حكايات| حاكم مسلم لبريطانيا!.. عملة التوحيد تهز أركان الفاتيكان بأوروبا

حاكم مسلم لبريطانيا!.. عملة التوحيد تهز أركان الفاتيكان بأوروبا
حاكم مسلم لبريطانيا!.. عملة التوحيد تهز أركان الفاتيكان بأوروبا

ربما تكون البداية عجيبة بعض الشيء لكن القصة مثيرة وجديرة بالاهتمام.. إذَا لماذا طمست كتب التاريخ البريطانية اسم الملك «أوفا ركس Offa Rex» ملك بريطانيا الذي حكم مملكة مرسيا بين عامي 757–796 إحدى ممالك إنجلترا الإنجلوسكسونية؟

 

قد تحمل الإجابة تجاهلًا متعمدًا من جانب مؤرخي التاريخ البريطاني بسبب إسلام الملك ركس بعد صعوده إلى سدة الحكم رغم مساهمته في توحيد الممالك الأنجلوساكسونية السبع وجهوده في الإنعاش الاقتصادي ونشر الأمن.

 

تولَّى «أوفا ركس» الحكم عام 757، وكان ملكًا على «مرسيا» أو ما تُعرف باسم «إنجلترا الوُسطى»، بعد مقتل ابن عمه «إيزلبالد»، وقامت آنذاك حرب أهلية بسبب ادعاء أحد الأشخاص المجهولين أحقيته بالمُلك, فانتصر «ركس»عليه, لكن هذه الحرب سببت صدعًا داخليًّا كلَّف الملك لرأبه مدة سبع سنوات.

 

استعدَّ بعد ذلك لتوحيد الممالك السبع تحت حكمه, فحاول بالطرق العسكرية والدبلوماسية وبالمصاهرة توحيد بلاده، فأصبحت كما شاء، حيث توسَّع حكمه إلى غالبية أجزاء إنجلترا تقريبًا، واستطاع أن يُوحِّد غالبية المقاطعات الإنجليزية تحت حكمٍ واحد، حيث فتح ملكيّات الصغيرة حوله أمثال «كنت Kent، ووست West، وساكسونس Saxons، وولش Welsh، كما قام بتزويج بنتيه من حاكمي ِسكس Wessex ونورثومبيا Northumbia».

 

لم ترق هذه الوحدة للفاتيكان ورجاله، الذين أظهروا العداوة للملك «أوفا ركس»، ما جعله يُعادي سلطتهم الدينية, فما أن وصلت الأخبار إلى الفاتيكان بأنه مُعادٍ للبابوية وللعقيدة الكاثوليكية، وتهديده بخروج إنجلترا من الكنيسة الرومانية، وأيضًا إسلامه سرًّا, حتى أرسل البابا ولأوَّل مرة منذ دخول إنجلترا للمسيحية بعثة في عام 786، تحمل كبار مبشِّريها لمحاولة منع شعب إنجلترا من أتباعملكهم ذو الشعبية.

 

كما حرضت الفاتيكان «مقاطعة ويلز» للحرب ضد«أوفا ركس»، ما دفعه لتشييِّد سورًا عظيمًا على الحدود بين إنجلترا وويلز لحماية بلاده فيما عرف باسم سور «أوفا ركس» العظيم.

 

توحيد إنجلترا

 

اهتمَّ «ركس» بنشر الأمن بعد جهود توحيد البلاد، ووضع التشريعات لحماية المواطنين، كما حرص على رفع المستوى الاجتماعي والثقافي لديهم, والبناء والإعمار، كمحاولة منه لجعل بلاده حضارية، والخروج من التخلف والفوضى التي سبقته، جهوده هذه نجحت بفضل نجاح تجارة واقتصاد بلاده؛ مما جعل الكثير من الأموال التجارية تتدفق لمعالجة الأوضاع والإصلاح.

 

ومن أهم علاقاته التجارية علاقته مع الدولة العباسية الإسلامية، التي تطوَّرت أكثر بسبب منع ملك الفرنجة شارلمان تجار إنجلترا من الدخول لبلاده، بسبب آراء «أوفا ركس» المعادية للكنيسة إلا أن شارلمان سرعان ما تراجع وأقام اتفاقية تجارية مع «ركس» عدما وجد الضرر الذي لحق باقتصاد بلاده نتيجة هذه المقاطعة وأيضًا لِمَا وجده من عدل ملك إنجلترا في تطبيق القوانين والتزامه بالاتفاقيات والمعاهدات على عكس ما اعتادوه من الملوك الأوربيين.

 

كما اهتمَّ «أوفا ركس»، بالتعليم على عكس ملوك أوروبا في ذلك العصر، حيث ساد الجهل ربوع القارة لقرون طوال، ولكن إسلام ملك إنجلترا جعله يُدرك أهمية العلم والتعليم في نهضة الأمم، كما حرص على نشر الثقافة والعلم، وفي المجال العسكري عمل على تقوية الجيش، وعلى حماية بلاده.

