رؤية شخصية

الطريق لحل أزمة قرية الصحفيين

جميل چورچ
جميل چورچ

جميل چورچ

فى الأسبوع الماضى بدأ الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء عقد سلسلة من الاجتماعات لمتابعة تنفيذ مخطط تنمية الساحل الشمالى.. وكنت قد تناولت على صفحات الاخبار وفى هذا المكان الكابوس الذى يعيشه ملاك قرية الصحفيين «حسن فتحى» عندما استيقظ ٩٠٪ منهم على ارتكاب مخالفات عقوبتها الحبس والغرامة، والتهمة «عمل تراس» فى الفيلا لعدم وجود منفذ لهم عند انشاء القرية منذ اكثر من عشرين عاماً، لأن البديل فى عدم اقامته الجلوس على الرصيف! لذلك طالبت الدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان والمجتمعات العمرانية بالتدخل لإنهاء هذه المخالفات صلحاً بسبب قدمها ولم يقتطع أحد ارضاً من الدولة، أو يحجب الرؤية عن الجار.. أو يشوه الطراز المعمارى.
وبعد النشر تلقيت عددا كبيرا من رسائل القراء والمتخصصين فى شئون الهندسة والفيزياء، الذين يعجبون من اسباب اثارة هذا القلق لملاك تقدم بهم العمر علماً بأن الجدل حول هذا الخلاف حسمه العلم والقانون.. قالوا كيف يعقل إقامة مثل هذا العدد الكبير من القضايا دفعة واحدة وفى توقيت واحد بينما جهاز التعمير يقوم بمهام المراقبة الدورية على مدار العام، وخلال السنوات الطويلة الماضية، وكان يعتبر أن ما تم من الملاك هو تصرف سليم طالما جرى انشاؤه تحت اشراف هندسى منذ ٤ سنوات وأكثر.
وجاء فى نص المادة ١٥ من قانون الإجراءات الجنائية ما يعنى انقضاء الدعوى فى مواد الجنايات بمضى ١٠ سنوات، وفى مواد الجنح بمضى ٣ سنوات وفى المخالفات بمضى سنة ما لم ينص على خلاف ذلك.. علماً بأن القاعدة الاساسية لحساب مدة التقادم يوم وقوع الجريمة، لكن هذا المبدأ يجد استثناء فى الجريمة متتالية الافعال.. وقد استقرت احكام القضاء على ان جريمة البناء بدون ترخيص هى من الجرائم الوقتية المتتالية الافعال، وأن مخالفة البناء لأحكام القانون ليست واقعة مستقلة عن إقامة البناء ذاته بدون ترخيص، وانما هما قرينان لفعل البناء متداخلان فى الوصف القانونى.. وان كل عمل من الاعمال المتعلقة بالبناء أيا كان نوعه هو موقوت بطبيعته، وبسهولة يمكن اثبات ان تلك الاعمال مضى عليها أكثر من ٢٠ عاماً وذلك بالحصول على تقرير فنى يحدد عمر الخرسانة المستخدمة فى المبنى، وهو من إعداد مركز بحوث التشييد التابع «لكلية الهندسة».. ويمكن الحصول على نفس النتائج من «كلية العلوم» تخصص فيزياء اشعاعية، وذلك بمعاينة المبنى لتحديد عمره الإنشائى باستخدام كربون ١٤، والاستعانة بالتفاعلات الكربونية الطبيعية فى التركيبة وتقدير النشاط الإشعاعى.. وهنا يثبت مدى سلامة المبنى وتاريخ انشائه ويحدد مدى صحة المخالفة من عدمها وهى التى يترتب عليها غرامات مالية كبيرة، واحياناً يحسب عليها تهمة استئناف الاعمال لتصل العقوبة إلى الحكم المقيد للحرية «السجن».
حكم النقض ٢١/١٩٥٢/١٠ المحاماة.. واستقر رأى مجلس الدولة على أنه إذا كان العقار آمنا ومستقرا وبه السكان مستقرون بعد ان ادخلوا به المرافق من مياه وكهرباء وهنا لا يجوز الإزالة.. ونص القانون على ان الازالة والإخلاء يجب ان تقضى به المحكمة الجنائية المختصة وليس الجهة الإدارية.
وبالنظر إلى حالة قرية الصحفيين نجد ان معظم وحدات القرية مشغولة بملاكها بعد ان انشأوها من خلال جمعية تعاونية وادخلوا بها المرافق واستقروا بها منذ زمن بعيد، والتراسات التى تم إنشاؤها جرت بموافقة مجلس الإدارة ولم تؤثر على الطابع المعمارى ودون التأثير على الهيكل الانشائى.. علماً بأن الجمعية لها شخصيتها الاعتبارية والمسئولة عن التزاماتها وتعهداتها قبل الغير طبقاً للقانون ١٤ لسنة ٨١.. ويبقى السؤال.. هل تجد هذه القضية صدى لدى رئيس الوزراء وفريق العمل الذى يكلف على حل مشاكل المواطنين بإزالة هذا الكابوس وحسم تعدد القضايا فى المحاكم؟