حروف ثائرة

الثانوية العامة والمكتوب على الجبين !

محمد البهنساوى
محمد البهنساوى

لا أخفى إعجابى بالدكتور طارق شوقى منذ توليه وزارة التربية والتعليم وتفاؤلى بفكره وحماسه فى تطوير المنظومة التعليمية.. هذا الإعجاب جاء لعدة أسباب منها فكر وحماس الرجل وخبرته الدولية.. وإيمانى أن التعليم بمصر يحتاج لزلزال قوى يخلصه من إرث سنوات من التراجع وترسيخ مبادئ الحفظ التى تقتل كل إبداع.. وثقتى أن الدكتور طارق شوقى أطلق هذا الزلزال وتوابعه التى لا تتوقف والتى مازلت أثق أنها ستحقق بنهايتها نظاما تعليميا يليق بمصر ويعيد ريادتها التعليمية.
لكن هذا الإعجاب وتلك الثقة لا يمنعانى من طرح تساؤلات او عتاب او نقد او أى مسمى لما تشهده الثانوية العامة الحديثة التى اطلقها لتشمل أولى وثانية ثانوى حاليا.. الوزير طلب من الإعلام منحه فرصة عام ثم يحاسبونه.. الان وقد مر أكثر من عام ونصف أعتقد أنه من حقنا إثارة تلك التساؤلات لا سعيا لإعاقة تطوير المنظومة التعليمية إنما فقط لنطمئن أنها تسير فى مسارها الصحيح.
لن أتحدث اليوم عن النظام بالحضانة والابتدائي.. لكن فقط الثانوية العامة التى يبدو أن رعبها مكتوب على المصريين.. أعتقد أن ما يحدث يزيد أوجاع الأسر المصرية لا يخففها.. فما ننتظره يا معالى الوزير تطوير العملية التعليمية برمتها وليس نظام الامتحان فقط.. وللعلم فإن النظام الحديث لامتحانات أولى وثانية ثانوى أراه ممتازا للغاية ويقضى فعليا على الحفظ ويشجع الفكر والابتكار.. لكن كيف أضع تلك المواصفات الحديثة الممتازة بالامتحانات فى حين نظام التدريس يسير بنفس الطريقة القديمة العقيمة ؟..كما يبدو ان المدرسين لم يتم تدريبهم لتشجيع الفهم وتوديع الحفظ.. وكيف أفاجئ التلاميذ بالنظام الحديث للامتحانات دون أن ندربهم عليه بما يكفى استيعابه ومسايرته ؟!
نقطة أخرى تخص التابلت.. تلك الخطوة التى تحقق فى رأيى نقلة نوعية إذا أحسن تطبيقها.. لكن يؤسفنى القول إن تطبيقها لم يتم بالشكل المطلوب ولم يؤت أكله بعد.. فناهيك عما حدث للصف الأول الثانوى العام الماضى من مشاكل تقنية وفنية وتعليمية فى التابلت فقد تكررت العام الحالى مع الصف الأول أيضا الذى تسلم التابلت بنهاية التيرم الأول وهناك من لم يتسلمه للان.. البعض يدافع بأن البنية التحتية غير جاهزة لتحقيق كل هذا.. وإذا كان الأمر كذلك فهذا خطأ فكيف يبدأ التنفيذ رغم عدم الجاهزية مما تسبب فى إرباك الأسر المصرية دون داع.
وهل يعقل أن يقام الامتحان فى مصر بالنظامين الورقى والألكترونى لنفس الصف نتيجة لعدم التزام بعض المدارس الخاصة.. ورغم تنويه الوزير من العام الماضى بمعاقبة غير الملتزمين بالمدارس الخاصة لكن لم يحدث..هذا القرار ليس زيادة بالمصروفات أو سن القبول أو غيرها من الإجراءات التى يمكن التغاضى عنها.. لكنه أمن قومى للدولة لابد من التزام الجميع به ومعاقبة المخالفين.
مرة أخرى.. أؤكد ثقتى التامة فى النظام التعليمى الجديد ودفعه الطلاب للفكر والفهم.. ومساندتى للدولة فى تطبيقه.. لكن أيضا أساند اولياء الأمور فيما يشعرون به من « توهان « وغضب وخوف على مستقبل أبنائهم بسبب أخطاء فى التطبيق وليس فى النظام.. وليعلم الوزير انه ليس مهما أن أحارب التسريبات.. وليس الهدف الجرى وراء جروبات أولياء الأمور لتفادى هجومها اللاذع.. ولن نحقق نجاحا بتغيير نظام الامتحانات فقط.. وطننا العزيز ومستقبل أجياله وصالح ريادته تتوقف كلها على التطوير الشامل للعملية التعليمية برمتها حتى ولو استغرق الأمر عدة سنوات.. الهدف الأسمى يستحق.. وكلى ثقة فى أن الوزير والدولة وأولياء الأمور قادرون على تحقيقه لو تخلصنا فقط من رتوش التنفيذ وأخلصنا النوايا لوطننا قبل خوفنا على الامتحانات وتسريباتها ونتائجها.