خارج النص

هوامش على دفتر المعرض

أسامة السعيد
أسامة السعيد

معرض الكتاب بالنسبة لى ليس مجرد فرصة لاقتناء الكتب أو حضور الفعاليات الثقافية المتنوعة، لكنه مناسبة لمعانٍ أكبر بكثير، فمنذ كان والدى، رحمه الله، يصر على اصطحابنا ونحن فى سنوات ما قبل المدرسة إلى المعرض نقتنى من الكتب ما نريد، ونضع اللبنة الأولى فى مكتبة البيت الصغيرة، تحول المعرض إلى معنى لفكرة الثقافة والاطلاع وحب المعرفة.


كانت زيارات المعرض السنوية زادا حقيقيا ورافدا لتكوين الشخصية وبناء الأفكار، والالتقاء بأدباء وشعراء ومفكرين وساسة يملأون فراغ العقول بمعارف شتى ومعارف وعلوم لا تقل أهمية - بل أحيانا تزيد - على ما نتلقاه فى صفوف الدراسة.. ومع كل دورة لمعرض الكتاب، كنت أشعر أنه مناسبة شخصية، أدعو الأقارب والأصدقاء لزيارته واصطحاب أطفالهم، وجعل زيارة المعرض مناسبة مبهجة لا تنسى، فالعقول الصغيرة تحتاج إلى غذاء المعرفة حتى تنمو وتنضج، أما العقول التى لا تجد الفرصة لكى تنفتح على معارف العالم وعلومه، فإنها تصبح تربة خصبة لمن يحاول أن يملأها بأفكار ظلامية أو عبثية، يدفع المجتمع كله ثمنها لسنوات وربما لعقود.. وإذا كان البيت - كما ذكرنا فى مقال سابق- الذى يحتوى على مكتبة، يصعب أن تجد به قنبلة، فإن العقل الذى يتحصن بنور المعرفة والتنوع الفكرى والانفتاح سيكون محصنا ضد محاولات الاختراق والتضليل، فبناء العقلية النقدية بات ضرورة أكثر من أى وقت مضى لمواجهة طوفان تخريب العقول الذى يقود بدوره إلى تخريب الأوطان. كلما رأيت طوابير زوار معرض الكتاب ملأنى الأمل، وكلما رأيت حرص الشباب على المشاركة والتفاعل تفاءلت، لكن من المهم أيضا أن نعلم أولادنا كيف يختارون كتابا، وكيف يفرقون بين الغث والثمين من آلاف العناوين التى يحتويها المعرض، وأعتقد أن ذلك هو دور المدرسة فى المقام الأول، فلا يمكن أن يكون الرسم أو الألعاب الرياضية مادة تضاف أحيانا إلى المجموع، بينما الثقافة والقراءة الحرة فى ذيل الاهتمامات التعليمية، فالثقافة مكون أساسى لبناء الشخصية المتوازنة والمعتدلة والمنفتحة والمتسامحة والمبدعة، مهما كان المجال الذى ستتجه إليه.


علموا أولادكم القراءة، وازرعوا فيهم حب المعرفة، وحصّنوهم بالثقافة، فبذلك نبنى إنسانا ناجحا ومجتمعا آمنا.