 

علاقته بالدولة العباسية

 

تنبه «أوفا ركس» لأهمية الإصلاح التشريعي، في لمحة مبكرة تدل على عدل هذا الملك العظيم، حيث كانت علاقاته مع الدولة العباسية قوية، ما مهَّد لإسلامه، وإن كنا لا نعرف كيف دخل في الإسلام وقصة إسلامه بالتفصيل، وذلك لإخفائه الأمر في البداية، ثم لحرص الفاتيكان والمؤرخين الصليبيين على إخفاء الحقيقة بعد ذلك بتجاهلها، بل وتجاهل شخص الملك نفسه رغم عظمته في تاريخهم.

 

قام الملك بسك عملة جديدة بدلاً من عملته القديمة التي تحمل صورته، وجعل عملته الجديدة تحمل عبارة: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له» على أحد الوجهين وعلى الوجه الآخر «محمد رسول الله»، وذلك في إعلان صريح عن إسلامه، ولا توجد إلا قطعة واحدة من هذه العملة محفوظة بالمتحف البريطاني، وبها أخطاء إملائية ربما بسبب جهل الذين سكوا العملة باللغة العربية.

 

قتل الملك المسلم

 

لم يكن الفاتيكان ورجاله ليهدءوا حتى يقضوا على الملك «أوفا ركس»، فتآمر بابا الفاتيكان مع شارلمان على قتل ملك إنجلترا لكي لا يواصل أهدافه, ففي يوم الجمعة 29 من يوليو 796 قُتل الملك «أوفا ركس»، إلا أن وثائقهم تُشير إلى أنه مات فجأة فقط, ودُفِن في مصلى صغير، وذلك على غير عادة ملوك «مرسيا» الذين يُدفنون في كاتدرائيتهم.

 

أتى الملك الإنجليزي جون «1199–1216»بعد حوالي قرنين وأمر بالبحث عن قبره لوضعه في مكان لائق لتكريمه, وهو الذي أرسل بعثة إلى السلطان الموحدي محمد الناصر لدين الله في الأندلس يطلب منه المعونة العسكرية ضد البابوية، ويتيح له نشر الإسلام بإنجلترا، إلا أن انشغال الناصر بحروبه مع الإسبان وهزيمته القاسية والفاصلة في معركة العقاب لم تتح له مساعدة الإنجليز.

 

ربما لم يُعثر على أي وثيقة أخرى باستثناء العملات النقدية تُشير بوضوح إلى حقيقة إسلام «أوفا ركس»، فقد قامت الكنيسة بحرق كافة المستندات والأوراق العائدة للملك والتي رُبما أشارت إلى إسلامه خوفًا من تأثر الناس به، ورغم من أن كافة المراجع والمصادر البريطانية تنفي احتمال إسلام الملك، وتعتبر أن العملة النقدية التي تعود إلى فترة حكمه ترتبط بتسهيل التبادل التجاري مع المسلمين وليس إلى إسلامه، لكن الكثير من الشكوك حول صحة هذه الادعاءات قائمة ولا يُمكن إغفالها!

 

لكن الغموض الذي اكتنف قضية «أوفا ركس»، بدأ يزول تدريجيًا بعد أن ظهرت عملة معدنية نادرة للعلن تعود إلى فترة حكم الملك الأنجلوسكسوني وقد نُقش على أحد وجيهيها شعار التوحيد «لا إله إلا الله وحده لا شريك له»، وعلى حافة العملة «محمد رسول الله» ثم الآية الكريمة: (أرسله بالهدى ودين الحق ليُظهره على الدين كله)، وعلى الوجه الثاني كُتب، «محمد رسول الله»، واسم الملك «أوفا» باللغة الإنجليزية، وعلى الحافة الآخرى كُتب «بسم الله».


 

ورغم من أن سك الدينار العربي كان رائجًا في تلك الفترة من الزمان لتسهيل التبادل التجاري مع العرب المسلمين، لكن ما الذي دفع الملك «أوفا ركس» إلى كتابة اسمه واسم مملكته إلى جانب شعار التوحيد؟، كما أن كتابة أسماء باللغة العربية على عملات نقدية غربية كان رائجًا في هذه الفترة، مثل الملك «ألفانسو الثامن» و«فاسيلس ديميتريش»، وبعض أمراء النورمان أمثال «وليام دروجر»، حتى أن الإمبراطور الألماني «هنري الرابع»سكّ اسم الخليفة العباسي «المقتدر بالله»على نقود بلده لإعجابه به، لكن لم يقم أيٌ منهم بكتابة عبارة التوحيد والشهادة على نقود بلده كما فعل الملك «أوفا ركس».