حكايات| صاحب أول هدف مصري في الكالتشيو يبحث عن مجد «الأهرامات»‎

 هاني سعيد
هاني سعيد

"إحنا مش بتوع غربة يا عم.. لا توقع العقود ودعنا نعود إلى مصر".. جملة قالها أشرف أبو زيد، لاعب الأهلي ومنتخب الشباب، لصديقه هاني سعيد في إيطاليا بعدما عرض عليهم نادي أودينيزي توقيع عقود مدتها خمس سنوات في العام 1997 فكانت بداية مشوار أوروبي معقد لصاحب أول هدف مصري في تاريخ الكالتشيو الإيطالي.. هاني سعيد.

 
هاني سعيد الذي تراه الآن في منصب المدير الرياضي لنادي بيراميدز، لم تكن رحلته مع كرة القدم عادية أو روتينية، لم يرتض بالبقاء لاعبًا في النادي الأهلي وحلم بالاحتراف الأوروبي وكافح حتى تحقق الحلم وفي أقوى دوري على مستوى العالم في ذلك التوقيت، ولكن ماذا عن تفاصيل الحكاية؟
 
البداية عند ريولا
 
 
يروي هاني سعيد قصة احترافه والتي تناولها كتاب "100 عام من الحلم" :"بعد المشاركة في كأس العالم للشباب بمصر عام 1997، كان وكيل اللاعبين الإيطالي الأشهر مينو رايولا متواجدًا في مصر للتوقيع مع المواهب الجديدة لتسويقها وكان في بداية مشواره مع مهنة وكيل اللاعبين، ووقع عقودًا مع 4 لاعبين من منتخب مصر للشباب آنذاك وكنت أحدهم، والثلاثي الآخر هو محمد عز وأشرف أبو زيد ومحمد أبو العلا".

لم يكن الأهلي يبرم عقودًا لناشئيه في هذه الفترة، ولكن بعد وصول عرض رسمي من نادي أودينيزي الإيطالي عبر رايولا لضم الثنائي هاني سعيد وأشرف أبو زيد تفجرت الأزمة، وبدأت القلعة الحمراء حملة شرسة لتوقيع عقود احتراف للناشئين بدلاً من الاستمارات التي لم تكن تمنح النادي أي حقوق تجاه اللاعب فيمكنه السفر أو الرحيل دون حتى إخطار ناديه.. وهو ما حدث.
 
رفض هاني سعيد وأشرف أبو زيد توقيع عقود مع النادي الأهلي وسافرا إلى إيطاليا تمهيدًا للانضمام لصفوف أودينيزي وهو ما يرويه هاني سعيد :"خلال 40 يومًا من التدريب مع الفريق الثاني وهو من عناصر الشباب فظهر الفارق بيننا وبينهم وكنا الأفضل، فتم تصعيدنا للتدريب مع الفريق الأول وكان يضم نجومًا كبار مثل أوليفر بيرهوف وبوجي وأمروزو، واحتلوا المركز الثالث في هذا الموسم".
 
"فوجئت بأشرف أبو زيد يطالبني بإنهاء ما يحدث والعودة إلى مصر وقال لي احنا مش بتوع غربة يا عم، وقلت له أتينا سويًا ودعنا نكمل المشوار.. أومال لو كنت لوحدك يا أشرف؟".
 
"بعد مرور الـ 40 يومًا الأولى، طالبنا الراحل محمد علي، مدرب منتخب الشباب، بالعودة إلى مصر لخوض دورة ودية في لبنان، وقبل السفر بيوم واحد، جاءنا مدير نادي أودينيزي بالعقود، وطالبنا بالتوقيع، وكان أشرف أبو زيد مصرًا على العودة، ولم تكن هذه الفكرة واضحة لي منه، وكان التعاقد لمدة 5 سنوات، وكان النظام هناك أن توقع على عقود بأقل قيمة مالية باعتبارك ناشئ، ثم يتم تعديله بعد مشاركتك الأولى مع الفريق الأول، فرفض أشرف أبو زيد، واتفق معي على أن نعود إلى مصر وندرس الأمر بعد العودة إلى إيطاليا".

أودينزي بيقولكم مترجعوش تاني
 
يواصل هاني سعيد حكايته :"كان هناك وسيط مصري بيننا وبين أودينيزي، فاتصل بنا وقال نادي أودينيزي بيقولكم مترجعوش تاني.. وهذا كان رد الفعل على رفضنا التوقيع على العقود، وفوجئت بعد عودتنا إلى مصر بأشرف أبو زيد في النادي الأهلي، ووقع على عقود الانضمام للأهلي، والصدمة الأكبر أنه تم استبعادنا من منتخب الشباب بسبب السفر إلى إيطاليا دون إذن".
 
"بعدما تم استبعادي مع أشرف من منتخب مصر للشباب في دورة لبنان الودية تجنبًا للأزمات مع الأهلي، اتصلت بالمهندس هاني أبو ريدة، وكان حينها المشرف على منتخبي الشباب والأولمبي، وطالبته بالمشاركة في الدورة الودية التي يخوضها منتخب الشباب في إيطاليا لكي أحصل على فرصة جديدة هناك بعد ضياع حلم الانضمام لأودينيزي".
 
"اتصل أبو ريدة بالدكتور محمد علي فورًا، وقال له نصًا: (هاني هيروح إيطاليا وهيلعب وهاجي كمان أشوفه وهو أساسي وعلى مسئوليتي)، وبالفعل سافرت، وجاءت هذه الفرصة بعد 3 شهور دون تدريب في منزلي بمصر، وكان هناك مندوبًا من نادي روما، ورفض بسبب الأداء العادي وانسحب، ولكن مندوب نادي باري طالبني بخوض معايشة لمدة أسبوع".
 
