أمنية

ضمير المحكمة

محمد سعد
محمد سعد

"يا أهل شهداء مصر لا تخافوا ولا تحزنوا فأبناؤكم أحياء فى الفردوس الأعلى عند ربهم يرزقون، هنيئا لكم عندما يشفع لكم الشهيد يوم القيامة"، لم تكتب هذه الكلمات فى تعزية أو نعى أو بيان رسمى عقب عملية إرهابية استهدفت أبرياء، لكنها كانت فى صدر حكم أصدرته محكمة الجنايات ـ دائرة الإرهاب - السبت الماضى بإحالة أوراق الضابط السابق والإرهابى الحالى هشام عشماوى و36 متطرفا آخرين - ضمن 208 متهمين شملهم أمر الإحالة - إلى فضيلة مفتى الديار المصرية لاستطلاع الرأى الشرعى فى إعدامهم.
وعندما يقع بصرك على أوراق القضية وما انتهت إليه تحقيقات النيابة العامة تشعر وكأن عقوبة الإعدام لا تساوى شيئا جراء ما ارتكبه هؤلاء البشر فى ربوع مصر، نعم أى قسوة هذه؟ كيف كانت قلوبهم متحجرة إلى هذا الحد؟ من أوصلهم إلى هذا الكم من البغض والحقد على المجتمع؟، أسئلة كثيرة سوف تدور فى خلدك ولن تجد لها إجابة منطقية خاصة وأن معظم المتهمين كانت لهم وظائف مرموقة وأغلبهم حصل على تعليم عال.
وكى لا ننسى فإن النيابة العامة وجهت للمتهمين 7 اتهامات رئيسية هى، القتل العمد والشروع فيه والسرقة بالإكراه، والإرهاب، ومقاومة السلطات، والانضمام إلى تنظيم إرهابي، وحيازة مواد متفجرة، وحيازة أسلحة وذخائر بدون ضرورة، وارتكب هؤلاء القتلة المأجورون 54 جناية متنوعة خلال عامى 2013 و2014 كان منها قتل المقدم محمد مبروك بقطاع الأمن الوطنى واللواء محمد السعيد مدير المكتب الفنى لوزير الداخلية و3 من رجال الشرطة أمام نقطة النزهة الجديدة والارتكاز الأمنى بالطريق الدائري، كما قتلوا مواطنا آخر لسرقة سيارته، والطفلة مريم أشرف مسيحة والطفلة مريم نبيل فهمى و4 آخرين، وشرعوا فى قتل وزير الداخلية السابق اللواء محمد إبراهيم مستخدمين خمسة كيلوجرامات من مادة التى إن تى شديدة الانفجار، وشرعوا فى قتل اللواء هشام عصمت حسن بمديرية أمن القاهرة، والشروع فى قتل الكثير والكثير.
كما قام المتهمون بتفجير مديرية أمن القاهرة ومديرية أمن الدقهلية ومديرية أمن جنوب سيناء، وأتلفوا مبنى كنيسة العذراء والملاك ميخائيل بمنطقة الوراق، وأتلفوا مساجد يوسف أغا والسلطان شاة ومسجد الصالح، وخربوا أملاكا عامة والعديد من المنشآت الشرطية ودور العدالة، وسرقوا العديد من أموال البنوك وهيئة البريد، كما سرقوا سيارات كثيرة من أفراد الشعب بالإكراه.
مسك الختام
اختتمت المحكمة قرارها التاريخى بعد 120 جلسة حققت خلالها كل الأوراق والأدلة، وارتاح ضميرها إلى الثأر لأرواح العشرات من الشهداء الأبرار، وقالت إن ضميرها يئن ويعتصر من فرط الحزن والألم والأسى من جرائم المتهمين لأن الولاء للوطن والانتماء لأرضه هى أروع الصفات التى يتصف بها كل إنسان محب وهو شعور فطرى عميق يربط الإنسان بوطنه الذى ولد على أرضه وتنسم هواءه وتغذى من نبته وشرب من نيله وشب وترعرع بين أهله وعشيرته وتلقى العلم فى محرابه.