

وأكدت أنه ينبغي على من يدير مقاهي الإنترنت أن يراعى الله تعالى، وأن يلتزم بالقوانين المنظمة لعمل مثل هذه المشاريع.