45 دقيقة فارقة في مستقبل هاني سعيد
 
يواصل هاني سعيد الحكاية: "عاد منتخب الشباب إلى مصر، وانتقلت من روما إلى باري مع عاطف الوسيط المصري، وبدأت أخوض التدريبات مع باري، ولو كنت مدربًا وشاهدتني بهذا المستوى لكنت رفضت استمراري في التدريبات من الأساس، بسبب غياب حساسية الملعب والقلق وكنت أشبه من لا يعرف أي شيء عن كرة القدم".
 
"بعد 3 أيام بأداء متواضع في التدريبات، جاء يوم الخميس، وأخبرني عاطف أنه يومي الأخير، وأن الفريق سيخوض تقسيمة، إما أن أعود إلى مصر وأعتذر للنادي الأهلي، أو أركز في دراستي وأبتعد عن كرة القدم، أو أعود إلى مستواي الحقيقي فأستمر مع باري".
 
"دفع بي المدرب لمدة 45 دقيقة، وكانت المفاجأة أن قدمت أداء يشبه مارادونا أو ميسي أو رونالدو، وكنت موفقًا للغاية، وفي اليوم ذاته وقعت خمس سنوات، ولم أفكر في مدة التعاقد أو الأموال.. في هذه اللحظة شعرت بأن جبل الضغوط أزيح من على صدري".

البداية ليست سهلة
 
 
" في الموسم الأول، كنت أخوض التدريبات مع الفريق الأول، وأشارك في مباريات الفريق الثاني، ولم أكن حينها أدري كامل جوانب الحياة الاحترافية، فمثلاً خلال فترة الإعداد أنهيت المران وطلبت زجاجة كوكاكولا ثم أيس كريم، وحينها نظروا إلي وكأني ارتكبت جريمة قتل، واتصلوا بوكيلي يسألوه ماذا يفعل هذا اللاعب المصري؟ وحينها اتصل بي الوكيل، واستهلكت بعض الوقت لأتأقلم مع الجو الاحترافي".

 
"في آخر مباراة في الموسم 1999-2000، لعبت 35 دقيقة أمام سامبدوريا بديلاً لماركوليني، وكانت هذه مباراتي الأولى في الدوري الإيطالي الممتاز".
 
إعارة لسويسرا
 
"قبل بداية الموسم التالي، قررت أنني لابد أن ألعب، فتحدثت مع وكيلي فنصحني باللعب لناد آخر على سبيل الإعارة في دوري أقل، فاختار نادي بيلنزونا السويسري في مرحلة (بلاي أوف) للصعود للدوري السويسري الممتاز، وشاركت في مباراة وحيدة فقط أمام زيورخ".
 
" كان منتخب مصر الأولمبي يخوض مباريات تصفيات الأولمبياد آنذاك، وكل أسبوع يأتي لي خطاب استدعاء للمنتخب الأولمبي، وحينها استدعاني المدرب ديلاكازا، وقال لي أنت هنا لعدد مباريات محدود، ولا يمكن أن تسافر كل أسبوع لمنتخب مصر، وعليك أن تختار الآن.. منتخب مصر أم بيلنزونا؟.. اخترت منتخب مصر بالطبع".
 
"لم أستكمل فترتي في سويسرا، وعدت إلى مصر لأستكمل أجازة الموسم، وأعود إلى إيطاليا قبل انطلاقة الموسم الجديد، ولكن فوجئت بأن نادي باري لم يرسل لي أوراق الحصول على التأشيرة، ولكن تدخل وكيلي وبعدها طالبوه بإعارتي مجددًا".
 
أول هدف مصري في الكالتشيو
 
"وصلت إيطاليا بعد فترة الإعداد للموسم الجديد، وشاركت في التدريبات بكل قوة، وقررت أنني سأواصل مشواري في إيطاليا، فاجتهدت أكثر ولم أشغل بالي بالمشاركة أو الرحيل.. قررت أن أواصل مشواري".
 
"ظهرت بوادر التغيير والاحترافية على كل تعاملاتي ولاحظوا ذلك، وفوجئت بأنني على مقاعد البدلاء في الجولة الثانية، حتى جاء الأسبوع العاشر ودفع بي المدرب أمام بولونيا لمدة دقيقتين".

 
"شاركت في 20 مباراة هذا الموسم، سجلت هدفي الوحيد في مرمى هيلاس فيرونا، وأديت مباريات قوية، ولعبت على نجوم كبار منهم نيدفيد وديفيدز وزين الدين زيدان وغيرهم، وكان هذا هو الموسم الأهم لي في فترة احترافي".

 
رحلات جديدة والعودة إلى مصر
 
 
"واصلت مشواري في إيطاليا مع بعض الأندية الإيطالية منها فيورنتينا وميسيينا وبيستويزي، قبل أن أخوض تجربة الانتقال للدوري البلجيكي مع نادي مونز".
 
"في مونز، وقعت موسمًا واحدًا، وبعد 10 مباريات تعرضت لكسر في قدمي، وانتهى موسمي، فقررت العودة إلى مصر، وكان صديقي محمد فضل انضم للنادي المصري وطالب الراحل سيد متولي بضمي، وقررت العودة إلى مصر".
 
وفي مصر امتدت مسيرة هاني سعيد حتى سن الـ 39، واعتزل بقميص نادي مصر المقاصة بعد اللعب للمصري البورسعيدي والإسماعيلي والزمالك وسموحة، وفي رصيده 78 مباراة دولية وبطولتين لكأس الأمم الإفريقية مع الجيل الذهبي لأبناء المعلم حسن شحاته.